محمد أبو الفتوح غنيم
الفرق بين الإعمار والاستعمار أن الأول يكون بالمال والثاني بالرجال والتشابه بينهما أن مؤداهما واحد إذا كانا من غريب أو عدو وهو فرض الرأي أو السيطرة والاستعمار قد يتشكل ويتحول من صورة إلى أخرى فالاستعمار العسكري في بلاد المسلمين خرج مخلفا استعمارا فكريا نلحظه أكثر ما نلحظه في بلاد المغرب العربي وكذلك المساعدات سواء كانت مادية أو عسكرية فإنها تعد إستعمارا سياسياً حيث تقابلها تنازلات دولية أو قيود دولية ولا يخدعنك قولهم "مساعدات غير مشروطة" فإن المحتاج ليس له أن يشترط حالة اللا شرط.
ولما كان الأمر كذلك فإننا نتحير في شأن أموال إعمار غزة وتنازع القيادات الفلسطينية السياسية منها والشعبية عليها ولا شك أن المعسكر الحماسي تدعمه إيران وسوريا والإخوان المسلمون لتقارب بعض الأهداف على أجندة كل منهم فإيران تسعى لزعزعة أمن المنطقة وسوريا تسعى لتغيير رموز معادلة القوة والإخوان يرون فيها نصرا لجماعتهم على الصعيدين الشعبي والسياسي وربما يسعون في مصر إلى مثلها.
أما السلطة الفلسطينية -غير الشرعية- فتدعمها قوى الغرب ومصر والسعودية وهدف أولاها المعروف لدينا والمنكر منها هو الحرب على الإسلام والذي يلبسونه كيف ومتى شاؤوا ثوب الإرهاب وكذلك دعمهم لإسرائيل ولكل من يصب عمله وفكره في مصلحتها، أما ثانيها فهدفها لا يخفى على أحد وهو خوفها من الإخوان المسلمين وتصريح وزير إعلامها الذي كشف خيبتها بقوله أن مصر لن تسمح بقيام دولة دينية على حدودها ونسي أن إسرائيل دولة دينيه ولعله أخطأ وكان يقصد دولة إسلامية، وثالثة الأثافي قد يكون دافعها إعلان التحدي لإيران ومن تدعمها لما بينهما من توتر على الصعيد السياسي والديني، وفي كل الحالات فإن من سيربح في مساعدة مدعومة في الحصول على أموال الإعمار سيكون الرابح في معركة الإستعمار السياسي لفلسطين حيث سيكون المانح هو الأقرب إلى الشعب بعطائه إن أعطى والمتحكم في شؤون الإعمار.