;

أوراق من ذكرياتي ..الحلقة «33» 939

2009-03-07 04:17:38

مؤتمر الطائف

بعد انعقاد مؤتمر خمر في نيسان أبريل عام 1965م قرر عدد من الإخوان المشائخ وغيرهم من السياسيين الذهاب إلى السعودية، وعقد مؤتمر آخر سمي لقاء الطائف الذي طالب فيه بعضهم بالدولة الإسلامية بدلاً عن الجمهورية في 12/8/1965م فجاء الرئيس عبدالناصر إلى جدة، وهي ردة فعل عنيفة من مصر على لقاء الطائف للاجتماع بالملك فيصل والبحث عن حل للمشكلة اليمنية، وتم التوقيع على اتفاقية جدة في 24 من الشهر نفسه، وانبثقت فكرة انعقاد مؤتمر حرض الذي انعقد في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1965م وتم اللقاء بين الملكيين والجمهوريين، وهذا المؤتمر له وثائقه ورسائله المتبادلة بين القاضي عبدالرحمن الإرياني رئيس الوفد الجمهوري وأحمد محمد الشامي رئيس الوفد الملكي الذي اطلع عليها الرئيس جمال عبدالناصر وجلالة الملك فيصل، وكان اليمنيون في المؤتمر متفقين على العمل من أجل السلام، ولا سيما وقد حضرته جميع القوى السياسية والقبلية.

والمشائخ الذين حضروا مؤتمر الطائف ومنهم الشيخ سنان أبو لحوم وعلي بن ناجي القوسي وغيرهم وبعض الذين لم يذهبوا أرسلوا برسائل تؤيد إخوانهم في السعودية، وبأنهم موافقون على قرارات مؤتمر الطائف.

وقد كان الغرض من الدولة الإسلامية هو إنهاء المعنى الكبير للجمهورية، وأن تهدر كل التضحيات والأهداف التي قامت عليها الثورة، وتحكم بنظام شبه إمامي يحقق انتصاراً للرجعية والملكيين.

كان قرار الذهاب إلى السعودية بعد مؤتمر خمر وعقد مؤتمر الطائف قراراً خاطئاً جداً، أضعف موقفنا وقلل من الثقة بيننا وبين الإخوان في الجمهورية العربية المتحدة، وأساء إلى الرئيس جمال عبدالناصر شخصياً لأننا قدمنا نموذجاً غير لائق ويعد إساءة للعلاقات المصيرية بمصر وجيشها الذي يدافع عن الجمهورية.

وقرارات مؤتمر خمر محاولة لإنهاء الحرب على أساس تثبيت النظام الجمهوري وتحقيق السيادة اليمنية على كل شبر من أرض الوطن، والخطأ الكبير الذي حدث في مؤتمر خمر أن القوى السياسية اليمنية لم تتشاور مع شركاء المصير في الدفاع عن الجمهورية والثورة "الجانب المصري"، وتوضح أهدافه وتطمئن الإخوة المصريين وللأسف فإن فحوى القرارات في مؤتمر خمر ترمز إلى الابتعاد عن المشاركة في صنع القرار مع مصر وبعض الخطابات الحماسية في المؤتمر تؤكد على ما ذكرته.

ولقد كان لبعض الشخصيات الحزبية التي شاركت في مؤتمر خمر موقفها السياسي واستغات المؤتمر، وعملت على الإساءة إلى مصر خدمة لأهدافها الحزبية المنتمية لها.

تحسين الصورة

بذلنا جهوداً كبيرة لكي نحسن أوضاعنا الداخلية بالثبات والسيطرة على مناطقنا؛ لأن احترام الآخرين لنا وقبوله لدعوتنا حينما نكون أقويا في الداخل، ونؤكد لهم بأن النية صادقة لتحقيق السلام وحسن الجوار.

لهذا بذلنا جهوداً كبيرة وتضحيات جسيمة حينما استعدنا صعدة مرة ثانية، وتمت السيطرة عليها كاملة، وأخرسنا الأصوات الناعقة التي أساءت إلى القوات المسلحة والشعبية، وهم يتسكعون في البلدان التي يعيشون فيها وفي مقاهي ومقايل صنعاء وغيرها، وأنهينا المعارك في محافظة حجة.

وكانت بداية المعركة الأخيرة من حصن جراع كحلان عفار التي قادها الأخ مجاهد أبو شوارب والمرحوم إبراهيم الحمدي مع عدد من الزملاء والضباط والقادة.

واستشهد في تلك المعارك عدد كبير من الشهداء من القوات المسلحة والقوات الشعبية، وأخرست أصوات أولئك البلهاء الذين يعيشون خارج الوطن وفي مقايل صنعاء.

وتم احتلال "حصن جراع" الذي يقاتل فيه علي بن إبراهيم حميد الدين ومحمد أبو منصر من الجانب الملكي، وجرت مكالمة تلفونية بواسطة الأجهزة اللاسلكية، حدثت فيها مناجاة بالأجهزة اللاسلكية وتحد من الطرفين، بأن كل منهما سيهزم الآخر، والحمد لله كان تحدي مجاهد في مكانه، واستطاع أن يحقق النصر ويهزمن المغرر بهم، وواصل هجومه إلى حجة وانهزم الملكيون إلى الحدود السعودية في تلك المعركة، وكانت هزيمة مروعة، وتمت ملاحقتهم إلى أطراف الحدود، وأصبحت محافظة حجة كلها موالية للنظام الجمهوري، وبحكمة العميد أبو شوارب تمكن من شراء معظم الأسلحة الثقيلة التي كان يستخدمها المغرر بهم ضد القوات المسلحة والجيش الشعبي.

كان صمود الأخ علي صلاح وحمود عاطف في حجة وهما يدافعان عنها ببسالة وثبات مع القوات المسلحة والقوات الشعبية صموداً رائعاً، وضربا مثلاً للبطولة والفداء حتى تحقق النصر، وكذلك بعد استعادة صعدة، وهو المسمار الأخير في نعش الملكيين، حيث اختلف أمراء الحرب من بيت حميد الدين مع الإمام البدر، وشكلوا مجلس إمامة جديد برئاسة محمد بن الحسين بعد فشلهم في كل المعارك، بداية من حصار صنعاء وانتهاءً بسيطرة النظام الجمهوري على محافظة صعدة ومحافظة حجة، وانقلبوا على البدر، وكانت نهاية النظام الإمامي في اليمن إلى الأبد.

والموقف المتوقع لهم بعد الهزيمة المروعة أنهم أصبحوا في شقاق، وعلى عكس ذلك كان النظام الجمهوري يتوحد يوماً بعد يوم، ويقوى داخلياً يوماً بعد يوم، ويسيطر على الأرض يوماً بعد يوم، إضافة إلى التحرك السياسي على المستوى الخارجي والتأييد الدولي والعربي، هذه الأحداث السياسية والعسكرية هي مراحل صنع السلام، لم يكن السلام ثمته الهزيمة والشعارات والتصريحات الفارغة، السلام كان ثمنه الصمود والفداء ومواصلة المهام العسكرية التي رسمتها القيادتان السياسية والعسكرية، ونفلذتها القوات المسلحة والأمن والقوات الشعبية والقادة البواسل الذين كانوا ثابتين في حرف سفيان، وكانوا في مقدمة القوات في إعادة محافظة صعدة إلى حظيرة الثورة والجمهورية وهذه هي المعركة الأخيرة التي أنهت الحرب في تلك المرحلة بين النظام الجمهوري والمغرر بهم إلى الأبد.

المصالحة وتحقيق السلام

ولا الانتصارات المتوالية في الميدان وثبات صاحب الحق على أرضه مضحياً بكل غالٍ ونفيس من أجل تحقيق أهدافه ومبادئه لما تحقق الخير والسلام، فلا يتحقق السلام بمجرد الأحلام والأمنيات والأحاديث الإعلامية والصحفية في النوادي والفنادق.

وكلما ذكرت في لقاء القمة الذي انعقد في الرباط عام 1969م وبعد الكلمة القوية الواضحة للرئيس القاضي عبدالرحمن الإرياني في مؤتمر القمة في الرباط في الجلسة الافتتاحية حيث طلب الملك الحسن الثاني تأجيل موضوع اليمن، وألا يبحث في الاجتماع، فانسحب الرئيس القاضي عبدالرحمن الإرياني من الاجتماع، وعاد إلى السكن المخصص له في الرباط، وبقي الوفد اليمني برئاسة الأخ القدير الأستاذ/ أحمد قائد بركات وزير الخارجية الوطني السياسي القدير ومعه أعضاء الوفد والأستاذ محمد أحمد نعمان مستشار رئيس الجمهورية والشيخ سنان أبو لحوم محافظ محافظة الحديدة والعقيد حسين محمد المسوري رئيس هيئة الأركان العامة.

وقد بذلت الجهود الكبيرة والمرنة من جميع أعضاء الوفد وشرحنا قضيتنا ودعوتنا للسلام وحسن الجوار مع جيراننا؛ لأن المبررات السابقة انتهت وليس علينا تأثيرات خارجية، وشرحنا للوفود التي تتعاطف معنا لكي تساعدنا في توضيح موقفنا أن اليمن أصبحت الجمهورية العربية اليمنية؛ الدولة العربية الإسلامية التي يرأسها القاضي عبدالرحمن الإرياني رئيس المجلس الجمهوري وشيخ الإسلام، واليمن بقناعتها تتصدى للمواقف اليسارية المتطرفة منذ وقت مبكر، وقد انتهت بعض القوى التي حاولت الإساءة للنظام ولدول الجوار، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي تضم بيت الله وقبر رسوله صلى الله عليه وسلم ومقر منظمة المؤتمر الإسلامي.

وشرحنا قضايانا بعقل وحكمة مع كل الوفود، وأكدنا أن اليمن دولة تحكم نفسها بنفسها، وليس عليها تأثير خارجي منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 1967م وبذلنا جهوداً كبيرة منها اجتماعنا بالرئيس القذافي بعد أن تولى الحكم في الأول من أيلول/ سبتمبر عام 1969م، وكان متحمساً لليمن، واجتمعنا بالوفد السوري والعراقي والكويتي، وكنا نبعث رسائل عن طريق أعضاء الوفود إلى بعض أعضاء الوفد السعودي ولا سيما سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وكل الرسائل تؤكد بأن اليمن لها رغبة في اللقاء والحوار المباشر مع الإخوة في المملكة العربية السعودية من أجل تحقيق المصالحة الوطنية بين اليمنيين، وإقامة علاقة حسن الجوار وتعاون، هذا التحرك كان له أثره الإيجابي لدى الوفد السعودي، وتلقينا رسائل عن طريق جهات مختلفة بأن المملكة على استعداد للتفاهم والحوار مع الجمهورية العربية اليمنية لتحقيق السلام في اليمن ولا سيما بعد زيارة الرئيس جمال عبدالناصر للقاضي عبدالرحمن الإرياني في مقره بالرباط، الذي بلغه بأنه بحث موضوع اليمن مع جلالة الملك فيصل، وأن الإخوة في المملكة أصبح لديهم الرغبة الكاملة بأن يتوقفوا عن تقديم المساعدات لمن كانوا يسمون بالملكيين وأنهم على استعداد للتفاوض مع الجمهورية العربية اليمنية ومع القادة اليمنيين الذين يبدون الاستعداد كذلك وحسن النية لتحقيق المصالحة الوطنية وإقامة علاقة جديدة وحسن جوار مع المملكة، ولقد بذلت اليمن جهوداً كبيرة في سبيل تحقيق تلك المصالحة الوطنية حددها خطاب فخامة الرئيس القاضي الحكيم عبدالرحمن الإرياني في مؤتمر القمة بالرباط.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد