كروان عبد الهادي الشرجبي
قد تسد كل سبل الحوار بين الآباء والأبناء على الرغم من أن الأبناء يعتبرهم الآباء فلذات أكبادهم الذين فنوا شبابهم وحياتهم في سبيل إسعادهم إلا أنهم في لحظة غضب أيدي الآباء تمتد عليهم بالصفع أو اللكم وأحياناً أخرى باستخدام ما تيسر من أدوات الضرب المتاحة، على أمل أن يقوم الضرب اعوجاجهم، ويعيدهم إلى الصواب على الأقل، هذا من وجهة نظر الآباء.
لكن الضرب عند بعض الآباء قد يتخذ شكلاً عصبياً، كما لو أنه نابع من نوبة جنون بحيث يلحق الأب أو الأم من دون أن يعي أو تعي أذى جسدي ويمضي في حال سبيله ولكنه قد يخلف أذى نفسياً بالغاً يحمله الابن أو الابنة في الذاكرة طوال العمر.
إذاً لماذا نضرب أولادنا في الأساس؟
نعجز أحياناً كثيرة عن إيجاد السبب، فالأم مثلاً تستعمل الضرب دائماً كوسيلة لعقاب أبنائها علماً بأنه ما من مخلوق على وجه الأرض يمكن أن يحب أطفالها أكثر منها ولكن المسألة تتعلق بمدى قابلية الأم على ضبط أعصابها، فعلى سبيل المثال تستيقظ امرأة في الصباح الباكر وتعمل على إنجاز كل مهامها المنزلية التي لا تنتهي لتكتشف أن كل جهدها ضاع سدى؛ لأن الأولاد بكل بساطة قاموا بالعبث بالمنزل وبعثروا ألعابهم في كل ركن من أركانه، فحين ترى الأم أن تعب النهار قد راح هباءً وأنهم حرموها من الراحة بفعلهم هذا هنا لا تستطيع أن تتمالك نفسها من الغضب والقهر، فتنقض عليهم لتضربهم دون وعي منها هذا بالنسبة للأم، والأب مثلاً يريد أن يرى ابنه أفضل الناس وإذا ما قصر الابن يندفع إلى معاقبته ففشل الابن يعكس فشل الأب وإخفاقه في التربية وهذا ما لا يقبله الآباء.
لا شك في أن موضوع الضرب واستخدام الآباء العنف الجسدي مع الأبناء يعتبر أسلوباً تربوياً قديماً ولكن للأسف لا يزال الكثير من الآباء يعتقدون أنه الأفضل لتوصيل ما يريدون توصيله إلى عقول الأبناء، كما يعتبرونه أسلوباً نافعاً للردع والمنع.
إن الضرب لا يعد الوسيلة التربوية التأديبية المثلى فمع كثرة اللجوء إليه سيعتاد الأبناء عليه بحيث يصبح جزءً من علاقتهم بآبائهم ومع الأيام يفقد الضرب قيمته أو الهدف منه فلا يعد الأبناء يحسبون حساباً للضرب "فهي علقة تأتي وتروح".
لذا على الآباء اللجوء إلى وسيلة تأديبية أخرى منها حرمان الأبناء من أشياء يحبونها فهي وسيلة تأديبية أفضل من الضرب، ثم إن الضرب لن يجعله يرتدع عن تكرار الخطأ.
KARAWAN2001@HOTMAIL.COM