شكري عبدالغني الزعيتري
يتعرض الإنسان باستمرار لكميات من الإشعاع من مصادر طبيعية وعلى رأسها تلك الإشعاعات التي تصل من مصادر طبيعية إلي جسم الإنسان وتكون في المتوسط الطبيعي لها حوالي (من 900 1250) ملي سيفرت وقد ترتفع إلي (1500) ملي سيفرت (سنويا) لمن يسكنون في مناطق جبلية مرتفعة إذ يزداد تواجد الإشعاع في المناطق الجبلية والتي تتسرب عبر سلسلة غذائية للإنسان والحيوان عن طريق التربة وبالتالي تكون التربة تحتوى علي مستويات طبيعية من الإشعاع وخاصة في المناطق التي تكثر فيها صخور الجرانيت التي تتعرض بعامل الزمان والمناخ لعمليات التعرية لأجزاء من تلك الصخور وتتحول الأجزاء المتعرية من الأتربة لتختلط بتربة الأرض المجاورة لمواقع تواجد تلك الصخور لتكون احد غذاء النباتات الخضرية التي تكون فيما بعد منها سلسلة الغذاء للإنسان والحيوان وتنقل الإشعاعات المتسربة الطبيعية عبر الفم مع الطعام. . . أو تلك المناطق التي تكثر فيها الرمال السوداء. . وأضف إلي ذلك ما يصل إلي جسم الإنسان الذي يتعرض للإشعاع من مصادر صناعية من وسائل التشخيص والعلاجات الطبية وعلي رأسها (أجهزة الأشعة ). . وأيضا الجرعات الإشعاعية الإضافية عندما يجلس الإنسان عند شاشة التلفزيون فترات طويلة أو عندما يتكرر باستمرار السفر في الطائرة. فالإنسان من أكثر الكائنات الحية نباتا أو حيوانا تأثرا بالإشعاع. وآثار الإشعاع لا تتوقف علي مقداره فقط بل أيضا علي مقدار الكتلة الحية التي تتعرض له وبالتالي تحدث آثار صحية ناجمة عن التعرض الإشعاعي الداخلي بدخول مادة مشعة إلى داخل جسم الإنسان عن طريق تلوث المياه أو الغذاء أو استنشاق غازات أو أتربة إشعاعية ويتوقف احتمال حدوث تلك الآثار الصحية على كمية المواد المشعة التي دخلت الجسم ونوعيتها ونوع وكمية الطاقة الإشعاعية التي امتصت في الأنسجة نتيجة تواجد هذه المواد المشعة والذي يؤدى إلي احتمالية وجود الآثار الصحية الناجمة عن دخول مواد مشعة داخل جسم الإنسان. إذ أن الإشعاع بصورتيه الجسيمية (ألفا وبيتا ) والموجبة (غاما واكس ) يملك نمطا واحدا من التأثير في المادة الحية هو (التشرد ) الذي يمكن تبسيطه أيضا علي النحو التالي : بافتراض قيام حزمة إشعاعية عالية الطاقة مثل أشعة (ألفا) مثلا باختراق خلية حية لجسم الإنسان فان ذلك يقود إلي تخريب مكونات الخلية خلال مسار عبور الإشعاع فجزئ الماء في الخلية (وبخلايا جسم الإنسان) وهو المكون الرئيسي للخلية الحية حين يزوره جسيم ألفا (موجب الشحنة ) يقوم جسيم ألفا بسلب إلكترون (سالب الشحنة ) منه مشكلا شاردا موجبا سرعان ما يختل وضع اتزانه مع ما يجاوره ويمكن أن يحدث نفس الشئ لجزئ الحمض النووي (dna ) المتواجد في الخلية الحية لجسم الإنسان والذي هو من مركبات الخلايا لجسم الإنسان أو للمورثات الحيوية إذ تتفكك أو تشوه ليعاد توالدها بصورة هجينة في الأجيال اللاحقة. . ويجدر الإشارة إلي أن جزئيات الحمض النووي (dna ) المتكسرة أو المشوهة بالإشعاع (الجسيمي أو الموجي ) يمكن أن تبعثر المورثات (الكروموزومات) في صور شاذة ما لم يقم الكائن الحي (إنسان أو حيوان ) المصاب بالإشعاع بعزل وتجاوز نتائج مثل هذا التخريب خلال وقت سريع فان جزئ الحمض النووي (dna ) يستمر في تكاثره وهكذا خلال سنوات عديدة فيولد خلايا سرطانية وأوراما قاتلة لجسم الكائن الحي (إنسان أو حيوان). إذ انه من أهم هذه الآثار المحتمل حدوثها التحول السرطاني لبعض الأنسجة التي تتواجد فيها المواد المشعة لفترات طويلة نسبيا داخل هذه الأنسجة. ومن المعروف عمليا إن احتمالية حدوث هذه الآثار المتأخرة تزداد كلما زادت كمية المواد المشعة الموجودة داخل جسم الإنسان وكلما زادت الفترة الزمنية لتواجد هذه المواد المشعة هذا الأمر يجعل موضوع التلوث الداخلي لجسم الإنسان ذا أهمية اجتماعية وبيئية وعلمية وهي الجوانب الهامة جدا في حالة حدوث تسرب إشعاعي إلى مكونات (البيئة ) يصل إلى جسم الإنسان عن طريق المأكل والمشرب أو الجلد في حالة وجود تشققات جلدية لدي شخص يكون قاطن في مكان جغرافي في تلوث إشعاعي
. . . . تابع بالعدد القادم غدا الحلقة الرابعة والعشرون بعنوان( الإشعاعات و الأمراض الوراثية )
Shukri -_alzoatree@yahoo. com