عبدالوارث النجري
المسلسل التآمري على الشرق الأوسط الكبير لا يزال مستمراً ولم ينتهي بنهاية ولاية بوش الأصغر على الولايات المتحدة الأميركية؛ لأنه مخطط تآمري يستهدف المنطقة وخيراتها وتعدله مؤسسات مخابراتية كبرى في يدها رسم السياسات والتطورات الدولية، وما تلك الحكومات الغربية والأميركية سوى أداة تنفيذ لما ترسمه تلك المؤسسات من مخططات استعمارية وانتهازية وقمعية في شتى بلدان العالم، بل وتسعى أحياناً للتحالف مع مؤسسات ومخابرات عالمية أخرى لما يصب في تحقيق مصلحة الطرفين كما تم في أفغانستان والعراق، حيث قدمت المخابرات الإيرانية الكثير من التسهيلات للمؤسسات المخابراتية الغربية لإسقاط نظام طالبان في أفغانستان ونظام صدام في العراق، وحين تنتهي المصالح تبدأ العداوات كما يظهر حالياً في العراق بعد سيطرة إيران على السياسة والقرار العراقي، وحتى لا نذهب بعيداً عن صلب الموضوع فإن سياسة البدء في إعادة تقسيم المنطقة وفق الرؤية الأميركية الصهيونية الغربية ومعهم إيران بلا شك لن تتوقف في فدرلة العراق وتهديد سوريا وضرب غزة وشق الصف الفلسطيني والسعي لإثارة القلاقل والفوضى باليمن وغيرها، بل يستدعي الأمر المضي في العمل على إسقاط بعض الأنظمة العربية التي ترفض الإملاءات بهدف تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ ولعل أكبر دولة عربية من حيث المساحة وتدخل في إطار الشرق الأوسط الكبير هي السودان، خاصة وأن هذا البلد لا يزال بكراً وتتهافت عليه حالياً الكثير من الشركات الغربية والشرقية لمص ثرواته وكما قيل فإن إقليم دارفور يحمل في جوفه الكثير من الثروات التي تلهث عليها الشركات الغربية، خاصة ودارفور إقليم ومن هنا حصلت تلك المؤسسات المخابراتية على ضالتها بالتعاون طبعاً مع أذنابهم من عملاء الداخل في السودان الشقيق أو ما يوصفوا بالمعارضة الخارجية وهناك نموذج مشابه له بالنسبة لليمن ومن الحرب الأهلية ونزيف الدماء وتشريد الأسر الذي يقف خلفه المخطط التآمري ومؤسساته المعروفة كما ظهرت مؤسسات أخرى لا تختلف عن تلك المؤسسات المخابراتية لتتحدث عن حقوق الإنسان وقضايا دارفور، حيث توجه أصابع الاتهام باتجاه الرجل الأول في السودان الرئيس عمر البشير كرجل حزب يجب محاكمته عالمياً على ما يحدث في إقليم دارفور، لا لشيء سوى أنه رجل وطني صادق حر وفي لشعبه ووطنه وقضايا أمته العربية والإسلامية وغير مستعد للتفريط عن شبر واحد من أرضه ووطنه مهما كانت الإغراءات والإملاءات الاستعمارية، لهذا قررت محكمة "المخابرات والمؤامرات" الغربية في لاهاي أن تصدر مذكرتها لإلقاء القبض على الرئيس البشير وكأنه زعيم المافيا العالمية وكأنه أحد رؤساء الحكومة الإسرائيلية الذين يمارسون سياسة القتل والتشريد في الشعب الفلسطيني منذ ما يزيد عن خمسين عاماً والشعب العربي الفلسطيني هدف لكافة أنواع الأسلحة الإسرئيلية المحرمة دولياً دون تفريق بين الطفل والشاب والشيخ العجوز والمرأة، لكن الأمر يختلف تماماً في القانون والعدالة الغربية والصهيونية، فالبشير العربي الحر المسالم والمسلم الغيور على دينه ووطنه يعد مجرماً بحسب تلك القوانين والمعايير العدوانية التآمرية على الأمة "الأرض والإنسان" مذكرة البشير التي ظلت محكمة "المخابرات الغربية" تهدده بها منذ عدة أشهر هي في نفس الوقت رسالة إلى بقية الدول العربية بأنه مهما قدمتم الكثير من التنازلات لتلك الدول الاستعمارية وهي تعيش أزمتها الاقتصادية الحالية يجب أن تدركوا وتعوا تماماً بأن ذلك المخطط العدواني الذي تم رسمه للمنطقة لا بد في تنفيذه "الشرق الأوسط الكبير" مجموعة من الدويلات الصغيرة والمتناحرة بعد إسقاط الأنظمة الحالية تغذي حروبها تلك الدول الاستعمارية مقابل نهب تلك الدول لكل خيرات المنطقة وطمس هويتها والعقيدة والقيم والتقاليد الحميدة، لذا لم يبق أمام الزعامات العربية الحالية سوى السماح للشعوب بالتعبير عن رفضها لكافة تلك الإملاءات والسياسات العدوانية كلاً حسب طريقته حتى تيقن تلك الدول الاستعمارية بأن كل موطن عربي سيكون مستنقعاً لها ولجيوشها لا يمكنها الدخول والخروج منه بأمان وبأقل الخسائر. <