بقلم :ممدوح طه
أثناء فترة حكم الرئيس بوش في البيت الأبيض في الأعوام الثمانية الماضية سمعنا عن ثورات برتقالية ووردية وأرجوانية وغيرها من الألوان في بعض بلدان العالم، وخاصة في الجمهوريات السوفييتية السابقة، وأتت هذه الثورات مدعومة ومؤيدة بشكل علني من واشنطن ومبشرة بالحرية والديمقراطية، لكن بمرور سنوات حكم بوش لم تر الشعوب من الأنظمة التي أتت بها هذه الثورات إلا المزيد من الفقر والجوع والانهيار الاقتصادي.
وأشهر هذه الأنظمة النظام الوردي في جمهورية جورجيا والنظام البرتقالي في جمهورية أوكرانيا، هذان النموذجان يعبران بوضوح عن أهداف واشنطن في تصدير شعارات الديمقراطية والحرية لأماكن محددة في العالم من أجل تحقيق وتنفيذ مخططات محددة.
والهدف الواضح في جورجيا وأوكرانيا هو روسيا، فقد دأب النظامان على مهاجمة روسيا وانتقادها وافتعال المشاكل معها، وكان آخر هذه الخطط الطائشة المغامرة الفاشلة للرئيس الجورجي ميخائيل ساكشفيلي في هجومه على جمهورية أوسيتيا الصغيرة في جنوب روسيا مدعوما بسلاح وعتاد من إسرائيل وأوكرانيا وغيرهما.
وهي المغامرة التي ردت عليها روسيا بقوة حاسمة، وأيضا النظام الأوكراني برئاسة فيكتور يوشينكو خاض مع روسيا أزمة الغاز في ديسمبر الماضي بهدف الإساءة لسمعة روسيا كأكبر مورد للغاز لأوروبا، وأيضا فشلت مغامرته.
الآن سمعنا أن الدولتين تخوضان مغامرة أخرى مجنونة وطائشة ضد روسيا سيتضرر منها على الأكثر شعوبهما، حيث طلبت جورجيا سرا من النظام الأوكراني تزويدها بأسلحة محرمة دوليا، ومنها مصائد ألغام ضد البشر والمركبات، وهي الأسلحة التي حرمتها اتفاقيات الأمم المتحدة لعامي 1980 و1997.
وكشفت المصادر الروسية عن لقاءات ومباحثات سرية أجراها مسؤولون جورجيون مع مسؤولين أوكرانيين في منازلهم لاستلام هذه الأسلحة، والهدف من السرية هنا ليس الخوف من روسيا أو غيرها ولكن الخوف من شعبي البلدين جورجيا وأوكرانيا اللذين يرفضان أي مشاكل أو صدامات مع الجارة الكبيرة روسيا التي يرتبطان مع شعبها بروابط صداقة وعلاقات تاريخية وتبادل اقتصادي وتجاري هام، ويعتمدان على روسيا كمصدر أساسي للطاقة لهما.
كما يعمل الملايين من شعبي جورجيا وأوكرانيا في الأسواق الروسية الغنية، ولكن على ما يبدو أن كل هذا لا يهم ألأنظمة الحاكمة المصنوعة في واشنطن والمعدة لتنفيذ مخططاتها تحت شعارات الديمقراطية والحرية الأميركية الزائفة.
المشكلة أن هذه الأنظمة الجاهلة التي تعمل ضد مصالح شعوبها عمدا تعلم جيدا أن شعوبها ستعرف الحقيقة يوما ما وستهب لإزاحتها من السلطة في أقرب فرصة، وعند ذاك لن تنفعها واشنطن ولن تدافع عنها، ومن المؤكد أنها لن تستقبلها على أراضيها، فهكذا تفعل واشنطن دائما مع الأوراق المحروقة من الأنظمة الموالية لها، ولم نسمع عن نظام موالٍ لأميركا أسقطه شعبه واستقبلته واشنطن.