شكري عبدالغني الزعيتري
مع استمرار تشغيل المفاعل النووي تتراكم نواتج الانشطار في عناصر وقضبان الوقود هذه النواتج لا تساهم في العملية الانشطارية وتحتوى علي عناصر شرهه لامتصاص النيوترونات مما يؤثر علي استمرار سريان الانشطار بالمعدل المطلوب بل قد يؤدي إلي توقف عملية الانشطار التلقائي ذاتها فيما يعرف باسم تسمم المفاعل ولتلافي ذلك ترفع أعمدة الوقود المحترق من المفاعل لفترة طويلة قبل حرق كامل الوقود بالعناصر. وقضبان الوقود المحترقة ذات نشاط إشعاعي بالغ العلو لدرجة تستوجب تخزينها في أحواض وأماكن تخزين خاصة بها داخل المحطة النووية لمدة قد تصل إلي عدة سنوات ويحتوى الوقود المحترق على وقود لم يشترك في الاحتراق وعلى مواد أخري نافعة ذات قيمة تبرر إعادة المعالجة للحصول عليها ويتم ذلك بإرسالها إلي منشات إعادة المعالجة حيث يستخلص ما تبقي من مواد انشطارية نافعة لإعادة الاستخدام في دورة الوقود وكذا لاستخلاص بعض نواتج الانشطار لاستخدامها في الأغراض العلمية والتطبيقية المختلفة. وينتج عن عملية إعادة معالجة الوقود النووي المحترق نفايات غازية وسائلة وصلبه بكميات مختلفة وتطلق منشات إعادة المعالجة جزءا كبيرا من نفاياتها (الغازية والسائلة ) إلي البيئة بينما تحتفظ بالباقي وبالنفايات الصلبة للتخزين طويل المدى. وتعالج النفايات السائلة متوسطة وعالية المستوى كمثيلاتها من محطات القدرة النووية ويجري تركيز النفايات عالية المستوى إلي إحجام مختلفة وحفظها في خزانات من الصلب في موقع المنشأة لمدد زمنية طويلة قد تزيد علي عشرة سنوات. هذه الخزانات يتراوح حجمها بين (50 و 500 م3) وهي خزانات ثنائية الجدران محاطة بتدريع تقيل من الخرسانة وبتجهيزات للتبريد للتخلص من غازات التحلل ومراقبة النشاط الإشعاعي ومستوى السائل بالخزان. ويتطلب تخزين هذه الخزانات ومراقبتها اهتماما خاصا حيث تدل التجربة انه من بين (198 خزانا خزنت في منشات ثلاث لإعادة المعالجة بالولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة (1943 1973م) حدث تسرب من (20) خزانا (بواقع 10% من الخزانات ) وبلغ ما تسرب إلي الأرض من نشاط إشعاعي (190) كيلوكوري من السيزيوم137. كذلك يتم تخزين النفايات السائلة متوسطة المستوى التي تحدث نتيجة العمليات الكيميائية المختلفة في خزانات من الصلب تخضع لمتطلبات اقل صرامة والنفايات السائلة منخفضة المستوى التي لا يتم تفريغها إلي البيئة يجري تركيزها وتثبيتها في الاسمنت أو البيتومين وحفظها في أماكن تخزين خاصة. أما النفايات الصلبة فيجري تخزين المستويات المنخفضة منها في خنادق علي عمق (5 8) أمتار من سطح الأرض. ويتم ذلك في مناطق جافة (صحراوية ) منعزلة مراقبة من حيث المياه الجوفية وتستخدم هذه الخنادق في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة البريطانية وفرنسا حيث يجري التخلص من عشرات الآلاف من الأمتار المكعبة من النفايات سنويا. وقد اكتشفت حالات تسرب للمواد المشعة إلي المياه الجوفية وذلك في منشأة (ماكسي فلاس ) بالولايات المتحدة الأمريكية. ويتم تخزين طويل الأمد للنفايات المشعة عالية المستوى بتثبيتها في مركبات عالية الاستقرار ثم تعبأ في اسطوانات من الصلب الذي لا يصدأ محاطة بالرصاص ومغلقة بالتيتانيوم لمقاومة عوامل التعرية لمدد تصل إلى مئات السنيين وتخزن بعد تبريدها مده كافية قد تصل إلي (40) سنه في باطن الأرض في تركيبات جيولوجية ملائمة مثل الصخور النارية. الصخور الجرانيتية، الطبقات الصمغية، تركيبات الملح الصخري، قاع المحيطات. . . هذا وفي الأخير لا يسعني إلا أن أتقدم ببالغ الشكر والتقدير للأستاذ المهندس الجيولوجي / جمال عبدالجليل الزعيتري المتخصص في المواد المشعة و الخبير في شئون الطاقة النووية مدير مشروع المواد المشعة بوزارة النفط والمعادن الجمهورية اليمنية (صنعاء). تمكيننا لبحوث ومراجع علمية صادرة عن المركز الإقليمي للنظائر المشعة بالشرق الأوسط. . ومن الهيئة العربية للطاقة الذرية. . ومن هيئة المواد النووي في القاهرة. . ومن المنظمة الدولية للطاقة الذرية وعن غيرها. . . والتي أفادتنا لانجاز كتابة سلسلة مقالاتي هذه و حملت عنوان رئيسي (من خفايا الطاقة النووية ) وعلي إسهامه العلمي أيضا وجهوده معنا بالمراجعة العلمية لما ورد في الحلقات (الخمسة والعشرون ) الحلقة لهذه السلسلة. ولكي نصل إلي تعريف القراء بشئون من الطاقة النووية والإشعاعات قمنا بالكتابة بصياغة وبأسلوب (سردي) يبتعد عن القوالب العلمية البحتة والجافة والمفاهيم والمصلحات العلمية ومعادلاتها وذلك لتبسيط وبشكل يكون مفهوم ومتسلسل للقراء و ليسهل التعاطي مع الطرح لما كتبناه عن الطاقة النووية (وهو قليل من علم واسع وخفي محتكر ).
Shukri -_alzoatree@yahoo. com