بقلم/ أحمد عمرابي
«مقبرة الإمبراطوريات تقدم درساً إلى الولايات المتحدة». هذا هو عنوان مقالة نشرتها «نيويورك تايمز» للكاتب الأميركي كيلستين بوهلين. «المقبرة» هي أفغانستان. والكاتب يستدعي تجارب تاريخية ليتساءل عن مصير التورط الأميركي في الحرب الأفغانية.. منتهزاً مناسبة مرور عشرين عاماً على الخروج السوفييتي المخزي من أفغانستان في عام 1989. ويبدو الآن أن الولايات المتحدة تسير على خطى الاتحاد السوفييتي كما يقول الكاتب.
لقد بات معلوما ان الوضع العسكري الأميركي في أفغانستان أصبح في حالة تدهور على مدى الاثني عشر شهراً الأخيرة، لكن كما تفيد التجربة السوفييتية فان إرسال المزيد تلو المزيد من القوات الأميركية إلى الساحة القتالية لن يؤدي إلى تحسين الموقف، على العكس تماماً فإن التاريخ يقول لنا إن زيادة أعداد القوات لمحاربة ثورة مسلحة ليس معادلة رابحة، هذه هي الحقيقة التي أدركها الاتحاد السوفييتي بعد عشر سنوات من التورط في أفغانستان بقدر ما أدركتها فرنسا في الجزائر خلال عقدي الخمسينات والستينات.
بل وأدركتها الولايات المتحدة نفسها في فيتنام خلال السنوات العشر بين عام 1965 وعام 1975. خلال الحرب السوفييتية قتل مئات الألوف من الأفغانيين معظمهم مدنيون ولكن من ناحية أخرى بلغ عدد القتلى من الجنود السوفييت نحو 15 ألفاً، وهناك أكثر من شبه بين التجربة السوفييتية والتجربة الأميركية.
لكن أبرز أوجه الشبه يتمثل في حماية كل من القوتين لنظام حاكم عميل صار أمر الدفاع عنه عسكرياً ومالياً واستخباراتياً عبئاً في حد ذاته. ووفقاً لهذا الشبه فان جانباً من الجهد الحربي الأميركي الراهن في أفغانستان ينصرف إلى إبقاء نظام الرئيس حامد كرزاي على السلطة.
وكما هو معلوم فان الولايات المتحدة ابتدرت الحرب على أفغانستان في عام 2001 بهدف الإطاحة بنظام طالبان وتصفية قدرته القتالية تمهيداً لمطاردة قادة تنظيم «القاعدة» الذين يستضيفهم النظام. لكن الآن ورغم سقوط نظام الحركة لم تستطع واشنطن بعد ثماني سنوات من حرب شاملة تحقيق أي من الهدفين بل بينما يواصل الوضع العسكري الأميركي تدهوره فان قوات طالبان تمكنت من توسيع نطاق الحرب إلى الأراضي الباكستانية لكي ترهق القوات الأميركية.
والسؤال الذي يطرحه الكاتب الأميركي هو: هل تعي الولايات المتحدة الدرس القاسي الذي تلقاه السوفييت فتنسحب طوعاً من الأراضي الأفغانية أم تواصل وجودها العسكري هناك حتى تضطر عند نهاية المطاف إلى انسحاب متعجل وفوضوي بصورة مخزية كما جرى للاتحاد السوفييتي، وهنا يعيد الكاتب إلى أذهاننا أن أفغانستان مقبرة للإمبراطوريات من الاسكندر الأكبر إلى الرئيس السوفييتي ليونيد بريجنيف<