محمد أمين الداهية
عندما يتخلى عنك من كنت تستبعد خذلانهم، وعندما تجد نفسك في بحر من الغدر والخيانة تتقاذفك أمواج مكرهم، وعندما تصارع الموت في ذلك البحر العاتي ويظهر فجأة أعز الناس لديك فتبتسم وتضيء لك الدنيا وتوقن بأنك لن تموت، كيف ذلك؟ ومن أنت أغلى مخلوق على قلبه قد ظهر واقترب نحوك، ولكن كيف يكون الموقف عندما تجد أن من أعز الناس إليك والذي أملت فيه خيراً واستبشرت النجاة بقدومه يأتي نحوك متحمساً ولكن ليس من أجل أن ينقذك أو يكون إلى جانبك، وإنما من أجل أن يرى الآخرون ذلك الجبل الذي كانوا يرونه صلباً صار كالعهن المنفوش، لا حول لها ولا قوة في مثل هذه الظروف وفي هذه الخيانة ما الذي يمكن أن تفعله؟ هل تحقق لأعدائك ما يطمحون به وتجعلهم يتطايرون فرحاً بنصرهم وتفوقهم عليك حتى وإن كان ذلك بالخيانة أم أنك ستظل ذلك الجبان الشامخح حتى وهم ينهشون صلابتك بفؤوسهم الجبانة، هل ستجعلهم يرون دمعة الانهزام في عينيك أم أنك ستحرقهم بابتسامة البطل الذي لا يرى له الأعداء قط ذلاً، هل ستفقد الأمل وبالذات عندما تخلى عنك أقرب المقربين وأعز الناس إليك وتنهار وتجلب لشخصيتك البطلة عين الرحمة والرأفة أم أنك ستحاول بكل ما أوتيت من قوة أن تسيطر على شخصيتك بحيث تراها أنت أشلاء ممزقة ساعة الخذلان ويراها أعداءك أعتى وأقوى مما يتوقعون.
إن الحياة بطبيعتها مليئة بكل أنواع الآلام والأحزان والإنسان منا معرض لمختلف نوائب الدهر، وفي مثل هذه الحالة السيئة من الهزيمة والخذلان التي قد يواجهها الفرد منا يجب عليه أن يكون أقوى مما يظن أعداؤه، الإنسان مشاعر وأحاسيس ولا أحد منا يستطيع أن ينكر أنه لا يتأثر بمواقف الخذلان والتخلي التي قد يتعرض لها وبالذات عندما تكون من أعز الناس لديه، ولكن مهما يكن فالإنسان الذكي رجل كان أم امرأة لا يعطي الفرصة أبداً لأعدائه ومن يسعون إلى تدميره بأن يحطموه يجب أن يلقي بالعواطف وراء ظهره عند مواجهتهم يجب أن لا يظهر مكسوراً ذليلاً، وهناك فرصة واحدة للعواطف فإذا نجحت وعولجت الأمور فخير كان وإن لم تنجح فمن الحماقة أن تجعل أعداءك ومن خذلوك يرونك مهزوماً، هذه الفرصة في أول لقاء لك مع من خذلك لا بد أن تكثر فيها العواطف والعتاب ولا بد أن تذرف الدموع وتسيطر ملامح القهر على المخذول فإذا وجد نفسه مخذولاً فعلاً فعليه أن يجمع أشلاءه ويحاول بقدر الإمكان أن يظل ذلك الجبل الشامخ الذي لا يتزعزع.<