منيف الهلالي
محافظة صعدة تعيش حالة من الهدوء النسبي يشوبه الحذر من بعض الخروقات التي توحي باحتمالية انفجار الموقف وتجدد المعارك إذا ما استدعت الظروف ذلك.
بينما تتجه الأنظار هذه الأيام صوب محافظة الجوف القريبة منها وهي كما تؤكد بعض الشواهد قد تكون الميدان القادم لخوض لعبة القتل التي تستهوي محترفي التمرد وهواة الإرهاب ومدمني سفك الدماء.
إن الأخبار المتواترة، القادمة من هذه المحافظة، تنبئ وبما لا يدع مجالاً للشك أن طبول التمرد ستلامس مسامعنا قريباً وستنال هذه المحافظة من الدمار والفوضى والعبث والاقتتال ما نالته جارتها "محافظة صعدة" في الأمس القريب، ولربما أشد وأكثر عنفاً، ما لم تتدارك الجهات العليا الخطر القادم، وتعمل على معالجته بالطرق الصحيحة، آخذة في الاعتبار الأخطاء التي حدثت في المحافظة المجاورة، ما دامت تركت الحبل على الغارب.
أنا لست من دعاة الحروب، ولا أتمنى أن تصاب أرضنا الحبيبة بأي مكروه، وإنما سطرت هذه الكلمات البسيطة لعلها وهي تسقط في الفراغ تصدر صوتاً تستشعر صداه آذان صناع القرار فيعملون على إخماد النار التي يراد لها أن تشتعل في هذه المنطقة قبل أن وتلتهم الأخضر واليابس.
كنت قد تحدثت إلى أحد مشائخ الجوف وسألته عن الشعارات التي يرفعها الحوثيون على النقاط المستحدثة في بعض مناطق المحافظة، وعن تفسيره للأنباء التي تناقلتها بعض الصحف، حول المعارك التمهيدية التي تجري استعداداً لحرب مرتقبة بين الدولة والموالين للحوثي؟
فأجاب بعد أن طلب مني عدم ذكر اسمه: أن ما ينشر في الصحف حول الأوضاع في الجوف، لا يعد شيئاً أمام ما تشهده المحافظة من توغل لفلول التمرد الحوثي وتمترس رجاله استعداداً لخوض معارك قادمة، كما أنه تحدث عن فرق تجوب المحافظة طولاً وعرضاً بهدف استقطاب الشباب وشراء ولاءاتهم بطرق عديدة منها المال، وأيضاً الأطروحات التي تسيء إلى الدولة، وتغرس في نفوس العامة الكراهية والحقد للنظام وتدعو إلى التمرد عليه، وقد استغل هؤلاء الفراغ الذي تركته الدولة في هذه المناطق فعملوا على إملائه بهذه الطريقة في ظل صمت رهيب من بعض المشائخ والوجهاء الذين يتمنون انغماس البلاد في أتون حرب كيما يستطيعون من خلالها ابتزاز الدولة والحوثي في آن واحد كما كان عليه الحال في محافظة صعده.
أما بخصوص النقاط المستحدثة فقد تحدث عن وجودها فعلاً وأكد وجود لافتات تدعو على أميركا وإسرائيل بالموت والفناء، وقال بأن هذه اللافتات ترفرف على النقاط نيابة عن علم الجمهورية اليمنية، وفي نهاية حديثه تساءل عن الحقيقة التي تتوارى خلف التجاهل الرسمي للانتهاكات التي تمس أمن الوطن واستقراره وسيادة أراضيه، كما وجه نداءً إلى صحيفة "أخبار اليوم" مطالباً بالنزول الميداني لنقل الصورة الحقيقية للاستعداد القتالي الذي يقوم بها المتمردون في بعض مديريات محافظة الجوف.
عموماً إن كانت الأوضاع بالصورة التي نقلت إلينا فاعتقد أن مخالب التمرد قد امتدت إلى صدر المحافظة وتوشك أن تعبث بأحشائها، وفي ظل هذا الصراخ المدوي يبقى الطين والعجين مطبقان على مسامع الجهات المعنية فلم تحرك ساكناً البتة.
هل تنتظر القيادة العليا حتى يعلن التمرد سيطرته المطلقة على المديريات المترامية بين أحضان الضباب العشائري الملبد بغيوم القبيلة ومن ثم تبدأ المعالجة بالصواريخ والدبابات التي قد تعود بمردود سلبي يؤدي إلى التجييش العشائري القبلي ضد الدولة؟!
أتمنى أن تتنبه قيادتنا الحكيمة للخطر المحدق بمحافظة الجوف، وتعمل على وأده واجتثاث النعرات الطائفية التي يسعى المتمردون من خلال زراعتها في أوساط العامة إلى خلق تحالفات مذهبية تؤدي إلى نجاح المشروع الفارسي التدميري في المنطقة العربية.
almonef 86 @ yahoo.com