عبدالوارث النجري
نعم لقد توصل طرفا اللعبة السياسية في بلادنا إلى توافق حول تأجيل إجراء عملية الانتخابات النيابية لمدة عامين يتم خلالها إجراء عملية استفتاء وتعديل بعض المواد الدستورية إلى جانب إصلاح السجل الانتخابي وإعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وغيرها، وهذا التوافق الذي توصل إليه أمناء عموم الأحزاب السياسية في الحاكم والمشترك من خلال الحوار هو ما كنا نتمناه وندعو إليه منذ وقت مبكر ومع ذلك فقد بارك الجميع ذلك التوافق بين الأحزاب السياسية، لكن ما يحز بالنفس فعلاً أن كلاً من الحاكم والمعارضة يلهثون وراء تحقيق المزيد من المصالح الحزبية الضيقة والمصالح الشخصية البحتة، في الوقت الذي يعاني الوطن وأبناؤه من الكثير من المعضلات والقضايا المستفحلة التي تزداد سوءاً من عام لآخر، وفي مقدمتها الفساد المالي والإداري الذي أصبح اليوم متجذراً في مختلف المرافق الحكومية، التعليم في بلادنا العام منه والجامعي والمهني لا يبشر بخير ومخرجاته لا تليق بتلك المؤسسات التعليمية العملاقة التي يتم اعتماد موازنة لها تساوي موازنة القوات المسلحة، في الوقت الذي نسمع ونشاهد المعلمين بين الحين والآخر في اعتصامات ومظاهرات وأحزاب للمطالبة بحقوقهم المالية لمسمياتها المختلفة من قانون المعلم والإستراتيجية وطبيعة العمل وغيرها وعلى الميدان نلمس في نفس الوقت المئات من المعلمين المنقطعين إذا لم يكونوا بالآلاف وغيرهم من المعلمين المفرغين بمسميات أيضاً مختلفة منهم الإداريون والمستشارون والموجهون والمشرفون وغيرهم والعملية التعليمية من السيء إلى الأسوء، كذلك هو الحال في قطاع التعليم الفني حيث تمنح الكثير من المعاهد الخاصة التصاريح لمزاولة العمل وهي لا تمتلك أدنى مقومات المعاهد التقنية والفنية من حيث الكادر التعليمي والأدوات التعليمية والفنية وحتى المقرات والإدارات لها وغير ذلك، وهذا هو مستقبل الشباب في بلادنا الذي نعدهم في برامج الأحزاب السياسية حماة الغد وبناة المستقبل وما يرجي في قطاع التعليم يحدث أيضاً في قطاع الصحة والأشغال العامة والتجارة والصناعة والمياه وغيرها، ففي بلدان العالم تتنافس الأحزاب السياسية من خلال وضع برامج إصلاح وطنية تستهدف كافة مشاكل وهموم شعوبهم، وتختلف بشأن تلك القضايا وتتحاور حولها، لكن في بلادنا تختلف الأحزاب السياسية وتظل في خلافاتها للعام والعامين وهكذا بما يخص اللجنة العليا للانتخابات ولجانها وتقاسم الكعكة، فالمعارضة تسعى لاستخدام الشارع للضغط على الحزب الحاكم والحصول على المزيد من التنازلات والامتيازات والحزب الحاكم يظل يراوغ إلى ما قبل نهاية الوقت الإضافي قبيل كل استحقاق ديمقراطي، لكن الوضع الحالي الذي تمر به البلاد لا يتم التطرق إليه في حواراتهم ولقاءاتهم وتوافقهم، فإعلام المعارضة يتحدث عن الكثير من القضايا الحقوقية والتقارير الغربية حول الاقتصاد اليمني ومستقبل اليمن وغيرها من القضايا الهامة، لكن أثناء الحوار تتناسى قياداتهم تلك القضايا الوطنية، حيث أصبحنا نشعر كمواطنين أن طرفي اللعبة السياسية "المشترك الحاكم" مستفيدان في ظل الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني الذي تمر به البلاد، فالمعارضة تريده هكذا حتى تظل تفضح الحزب الحاكم وتحمله مسؤولية ما وصلت إليه الأوضاع في مختلف المجالات والحزب الحاكم الكثير من قياداته تعد من أبرز المشاركين في تردي تلك الأوضاع لما يخدم مصالحها الشخصية البحتة في عالم السرعة والتنافس على الوصول إلى القمة والثراء في بضع سنوات، وهكذا نجد أن الجدية متعمدة من قبل تلك الأحزاب لمعالجة أوضاع البلاد والقضايا الوطنية الملحة التي يتم ترحيلها من عام لآخر في ظل سيناريو حوار الأحزاب والاستحقاقات الديمقراطية وعلى سبيل المثال الفساد المالي والإداري حيث أنشئت لجنة لمكافحة الفساد وصارت هذه اللجنة اليوم بحاجة إلى لجنة أخرى تراقب نشاطها ومهامها اليومية ولا حول ولا قوة إلا بالله.