بقلم :ممدوح طه
اعترفت «تسيبي ليفني» رئيسة حزب كاديما الصهيوني بما أرادت أن تنفيه بشأن عنصرية الكيان الصهيوني، حينما أشادت بحرارة بالقرار الأميركي الأخير بالانسحاب إلى جانب إسرائيل من مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة التمييز العنصري والذي يشهد حضوراً دولياً رسمياً وحقوقياً عالمياً مكثفاً كلما انعقد في مدينة «ديربان» بجنوب إفريقيا.
وإذا كانت إسرائيل تخشى المشاركة خوفاً من إدانتها لانكشاف سياستها العنصرية والعدوانية، فهل تخشى أميركا المشاركة خوفاً من إدانة العبودية ومطالبتها بالاعتذار والتعويض للأفارقة الذين استعبدهم الرجل الأبيض في أميركا في الماضي، أم هي مجاملة للكيان للصهيوني؟
إن تل أبيب بتصريح ليفني، وواشنطن بقرار عدم المشاركة، كشفتا للعالم بما لا يدع مجالاً للشك أن إسرائيل العنصرية وأميركا التي تغطي عنصريتها يناهضان مناهضة العالم للعنصرية، ويكشف أيضاً أن إسرائيل بفوز اليمين المتطرف الذي لا يخفي نزعاته العنصرية ضد المواطنين الفلسطينيين العرب في فلسطين المحتلة، والذي يلوح مسؤولوه بطردهم إلى «الدولة الفلسطينية»، والذي قرر أخيراً هدم بيوت المواطنين العرب في حي «سلوان» بالقدس، إنما تمارس أسوأ أنواع العنصرية، وهى التمييز على أساس الدين.
إن موافقة بعض قواها السياسية في حزبي العمل وكاديما بزعامة «ليفني» وخلافهما مع «نتانياهو» على إقامة «دولة فلسطينية» إنما يهدف إلى إقامة «دولة يهودية نقية» قائمة على التطهير الديني للمسلمين والمسيحيين والعرقي للعرب غير اليهود، وما يظهر الآن بوضوح أكثر للعالم، ظاهر لنا منذ البداية لكنه فرض نفسه على العالم في العام 1975 حين قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن «الصهيونية شكل من أشكال العنصرية».
غير أن جورج بوش الأب في 1991، طلب اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة لإلغاء قرارها لعام 1975 القاضي باعتبار الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية، وبعدها طلب جورج بوش الابن، في 2001 عدم إدراج الموضوعين المتعلقين بالصهيونية وبالرق والتعويضات والاعتذار عنه في جدول أعمال مؤتمر ديربان.
مؤتمر ديربان الدولي لمكافحة العنصرية في دورته السابقة ببيانه الذي خالف رأى الغالبية بصياغته التي خلت من إدانة العنصرية الصهيونية عكس ميزان القوى السياسي والثقافي حينها، مثلما عكس اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1991 صورة للوضع الدولي في حينه، أما الآن خصوصاً بعد تولي رجل قانون عانى جده وأبوه من العنصرية على أساس اللون وهو الرئيس «باراك حسين أوباما» رئاسة أميركا، وبعد العدوان الهمجي اللا إنساني الصهيوني على غزة، فإن الوضع الدولي المناهض للعنصرية والعدوان بات أكثر قوة.
لقد تقدمت أكثر من ثلاثة آلاف منظمة غير حكومية في «ديربان» 2001 بوثيقة أدانت الصهيونية بالعنصرية، فهددت الدول الأوروبية وأميركا وإسرائيل بالانسحاب، وانقسمت المواقف العربية كالعادة بين معتدلين وغير معتدلين حول ما سمي الحفاظ على وحدة المؤتمر سبباً في الخروج ببيان غير قوي، والاكتفاء بإدانة السياسات والممارسات الإسرائيلية من دون وصفها بالعنصرية. لكن إسرائيل الصهيونية تخشى اليوم وحدة العالم في مواجهة عدوانها وعنصريتها.