عبدالفتاح البتول
الحديث عن اتفاق الأحزاب السياسية والقاضي بتأجيل الانتخابات والتمديد لمجلس النواب لمدة عامين، حديث ذو شجون وقضية مركبة ومسألة متداخلة، مهما كانت السلبيات والآثار السيئة فلا يستطيع أحد رفض هذا الاتفاق ولا الاعتراض عليه ، وكل ما يمكن قوله التأكيد على تنفيذه بجدية وبروح وطنية، والانتقال فعلاً لا قولاً إلى رحاب الوفاق الوطني والاتفاق السياسي واعتماد الحوار والتواصل كإستراتيجية دائمة لحل المشكلات ومعالجة الأزمات وكبح جماح الصراعات.. وكم كنا نتمنى أن يتم الاتفاق في وقت سابق، بحيث نجمع بين الحسنين، الاتفاق وإقامة الانتخابات في موعدها، لأن التأجيل في كل الأحوال عمل سلبي سيكون له آثار سلبية ونتائج سيئة على العملية الديمقراطية والعمل السياسي، فبسبب الممارسات الخاطئة التي قام بها المؤتمر والمشترك ونتيجة للتعنت والتصلب والمكايدة وصلت الأمور إلى هذه المهلة التي يصبح فيها التأجيل والتمديد حلاً وعملاً كبيراً ، ومع ذلك فإننا مدعوون اليوم إلى النظر إلى نصف الكوب المملوء وإلى الجوانب الإيجابية وتغليب التفاؤل على التشاؤم والأمل والرجاء بأن التوقيع على هذا الاتفاق سيكون مدخلاً لحل الأزمات وتجاوز العقبات والوصول إلى كلمة سواء ، والانطلاق إلى حوار وطني شامل لإعادة ترتيب الأولويات ووضع النقاط على الحروف، وإعطاء كل قضية ومسألة ما تستحقها من الحوار والنقاش والعلاج، وأن يكون الاتفاق والوفاق الوطني سبباً لتراجع المشاريع الصغيرة التنبؤات السيئة والأفكار الضيقة، فلا وجود لوفاق وطني ولا أمن واستقرار ولا سلم اجتماعي مع توسع المشاريع العنصرية والطائفية والمناطقية وكل ما يتفرع عنها من أمراض وعلل ومشكلات تتطلب من كل المواطنين والمخلصين معالجتها والتصدي لها، لأجل ذلك فإن توسيع دائرة ونطاق الحوار والتشاور الوطني ليشمل الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني والعلماء والشخصيات المستقلة وأهل الرأي والحكمة والتجربة، ومن هنا يصبح من المهم التساؤل عن مصير لجنة التشاور التي يرأسها الشيخ حميد الأحمر، وهل الاتفاق الأخير يلغيها أم يشملها، وخاصة أن المشترك أكد ويؤكد على إستراتيجية هذا التشاور، فهل الاتفاق الأخير عمل إستراتيجي، وإذا كان كذلك فلا بد من الجمع بين إستراتيجية التشاور والتوافق،والمطلوب آلية لهذا الجمع والدمج، أما إذا سار الاتفاق في طريق والتشاور في طريق آخر فإن الأمر يحتاج لاتفاق آخر، وإثناء كتابة هذه السطور أطلعت على تصريح للشيخ حميد الأحمر لصحيفة - العاصمة- الصادر يوم أمس السبت قال فيه : إن مسوغات التشاور الوطني ما زالت قائمة ولا علاقة لها بالتوافق على الانتخابات، وأضاف الشيخ حميد: نحن في لجنة التشاور لم نكن معنيين بما بين المشترك والسلطة من لقاءات خاصة بقضية الانتخابات، حتى وأن اطلع بعضنا على مجرياتها.. وحول موقع الحزب الحاكم من التشاور الوطني الذي يجريه- المشترك- قال رئيس لجنة التشاور: بمجرد الانتهاء من التشاور والحوار فإن الدعوة ستقدم إلى المؤتمر ليكون جزءاً من الحوار في مختلف القضايا..
وأمام هذا فالمطلوب من الأطراف المعنية موقفاً واضحاً وحاسماً في هذه القضية وأمثالها، حتى لا تتحول إلى عوائق وكوابح أمام الوفاق والاتفاق، وهل الاتفاق الأخير خاص بالتوافق على الانتخابات وإصلاح النظام الانتخابي وإجراء تعديلات دستورية بخصوص ذلك، أم الاتفاق للإصلاح الوطني والسياسي الشامل، أو على الأقل مدخلاً وباباً لهذا الإصلاح السياسي والتوافق الوطني وإذا لم يتضمن جدول وبرنامج الاتفاق بين المؤتمر والمشترك إيجاد حلول ومعالجات لفتنة صعدة والحراك في المحافظات الجنوبية، فإن الاتفاق ناقص والوفاق غير مكتمل والوطن غير مستقر، تمرد عسكري يتمدد في عدة محافظات، وحراك سلمي يتوسع في عدد آخر من المحافظات.