عصام المطري
لقد عاش العرب قبيل الإسلام حياة الفرقة والتشطر والانقسام، وقد كانت تنشب بينهم الحروب لأتفه الأسباب كحرب داحس والغبراء وحرب البسوس ولم يضمهم كيان سياسي مستقل حتى شرفهم بالدعوة الإسلامية وبحمل لواء الإسلام حتى استعادوا وحدتهم وانضموا في كيان سياسي مستقل واحد حيث أقام المسلمون الحضارة الإسلامية حتى أسعدت البشرية جمعاء، فنشرت مبادئ المساواة والعدل والتضامن الاجتماعي، ونشرت العلوم وكانت أعظم حضارة عرفتها الإنسانية على الإطلاق لأنها وازنت بين الروح والمادة، وزاوجت بينهما زواجاً بديعاً لم يتركها مقترفة الرذيلة بل دعت إلى الفضيلة والعفة والبراءة والاحتشام بعيداً عن المزالق التي في الحضارة الأوروبية.
* ولئن كان العرب اتحدوا خلال الدعوة الإسلامية والإسلام فإن الواجب الإلزامي يرغمنا رغماً على تعديد قواسم التلاحم المشتركة بين العرب وبينهم البعض فعلى سبيل المثال لا الحصر هنالك قاسم الدين الإسلامي الحنيف الذي إذا فلعل فإنه سيصل بالعرب إلى تلاحم شديد وغريب، فالإسلام جاء موحداً للعرب والأعراب ونشرت مبادئه الأخوة الإسلامية والتضامن الاجتماعي قال الرسول والنبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: "المسلم للمسلم كالبنيان أو كالبنيان وشبك بين أصابعه إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
* إن الدين الإسلامي الحنيف هو الموحد للعرب ومطلوب من الزعامات والقيادات العربية والإسلامية الالتفاف حوله لأن فيه من معالم وملامح التلاحم والوحدة الشيء الكثير، فهو يكبح جماح الفرقة والعزلة والتشطر والانقسام، فالدين الإسلامي الحنيف فيه الشيء الكثير من معالم الوحدة والإخاء قال الله سبحانه وتعالى في محكم الآيات البينات: "إنما المؤمنون إخوة"، فالأخوة الإيمانية والأخوة الإسلامية من معالم التلاحم.
* والدين الإسلامي الحنيف ينظر للجماعة وتماسكها، فالنبي والرسول الأعظم يقود أبرز توجه تلاحمي حين قال: "من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة"، فالجماعة في تماسكها والأصل أن يقوم العرب بتشكيل الجماعة الإسلامية الواحدة حيث يذم النبي والرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم مفارقة الجماعة أو العمل ضد التكتل الجماعي حيث قال: "من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه"، وبهذا يحث النبي والرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة وأبلغ التسليم على وحدة النسيج الاجتماعي في وحدة جماعة، وعلي بن أبي طالب يقول: "كدر الجماعة ولا صفو الفرد".
* ثم إن هنالك قاسم النصر وهو المصير المشترك، فمصير جميع العرب واحد، وهذا ما يدعوهم إلى الوحدة وإلى التلاحم وتقنين ذلك التلاحم من أجل الرفاه والتقدم والنهوض الاجتماعي، فمشكلتنا تكمن في عدم ربط مصيرنا ببعضنا البعض زد على ذلك فإن اللغة العربية تعد قاسماً مشتركاً من مقاسم التلاحم، فنحن موحدون في اللغة وموحدون بأن لنا كتاب واحد هو القرآن الكريم وسنة نبوية مطهرة واحدة عن النبي والرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، فما علينا إلا تفعيل هذه القواسم والانطلاق صوب العهد الجديد عهد التقدم والنهوض والرفاه أيضاًَ هنالك قاسماً مشتركاً هو التاريخ المشترك، فتاريخنا مشترك ما يدعو إلى سرعة التلاحم بين أبناء الشعب العربي والإسلامي الكبير الذي يئن تحت طائلة التشطر والانقسام والاختلاف والعزلة والفرقة والافتراق ما يمكننا من تدشين الوحدة العربية والتلاحم العربي الكبير بين مختلف الأقطار والأمصار العربية.