سراج الدين اليماني
بعضنا يتساءل بجدية وترقب وهو يتابع الوضع العام الذي تعيشه طهران على المسرح الدولي وفي الساحات المختلفة التي تتواجد فيها فيما إذا كانت قد تحولت حقاً إلى أشبه ما يكون بعجوز شمطاء قد أوشكت على الخرف وهو الوصف الذي يطلق على من كبر سنه وبلغ حد التسعين أو أكثر.
قد يستغرب بعضنا مثل هذه المقارنة للوهلة الأولى لا سيما إذا ما نظر إلى الأمر من بعد واحد وهو البعد السياسي المستفز، فالدولة التي نحن بصدد توصيفها والكلام عليها بالرجل الخرف أو العجوز الشمطاء هي الدولة الأكثر إطلاقات استفزازية في العالم دون العمل الجاد وهي الأكثر إشغالاً للعالم بحضورها وتأثيرها في فعل وافتعال الحدث اليومي ولا أحد يقدر على التشكيك في هذا أبداً.
وأعرف سلفاً بأن البعض والذين غالباً ما ينبهرون بالأضواء لأنهم حكموا عواطفهم وبهرجة الصورة من خلال وسائل الإعلام، وحسابات المادية الطاغية على المشهد العام سوف يستنكرون مثل هذه الفرضية وسيصفونها بالواهية وأنها ليست سوى أضغاث أحلام وفي أحسن الأحوال ليست سوى رغبات وآمال سوداوية مقيتة لما لهذه العجوز من المكانة عند بعض الناس.
لكن قولي في الواقع أوجهه إلى غير هؤلاء النزر اليسير الذي لا يقبل النقد وإن كان بناء ويقبل نقد آيات دولة العجوز الشمطاء وإن كانت هدامة أوجه كلامي إلى أولئك التابعين والمتتبعين الموضوعيين لما يجري من تحولات حقيقية في موازين القوى العالمية فإلى هؤلاء جميعاً أقول: تعالوا ننظر بواقعية إلى ما يجري على الأرض وليس على شاشات الفضائيات التي تلمع الأخبار وإن كانت سفاسف القول وزوراً.
فقد دخلت طهران منذ واقعة إطلاق صاروخ على مضيق هرمز وحرب غزة وفوز نتنياهو وتبلور ظاهرة الآيات الجدد الذين ظلوا مسيطرين على صناعة القرار في طهران إلى حين الانتهاء من عصر نجاد المظلم في عدد من الحروب والمهاترات الكلامية مع العديد من الدول العربية والخليجية، بل وحتى تصريحات رنانة ضد إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية وتعتبرها حروباً كبرى التي كان يفترض بها أن تنتهي كما نظر إليها أحد رموزها إلى ما سماه بعفانة تاريخ طهران، أي أن أقصى ما كان يتوقعه الإنسان من تصور التاريخ قد أنجزته الفارسية المجوسية بصورتها الصهيونية وما على شعوب الشرق أوسطية والخليجية المتسامحة بطبعها وبفطرتها إلا أن ترضخ لهذا العنفوان الفارسي المتألق.
والأهم من هذا كله الطموح الفارسي الإمبراطوري الذي انطلقت على أساسه قصة إمبراطورية فارس الصهيونية باعتبارها كل التاريخ، فهي حروب الدولة المسخ والقدة السرطانية الشهيرة بإظهار عضلاتها على المسلمين من جيرانها وأخرى بالوكالة خاضتها نيابة عنها قاعدتها المتواجده في لبنان ممثلة بحزب الله وفي البحرين وفي الكويت وفي اليمن المتمثلة في عصابة التمرد والغدر والخيانة "الحوثيين".
والنتيجة الأهم والتي لا ينتطح فيها عنزان ولا يختلف فيها اثنان عاقلان ثاقبا النظر وحاد البصيرة بأن العالم من حول طهران آخذ في التعامل معها على أساس أنها دولة مفلسة ينبغي التعامل معها في إطار المداراة والموارة، تصوروا دولة كهذه قام اقتصادها على المغامرة والاحتيال وحروبها سواء الكلامية أو التدخلات في شؤون جيرانها على الكذب والخداع والتقية وتلفيق القضايا المزورة وملفات الاتهام القائمة على عناصر مجهولة الهوية تباع وتشتري في أوكار دعارة الحروب المفلسة كما صار ذلك في العراق واليمن والآن يستفزون دولتي الإمارات والبحرين بالتصريحات الاستفزازية والهمجية مما يدل على أن العجوز الشمطاء لا تريد أن تتعامل مع جيرانها بالاحتكام إلى محكمة العدل الدولية ومن له وثائق ودلائل يبسط يده على أرضه بعد الإذن الأخير من المحكمة كما فعل ذلك اليمن عندما احتكم هو وأسمرة ثم خرجت النتائج النهائية بإعطاء الحق لأهله وخرجت صنعاء منتصرة في احتكامها وقبولها للتحكيم الدولي والوساطات ففازت بجزر حنيش وهذا ما نتمنى لإخواننا في الإمارات أن يفوزوا بجزر طنب الصغرى والكبرى وأبي موسى وكف لسان الدولة المسخ عن إيذاء البحرين وأن تحتكم الدولة المسخ التي نبذت القوانين الدولية وراء ظهرها محتذية بأختها دولة الصهيونية العالمية النازية.