شكري عبدالغني الزعيتري إن آثار التعرض للجرعات الإشعاعية لا تظهر كآثار واضحة وملموسة وسريعة كظهور الحروق البليغة أو التعرض لتهتك في الجسم بسبب حادث مروري أو أثناء الحرب أو إجراء تجارب تفجيرية وغيرها ... بل قد تكون هناك آثار للتعرض للجرعات الإشعاعية بعيدة الزمن و بطيئة الفعل لا تظهر إلا بعد فترات زمنية طويلة وهذه الآثار البطيئة تنقسم بدورها إلي نوعين احدهما في أجسام مرضى تعرضوا للجرعات الإشعاعية .. والثاني وراثي في الأبناء والأحفاد من أبناء الإباء ممن تعرضوا للجرعات الإشعاعية . فالنوع الأول ينطوي علي زيادة استهداف الشخص الذي يتعرض لإشعاع مرتفع وإن قل عن حد التلف العضوي المباشر للإصابة بالسرطان . والنوع الثاني يتعلق بآثار تنتقل إلي ذرية الشخص المصاب وتعرض لإشعاع عن طريق حدوث (طفرات) في جينات الوراثة في المصاب إذ تحدث الآثار الصحية الناجمة عن التعرض الإشعاعي الداخلي بدخول مادة مشعة إلى داخل جسم الإنسان عن طريق تلوث المياه أو الغذاء أو استنشاق غازات أو أتربة إشعاعية ويتوقف احتمال حدوث تلك الآثار الصحية على كمية المواد المشعة التي دخلت الجسم ونوعيتها ونوع وكمية الطاقة الإشعاعية التي امتصت في أنسجة الجسم نتيجة تواجد هذه المواد المشعة والذي يؤدى إلي احتمالية وجود الآثار الصحية الناجمة عن دخول مواد مشعة داخل جسم الإنسان في أجيال الأبناء والأحفاد والذرية للشخص المصاب والذي تعرض لإشعاع . إذ أن الإشعاع بصورتيه الجسيمية (ألفا وبيتا ) والموجبة (غاما واكس ) يملك نمطا واحدا من التأثير في المادة الحية هو (التشرد ) الذي يمكن تبسيطه أيضا على النحو التالي : بافتراض قيام حزمة إشعاعية عالية الطاقة مثل أشعة ألفا مثلا باختراق خلية حية لجسم الإنسان فان ذلك يقود إلى تخريب مكونات الخلية خلال مسار عبور الإشعاع لجزئ الحمض النووي (dna ) المتواجد في الخلية الحية لجسم الإنسان والذي هو من مركبات الخلايا لجسم الإنسان أو للمورثات الحيوية إذ تتفكك أو تشوه ليعاد تواجدها بصورة هجينة في الأجيال اللاحقة ويجدر الإشارة إلي أن جزئيات الحمض النووي (dna ) المتكسرة أو المشوهة بالإشعاع (الجسيمي أو الموحي ) يمكن أن تبعثر المورثات (الكروموزومات) في صور شاذة ما لم يقم الكائن الحي (إنسان أو حيوان ) المصاب بالإشعاع بعزل وتجاوز نتائج مثل هذا التخريب خلال وقت سريع فان جزئ الحمض النووي (dna ) إذ تنتقل الجينات المشوهة إلي أجيال الأبناء والأحفاد ويستمر في تكاثرها وهكذا خلال سنوات عديدة قد تتولد خلايا سرطانية وأوراما قاتلة في جسم (إنسان ) من أجيال الأبناء والأحفاد وذرية الشخص المصاب (الأب أو الأم ) . إذ انه من أهم هذه الآثار المحتمل حدوثها التحول السرطاني لبعض الأنسجة التي تتواجد فيها المواد المشعة لفترات طويلة نسبيا داخل هذه الأنسجة. ومن المعروف عمليا إن احتمالية حدوث هذه الآثار المتأخرة تزداد كلما زادت كمية المواد المشعة الموجودة داخل جسم الإنسان وكلما زادت الفترة الزمنية لتواجد هذه المواد المشعة هذا الأمر يجعل موضوع التلوث الداخلي لجسم الإنسان ذا أهمية اجتماعية وبيئية وعلمية وهي الجوانب الهامة جدا في حالة حدوث تسرب إشعاعي إلى مكونات البيئة يصل إلى الإنسان عن طريق المأكل والمشرب ولهذا فان مخاطر الإشعاع أمر يثير الرهبة في النفوس لأنه شئ غير محسوس من ناحية ولأن آثاره علي المدى الزمني البعيد مبعث خوف في الإنسان من ناحية ثانية . ولننظر اليوم في أبعاد الأضرار التي نجمت عن حادثة إلقاء القنبلة النووية الأولي علي مدينة هيروشيما اليابانية في 6 أغسطس 1945م . وحادثة إلقاء القنبلة النووية الثانية علي مدينة نازاكي اليابانية في تاريخ 9 اغسطس1945م واللتان أديتان إلي وجود مواليد مشوهين من ذرية الآباء والأمهات من اليابانيين ممن تعرضوا حينها لقصف القنبلتين النوويتين... كما لان المخاطر من التعرض للإشعاع يتجاوز في الانتشار الجغرافي لأثاره فلننظر أيضا اليوم في أبعاد الأضرار التي نجمت عن الحادث لذي وقع في مفاعل (تشرنوبيل ) والذي كان مصدر الخطر الذي امتد بدرجات متفاوتة شمالا إلي اسكندنافيا وغربا إلى أواسط أوروبا وجنوبا إلى الشرق الأوسط وشرقا داخل بعض جمهوريات الاتحاد السوفيتي (سابقا ) وقد جاء الخطر من المواد المشعة التي تطايرت في الجو وحملتها التقلبات الجوية وهبوب الرياح التي حملت المواد المشعة المتطايرة عن حادثة انفجار مفاعل (تشرنوبل ) إلى تلك المناطق خارج حدود جغرافية للمنطقة التي انفجر فيها المفاعل النووي ( تشرنوبل ) في يومي 25 , 27 ابريل سنة 1986م فمثلا لم تظهر في الكويت إلا يوم 3 مايو 1986م . .... تابع بالعدد القادم غدا الحلقة الخامسة والعشرون والأخيرة بعنوان( إجراءات السلامة والأمن بالجمهورية اليمنية المقترح اتخاذها تجاه أي احتمالات للتعرض للإشعاعات و مخاطرها وآثارها).<
Shukri -_alzoatree@yahoo.com
