;

السودان والعداء الغربي «2 - 2» 744

2009-03-09 06:06:43

بقلم :احمد عمرابي

بفضل استقلالية سياسته الخارجية صار السودان مع قرب نهاية عقد التسعينات دولة مصدرة للنفط. ومع تعاظم العائدات المالية النفطية بالنقد الأجنبي اتخذ الاقتصاد الوطني وجهة تنموية ذات ايقاع متسارع، وإزاء هذا التحول النوعي قررت إدارة بوش التحرك لوقف الحرب الدائرة في الجنوب لأن الفورة النفطية انعكست على الجيش السوداني تطويراً وتحديثاً فأصبحت الحكومة بالتالي في موقف جديد يمكنها من حسم قضية التمرد عسكرياً.

لكن بينما انتقلت القضية من الميدان القتالي إلى مائدة التفاوض بواسطة أميركية كانت الإدارة الأميركية منهمكة سراً في تدبير فتنة تكون بديلاً عن فتنة الجنوب: إثارة وضع قتالي آخر ذي طبيعة عنصرية في اقليم دارفور الغربي.

كانت العملية التفاوضية السلمية في العاصمة الكينية نيروبي بين وفد الحكومة ووفد «الحركة الشعبية» الجنوبية في مرحلتها الأخيرة عندما فوجئ العالم بهجوم قوي وكاسح من منظمة دارفورية مسلحة على مطار الفاشر عاصمة الاقليم أدى على الفور إلى تدمير طائرات ومصرع ضباط جيش وشرطة. ومنذ ذلك الحين عام 2003 وحتى اليوم تتوالى الهجمات. .

والهجمات المضادة بعد ان تحول الاقليم إلى حالة حرب شاملة، وهنا ينبغي ان نتوقف لنتساءل: لماذا لم يشأ مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية لويس أوكامبو ان يبني مذكرته الاتهامية على هذه الحقيقة الأساسية. كان عليه وهو يتهيأ لوضع مذكرته ان يطرح أولاً هذا التساؤل: من هو الطرف الذي ابتدأ الحرب أصلاً، أما ما يأتي بعد ذلك فهو تفاصيل.

لقد تجاهل أوكامبو هذه الحقيقة الأساسية عمداً لأنها لا تنسجم مع دور التآمر السياسي الذي كلف به، ومما يفضح نواياه وطبيعة المهمة الموكلة إليه اختياره ذلك المدخل الغريب لمذكرته.

فقد اختار مدخلاً عنصرياً يضع من خلاله نفسه وكأنه محامي دفاع متحيز إلى مجموعة قبائل دارفورية معينة ضد مجموعة قبائل أخرى، وهكذا يقول أوكامبو أنه رفع دعواه إلى المحكمة الجنائية الدولية نيابة عن ثلاث قبائل تحديداً هي الزغاوة والمساليت والفور وهي ما تعرف باسم القبائل «الإفريقية» وضد مجموعة القبائل العربية في الاقليم.

ولذا فهو ينسب ضمنا ما جرى من جرائم إبادة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية إلى القبائل العربية. أما الرئيس السوداني عمر البشير فإن الاتهام موجه إليه أيضاً باعتبار انه رمز «الحكومة العربية» المتحالفة مع القبائل العربية.

هذا هو المخطط: خلق فتنة عنصرية جديدة في السودان على أساس «العرب ضد الأفارقة» لتكون بديلاً عن فتنة مشكلة الجنوب التي اشعلها الغرب تحت عنوان «المسلمين ضد المسيحيين»، أما قصة المحكمة الجنائية الدولية فإنها ليست سوى حلقة في مسلسل سيطول طالما ظل هناك نظام حكم سوداني يتوخى استقلالية وحرية التحرك في الساحة الدولية. <

 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد