شكري عبدالغني الزعيتري
في زمننا الرديء. . زمن التراجع للأخلاق ومصداقية التعامل مع الآخرين لدي كثير من الناس. زمن أصبح فيه مبتغي ومطلب كثير من البشر المال والسلطة فتراهم يلهثون وراء هذا لهثا دون اعتبار لإنسانية أي إنسان أو للسواد الأعظم من أبناء شعوبهم. والأمر من هذا أن يأتي ذلك التراجع في صدق التعامل من صفوة في المجتمعات وبعدها يضطر عامة المجتمع أن يتقبل أخطاء صفوته ومغالطاتهم وأكاذيبهم. لان الشعب عادة يكون مغلوب علي أمرة. ونسأل : لماذا الشعب مغلوب علي أمره. . ؟ فنجيب بالقول أولا : لأنه يوضع تحت القوة ويلوح لعامة من البسطاء أهل الحق باستخدام القوة ضدهم في حالة وجود أي نقد أو مطالبة لإصلاح حال ويبدءا استخدام القوة بممارسة مقدمات لها كأساليب وأدوات ضغط تتم علي كل من يبدي رأي مخالف لتوجهات ورغبات الصفوة : ابتداء بالتعسف الوظيفي والحرمان من الحقوق المالية حتى الوصول إلي السجن والتعذيب وانتهاء بالتصفية الجسدية إن لزم الحال. وكثيرا ما حدث في الماضي وفي كثير من الدول العربية وثانيا : لأنه يعيش حالة التعتيم عن حقائق الأمور والسعي إلى تجهيله بالجهل وإفقاده الوعي السياسي وللسواد الأعظم من الشعب. ولهذا تري صفوة يلهثون وراء السلطة والمال دون اعتبار لعامة مجتمع أو لقيم مجتمعية أو أخلاق عامة أو مبادئ يكون قد تم الاتفاق عليها واقرها الجميع (خاصة وعامة) فلا تبالي صفوة حكم وسلطة وسياسة بتجاوزها لذلك كله. ولا تبالي بعقد اجتماعي تم بين الحاكم والمحكوم وحدد فيه فترة زمنية يحكم فيها الحاكم المحكوم. وهنا نقصد بالعقد (الدستور ). فقد اروي لي قصة. إذ حكي لي احد الأصدقاء الأفاضل قصة لمدير قسم شرطة في نطاق منطقتهم الجغرافية قال لي سردا للقصة : في منطقتنا يوجد مدير قسم شرطه كان إن حضر إليه احد المواطنين يشتكي بآخر فان كان المشكو به ذي فقر (حراف طفران ) كما يقال لدينا اليمنيين باللهجة الدارجة العامية. حرر مدير قسم الشرطة أمر خطي لأحد من جنوده التابعين لقسم شرطته قائلا فيه : ينفذ الجندي (فلان) لإحضار المدعى علية (علان ). وعندما يكون المشكو به مواطن ذي مال ونعيم واسع و مقتدر ماديا حرر مدير قسم الشرطة أمر خطي يقول فيه (ينفذ أنا ) لإحضار المدعي علية والمشكو به. لما ذا. . . ؟ لان مدير قسم الشرطة توفرت له فرصة لجلب المال بنهبه وابتزازه وسيحقق الفائدة لصالحه الشخصي أن ذهب بنفسه لإحضار المشكو به والمنعم المقتدر ماديا. ولذا فانه يكلف نفسه لينطلق لإحضار المشكو به المدعي عليه. . وبالمثل يصح لنا القول انه ظهر لنا في نهاية الأسبوع الماضي أعضاء مجلس النواب (البرره والذين وثق بهم الشعب اليمني ) بان اقروا لأنفسهم تمديد عضويتهم سنتين قادمة ولأنفسهم عندما اقروا وبالتصويت. التمديد لأنفسهم فترة إضافية لاستمرار عضويتهم في مجلس النواب وفي مناصبهم النيابية و علي تأجيل الانتخابات. وأمام هذا أقول : من أعطاء الحق لقادة الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام وكتلته البرلمانية. . ومن أعطاء الحق لقادة أحزاب المعارضة (اللقاء المشترك ) وكتلهم البرلمانية في مجلس النواب والتي تشدقت قياداتها تشبثا وبكل ما أتيح لها وتحت شعارات الفساد والإفساد واتهامات كان لها أول وليس لها آخر عن تجاوزات لقادة الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام وقياداته وحكومته (وووووووووو ) طيلة الفترة الماضية وإذا بنا نري في نهاية الأسبوع الماضي سرعان ما دخلت في حلبة الأخذ والعطاء ولعب قياداتها اللعبة السياسية علي مبدءا المساومة. وسرعان ما قبلت التمديد لأعضاء مجلس النواب. وسارعت بدعوة كتلها البرلمانية لحضور جلسة مجلس النواب والتصويت علي التمديد والتأجيل للانتخابات و وبذلك يكونون قد تجاوزوا كل ما كانوا يطرحوه وناكفوه واظهروا أنفسهم بالأسبوع الماضي بأنهم كانوا يضحكون علي أبناء الشعب فماذا سيقولون بعد اليوم. . . وبماذا سيردون علينا لإقناعنا بعد أن اظهر الجميع (حاكم ومعارض) التجاوز علي مواد دستورية والمخالفات وتجاوز آمال وطموح أبناء الشعب عامة ودون استثناء. والالتفاف علي ترسيخ الديمقراطية التي أضحت هشة ويدعي بها قائمة في الجمهورية اليمنية وعلي صحة وعافية. بينما ما نراه يحدث من فترة لاخري نجده أن أصبح الدستور ولائحته التنظيمية أشبه بان يكون ثوب قماش ومبنى مجلس النواب أشبه بان يكون مكينة خياطة وأعضاء مجلس النواب أشبه بان يكونون خياطين فقط وجدوا ومخصصين حين الطلب والحاجة لخياطة الثوب وتفصيله وبالمقاسات المطلوبة في حينه ولكل وقت وظرف وما يناسب استمرار الحال علي ما هو علية. إذن يصح لنا أن نخلص إلي القول بان مجلس النواب وأعضاءه ما هو وهم إلا مؤسسة صورية. وما تفصيل بنود ومواد في الدستور إلا بحسب الطلب وأهواء ورغبات صفوة وليس العامة وليس المصلحة للبلد وإنما مواكبة لكل مصلحة خاصة وظرفها ووقتها. وان الديمقراطية الحقه في اليمن مازالت حلم وليس حقيقة. . فبعد هذا الطرح فقد يظهر من يرد علي من احد أعضاء مجلس النواب ممن صوتوا على التمديد لأنفسهم وتأجيل الانتخابات أو ربما احد قادة أحزابهم حين قراءة مقالتي هذه بقوله أن المادة (65) من الدستور تنص علي : (مدة مجلس النواب ست سنوات شمسية تبدءا من تاريخ أول اجتماع له ويدعو رئيس الجمهورية الناخبين إلى انتخاب مجلس جديد قبل انتهاء مدة المجلس بستين يوما على الأقل فإذا تعذر ذلك لظروف قاهرة ظل المجلس قائما ويباشر سلطاته الدستورية حتى تزول هذه الظروف ويتم انتخاب المجلس الجديد. )) فنرد عليه بالقول : أن ما تم من هو مخالفة للمادة:(127) بالفقرة (أ) من اللائحة التنظيمية لمجلس النواب والتي نصت علي : ( ا ). قبل إجراء التصويت النهائي على إي مشروع قانون يجب أن يوزع على الأعضاء بصيغته النهائية قبل ثمان وأربعين ساعة على الأقل من بداية الجلسة المخصصة لإجراء عملية التصويت النهائي على المشروع إجمالا. . . )) وهذا لم يتم ولم يوزع مشروع القانون قبل ثمان وأربعين ساعة من بداية الجلسة المخصصة لإجراء عملية التصويت عليه إذ ما تم هو دعوة أعضاء مجلس النواب مباشرة باليوم التالي من الوصول للاتفاق الذي توصل إليه قادة أحزاب المعارضة (اللقاء المشترك) وقادة الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام وبرعاية مباشرة من فخامة رئيس الجمهورية وفي الاجتماع الذي تم في دار الرئاسة بالأسبوع الماضي. . وفي ذلك الاجتماع حيث خلص المجتمعون يومها إلي الاتفاق علي تأجيل الانتخابات وتمديد فترة أعضاء مجلس النواب لسنتين قادمة وعلية باليوم التالي تم دعوة أعضاء مجلس النواب لحضور الجلسة التي عقدت في مبنى مجلس النواب بهدف التصويت مباشرة لإقرار ما تم الاتفاق علية بالتأجيل والتمديد دون إعطاء المهلة التي تنص عليها المادة (127) بالفقرة (أ). وأيضا ورد ضمن نفس المادة ( 65 ) النص : (فإذا تعذر ذلك لظروف قاهرة ظل المجلس قائما ويباشر سلطاته الدستورية حتى تزول هذه الظروف ويتم انتخاب المجلس الجديد. )) ونسأل : ما هي الظروف القاهرة التي استدعت أن يظل المجلس قائما ويباشر سلطاته الدستورية حتى تزول هذه الظروف ويتم انتخاب المجلس الجديد فالبلد ليس في حالة حرب مسلحة مع عدو خارجي وهذه الحرب تمنع إجراء انتخابات إذ لم نسمع تصريحا من الوزارة المختصة وهي وزارة الدفاع بان اليمن تواجهه حالة حرب وعدوان مسلح من دوله أخري معتدية. وإنما ما نراه حقيقة هي حالة الحرب السياسية الداخلية بين قادة الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام و بين قادة أحزاب اللقاء المشترك (المعارضة ) وما يتم من تقديم وتأخير لأوراق مساومة وعلي حساب الشعب اليمني والنهج الديمقراطي. فما يحدث ليست بظرف قاهر علي جميع أبناء لشعب والبلد وليست بحرب عسكرية لاعتداء قوة خارجية بل هو ظرف إرادي جلبته حرب سياسية داخلية تشعل وتطفي وفق ما يقدم ويؤخر وبين قادة الأحزاب أنفسهم ويفتعلوها هم. وهذا الأمر ليس بظرف قاهر لأنه يحمل لظروف المشاكسات والمناكفات والمكايدات السياسية والتي افتعلت وتفتعل و بشكل إرادي وبرغبة قادة الأحزاب. . . أضف إلي انه تمت مخالفه لما نصت عليه مواد خري باللائحة التنظيمية لمجلس النواب وهذه المواد هي المادة :(219) وتنص علي : ( لكل من رئيس الجمهورية ومجلس النواب طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور ويجب أن يذكر في طلب التعديل المواد المطلوب تعديلها والأسباب والمبررات الداعية لهذا التعديل فإذا كان الطلب صادرا من مجلس النواب وجب أن يكون موقعا من ثلث أعضائه، وفي جميع الأحوال يناقش المجلس مبدأ التعديل ويصدر قراره في شانه بأغلبية أعضائه. . ) وهنا وأمام جزئية من نص هذه المادة ضع خط عزيزي القاري تحت جملة (ويجب أن يذكر في طلب التعديل المواد المطلوب تعديلها والأسباب والمبررات الداعية لهذا التعديل ) الصيغة التي ذكرت في المادة. ونتسأل : ما هي تلك الأسباب والمبررات هل هي تلك المشاكسات والمناكفات والمكايدات السياسية والتي افتعلت وتفتعل و بشكل إرادي ومن ثم تحل ويهدئ وتيرتها وحمي وطيسها بارضاءات سياسية وعلي حساب الشعب والبلد والنهج الديمقراطي. وفي المادة:(220) تنص علي : (( تقوم هيئة رئاسة المجلس خلال ثلاثة أيام من تاريخ تقديم طلب التعديل إليها باستعراض الطلب والمبررات والأسباب الداعية للتعديل والقيام بتوزيعه على المجلس وإدراجه ضمن أولويات المواضيع المدرجة في جدول الأعمال ، وفي كل الأحوال لا يجوز لهيئة الرئاسة أن تؤجل طلب التعديل لديها لأكثر من أسبوع. )) وفي المادة:(221) تنص علي : ((يناقش المجلس مبدأ التعديل ومبرراته بعد مرور اثنتين وسبعين ساعة على الأقل من تاريخ توزيع طلب التعديل ومبرراته على المجلس. )) وهنا يمكن القول بأنه تمت مخالفات للمواد (219 ) والمادة (220) والمادة (221) من اللائحة التنظيمية لمجلس النواب. إذ لم يعر لها اعتبار ولم تنفذ وتم مخالفتها وما تم في عملية التصويت بالإقرار أثناء جلسة تصويت أعضاء مجلس النواب لتمديد العضوية لأنفسهم وتأجيل الانتخابات لسنتين وفق الدعوة لأعضاء مجلس النواب كتلة الحزب الحاكم وكتل أحزاب المعارضة (اللقاء المشترك ) لحضور جلسة التصويت والتي سرع بانعقادها باليوم الثاني مباشرة لليوم الذي تم التوصل فيه للاتفاق على التأجيل للانتخابات والتمديد لأعضاء مجلس النواب الحاليين. . . . . . تابع بالعدد القادم غدا الحلقة الثانية بعنوان (يا نواب الشعب. . وتلك الأيام نداولها بين الناس ). . .
.
Shukri -_alzoatree@yahoo. com