شكري عبدالغني الزعيتري
إن اليمن تمتلك تنوع جيولوجي متميز في منطقة شبه الجزيرة العربية هذا التنوع يعطي إمكانيات لتواجد خصائص لبيئات جيولوجية متعددة ملائمة لاحتضان الرواسب الفلزية والتي منها ( صفة الإشعاع ) وخاصة العناصر النووية. . وقد قامت شركات أجنبية منها شركة (توتال) وغيرها وبالاشتراك مع الهيئة العامة للاستكشافات بزيارات ومسوحات ميدانية متواضعة لمناطق يمنية للبحث عن العناصر المشعة الممكن تواجدها ضمن الصخور أو عروق لبعض من خامات اليورانيوم وقد أكدت نتائج تلك المسوحات المتواضعة وجود تركيزات للعناصر المشعة في مناطق معينة وتلك المناطق اعتبرتها أكثر المناطق تشجيعا للبحث وإجراء المسوحات الجيولوجية للتمعدنات الفلزية والتي حتى الآن لم تحظي بالدارسات الكافية ومن هذه المناطق : موقع الحامورة (المنطقة الجنوبية تعز ) ومنطقة صعده (المنطقة الشمالية والشمالية الشرقية صعده الجوف ) وموقع جبن (المنطقة الجنوبية الشرقية البيضاء / مارب ) ومنطقة ماوية (شرق مدينه تعز ) ومنطقة الصبيحة (جنوب شرق تعز ) ومنطقة الجوف (المنطقة الشمالية الشرقية )، تكوين كحلان و تكوين الطويلة ومجموعة عمران. . . كما وضحت المسوحات الأولية وجود انتشار الرمال السوداء والتي تتواجد في خليج عدن وشواطئ البحر الأحمر خاصة في المنطقة الواقعة علي بعد( 30 40 كم ) شمال مدينة الحديدة (المصدر بحث مقدم من مشارك في دورة (الخامات الذرية في الوطن العربي ) للأستاذ المهندس الجيولوجي / جمال عبدالجليل الزعيتري تنظيم الهيئة العربية للطاقة الذرية تونس بالفترة من 27 29 /12/1993م. وكون التضاريس في اليمن تحتوى علي سلاسل جبلية طويلة وزيادة انتشار مرتفعات الجبال. وايضا وقوع اليمن علي بحرين الأحمر والعرب وبالتالي امتداد الشواطئ اليمنية علي مسافة ألفي كيلومتر ). فان ذلك كله يتطلب العناية الفائقة من قبل الحكومة وعبر هيئة متخصصة لإجراء مسوحات ودراسات حول الظاهرة الإشعاعية وتحديد مدى تواجدها في مناطق جبلية لغرض الوقاية من أضرارها. . . وهنا ومن وجهة نظرنا الشخصية نري أهمية أن تسعي الحكومة اليمنية إلي تحقيق ما يلي :
(1) سن وتشريع القوانين التي تجعل من الرقابة المشددة فاعله تجاه حماية البيئة والناس في اليمن من أي تعرض لتلوث إشعاعي قادم من بلدان أخري وبحيث تكون رقابه محكمه وبما يؤدي إلي وقاية فعالة للوطن اليمني والمواطنين وبالشكل العلمي الذي يتناسب مع تزايد المعدل العالمي لاستهلاك مصادرها من المواد المشعة ومخلفاتهما من التلوث والذي يصل إلي أكثر من اثنين مليون طن من اليورانيوم الطبيعي الخام المستخرج من المناجم في بلدان العالم والمستغل من قبل الدول النووية. . ومما لا شك فيه بان تلك الدول النووية تستهدف بلدان العالم الثالث لدفن في أراضيها المخلفات النووية تحت ممارسة ضغوط سياسية أو اقتصادية أو تقديم إغراءات اقتصادية لبعض دول العالم الثالث مقابل قبولها دفن المخلفات النووية في أراضيها الأمر الذي يؤدي إلي تعرض سكانها للإشعاعات وأضرارها
(2) رفض اليمن لأي مطالب قد تأتي من دول كبري لاستيعاب المخلفات الكيميائية والمواد المشعة وأي مخلفات نووية مهما كانت الإغراءات أو الضغوط حيث قد سبق أن قبلت اليمن دفن كميات من المواد التي قيل أنها مخلفات كيميائية لمبيدات حشرية سنة 1990م واتضح للحكومة اليمنية فيما بعد بأنها ليست مواد لمخلفات كيميائية لمبيدات حشرية وإنما مواد أخري تستدعي التخلص منها فورا ولم توضح حينها اللجان التي عملت علي فحصها ما هيئة تلك المواد إن كانت مخلفات لنفايات نووية أم كيميائية وقد لوحظ في تلك الفترة ارتفاع نسبة المصابين بإمراض السرطان وانتشار وباء الاسهالات في الكثير من المديريات والقرى والمدن التي دفنت بجوارها تلك النفايات الكيميائية التي قيل عنها أنها لمبيدات حشرية جاءت من دولة أوروبية صناعية كبري مقابل إغراءات لمعونات قدمت للحكومة اليمنية حينها وقد كان حينها معظم الضحايا من الأطفال بحيث ارتفعت نسبة الوفيات إلى (131) طفلا في كل (مائة ألف ) طفل في حين كانت وحسب إحصائية منظمة الصحة العالمية عام 1990م متوقفة عند مائة طفل حالة وفاة في كل (مائة ألف ) طفل. (المصدر مقالة بعنوان النفايات والسرطان علي ناجي الرعوي صحيفة الجمهورية العدد (8429) الصادرة يوم الأربعاء الموافق 29/ 7/ 1992م).
(3) تفعيل عمل لجنة الطاقة الذرية وتوسيع اختصاصاتها والتي ترتبط حاليا برئاسة الوزراء بان يتم توسيع صلاحياتها واختصاصاتها وكادرها الفني والعلمي والإداري واعتماد لها الموازنة المالية وبما يفي ويكفي تحقيقها للمهام والاختصاصات الهامة لصالح حماية البيئة والسكان والوطن من أي احتمالات التعرض لإشعاعات ومواد مشعة ونووية بحيث يتم توسيعها ونقترح بان يكون هذا من خلال إنشاء وتأسيس هيئة تحمل اسم ( الهيئة اليمنية للطاقة الذرية وحماية البيئة والسكان من أضرار المواد النووية والمواد المشعة ) وبحيث تكون هذه الهيئة متخصصة لإجراء الأبحاث وتنفيذ المسوحات الجيولوجية الميدانية والتحاليل ومرتبطه مباشرة برئاسة الجمهورية وبحيث تتولي هذه الهيئة أيضا كافة الاختصاصات التي تكفل حماية البيئة والسكان من خلال الرقابة المشددة والوقاية من أي احتمالات التعرض للإشعاعات والمواد المشعة (أرضا وسكانا) والتي قد يكون مصادرها قادم من خارج البلد أو من سوء المعرفة والجهل أو الاستخدامات في الداخل لمواد ولسلع ملوثة بإشعاعات. فمثلا يكون من ضمن اختصاصات هذه الهيئة مايلي : (أ) القيام بالمسوحات الجيولوجية الميدانية لاستكشاف وتقدير الخامات الذرية في اليمن وتحديد المواقع ومناطق الشواذات والمؤشرات الإشعاعية والتي يتوقع وجود فيها صخور تحتوى علي معادن اليورانيوم أو انبعاث إشعاعات منها (ب) إجراء القياسات الإشعاعات لمعرفة مقدار الجرعات التي يمتصها السكان في المناطق التي يتواجد فيها ظواهر النشاط الإشعاعي الطبيعي ( سنويا) وتحديد المعدلات الطبيعية التي يمكن لجسم الإنسان اليمني قبولها في اليمن بشكل عام وما اعلي من ذلك يتم تحذير وتوعية السكان القاطنين بجانب تلك المناطق للابتعاد من السكن بجوارها (ت) تنفيذ حملات التوعية الجماهيرية حول الأضرار للتعرض للإشعاعات ومصادرها وكيفية الوقاية منها كمثلا يحدث تراكم غازات الرادون في المنازل والمساكن بسبب انتشار استخدام البناء بالصخور والأحجار التي تحوي بعضها علي حوامل متحللات اليورانيوم والثوريوم الطبيعي وينصح هنا تهوية المنازل وفتح النوافذ باستمرار لخروج غاز الرادون وعدم تراكمه في المنازل المسكونة خاصة المبنية من صخور تحتوى علي نسب من الجرانيت أو علي حوامل متحللات اليورانيوم والثوريوم الطبيعي (ث) إنشاء وتأسيس مختبرات مركزيه مجهزه بكافة الأدوات والمعدات للازمة و تكون خاص بالمواد المشعة أو الملوثات وعلي أن تتولي تنفيذ البحوث والدراسات و إجراء التحليلات لعينات من السلع التي يقوم باستيرادها تجار من بلدان التصنيع والإنتاج وشركاتها و التي تهمل إجراءات السلامة والوقاية من الأضرار الإشعاعية قبل إعطاء التجار التراخيص باستيراد تلك السلع الملوثة بالإشعاعات من تلك دول المصنعة والتي قد تكون تعرضت لتلوث إشعاعي بسبب تفجيرات التجارب النووية فمثلا : (1) إجراء التحليلات والفحوصات لعينات من السلع لمواد غذائية والتي يكون مشكوك في أن بلدانها المصنعة قد تعرضت لتلوث إشعاعي وخاصة (الألبان ومشتقاتها ).
(2) إجراء التحليلات والفحص لعينات من السلع التي تستخدم لأغراض الزراعة مثل (الأسمدة وخاصة السماد الأحمر الإسرائيلي الذي هو مجهول هوية بلد التصنيع والمواصفات غير مدونه علي العبوة ويدخل عبر طرق غير شرعية وهذا النوع من السماد يلوث الأرض وتربتها ويمرض الإنسان ويقتله حيث وانه يحتوى علي عناصر خطيرة متعددة و أخطرها الكاميوم والرصاص والنحاس والمبيدات والبذور ) وغيرها. . . والتي يكون مشكوك في أن بلدانها المصنعة قد تعرضت لتلوث إشعاعي أو تتعمد التصنيع بوجود معرفه لديها بحجم المخاطر والتعرض للتلوث الإشعاعي
(3) صياغة مشاريع قوانين ولوائح نووية للحماية من الإشعاعات والترخيص للأنشطة وإحكام حالة الطوارئ الإشعاعية وأمان نقل المواد المشعة والمسؤولية المدنية ورفعها إلي مجلس النواب ورئاسة الجمهورية لإقرارها
(4) تنفيذ كافة القوانين والتشريعات التي ستصدر عن مجلس النواب بشان حماية البيئة والسكان من أي تلوث إشعاعي
(5) الاستفادة من القوانين الدولية التي تحمي البيئة والسكان من مخاطر التلوث الإشعاعي وأيضا من المعاهدات الدولية علي سبيل المثال (( معاهدة لندن لحظر رمي المخلفات النووية وثيقة 75م )) وآخر (( اتفاق لندن لحظر رمي المخلفات النووية بين أربعين دوله نووية وثيقة 93م ))
(6) السعي نحو المشاركة الفاعلة في أنشطة التعاون العلمي والتكنولوجي مع الهيئات الدولية كالهيئة العربية للطاقة الذرية والوكالة الدولية للطاقة الذرية وهيئات رسمية تابعة لبلدان نووية وذلك لإقامة البنى الارتكازية الأساسية لبرنامج الاستخدامات النووية السلمية وحماية البيئة من أضرار التعرض للإشعاعات
(7) بناء وتكوين كادر وطني علمي وفني ومهني متخصص في شئون الطاقة النووية والاستخدامات السلمية وحماية البيئة من أضرار التعرض للإشعاعات والعمل علي صقلهم بالتدريب ومن خلال ربطهم في برامج تدريبية في مختلف العلوم والتقنيات النووية التي تنظمها الهيئات الدولية المتخصصة أو يمكن منحها من دول نووية متقدمة علي أن تضم هذا الهيئة تجميع أفضل كوادر علميه وفنيه من ذوي الكفاءات الوطنية المتواجدة في الوطن وفي مختلف الجامعات اليمنية و المرافق الحكومية المناظرة ذات العلاقة أو التي هي ذات علاقة بالاستخدامات السلمية للطاقة النووية (كوزارة النفط ووزارة الكهرباء ووزارة الصحة ووزارة الزراعة ووزارة الصناعة ووزارة التموين والتجارة. . . الخ ) إن توافرت لديها كوادر متخصصة علميا. ما لم يتم الاستعانة بالجامعات وخريجيها من أوائل الطلبة ذات نفس علوم مجالات الاختصاص في جوانب من شئون الطاقة النووية والعمل علي صقلهم وتدريبهم لتأهيلهم عمليا للمستقبل القريب
(8) بناء قاعدة بيانات للمعلومات النووية والاستخدامات السلمية ونتائج الدراسات والبحوث الجيولوجية والفيزيائية والكيميائية وغيرها ذات العلاقة بشئون الطاقة النووية
(9) التنسيق مع وزارة الداخلية وخفر السواحل لحماية المياه الإقليمية اليمنية من أي محاولات تلويثها برمي مخلفات نووية كما يحدث اليوم في سواحل الصومال.
(10) دراسة مدي تضرر السواحل اليمنية والإحياء البحرية التي يستفيد منها السكان اليمنيين وقد تكون تعرضت لتلوث إشعاعي انتقلت من السواحل الصومالية إلي السواحل اليمنية وأحياءها البحرية ومقاضاة الدول الفاعلة أمام المحاكم المختصة الدولية.
علي أن تنشأ في هيكلية( الهيئة اليمنية للطاقة الذرية وحماية البيئة والسكان من أضرار المواد النووية والمواد المشعة ) دوائر متعددة تكون ذات اختصاصات علمية وفنية مثلا : كدائرة المواد المشعة و تتضمن شعب أكثر دقة في التخصص وتسمي كل شعبه باسم العنصر المشع الذي تتخصص في متابعة كافة متعلقاته وجوانبه ، ودائرة الوقاية الزراعية، ودائرة الوقاية الغذائية، ودائرة الوقاية الطبية، ودائرة المختبرات ، ودائرة المخلفات النووية ، ودائرة المسح الجيولوجي، ودائرة التوعية الثقافية والإعلامية، ودائرة البحوث والدراسات الإستراتيجية النووية، وغيرها من الدوائر اللازمة وكل دائرة تتضمن شعب أكثر تخصص. . . تابع بالعدد القادم غدا الحلقة السادس والعشرون والأخيرة بعنوان(معالجة الوقود المحترقة والنفايات ومخلفات الوقود النووية والمواد المشعة )
Shukri -_alzoatree@yahoo. com