محمد أمين الداهية
كانت ليلة رائعة عندما قررت أنا وأحد الزملاء مواصلة طريقنا إلى البيت مشياً، كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة ليلاً، لم يكن قرارنا بسبب أننا لا نملك النقود الكافية لاستئجار سيارة تقلنا إلى منازلنا، لكننا استلطفنا جو تلك الليلة حيث كان للحديث متعة جميلة إلا أن تلك المتعة سرعان ما صاحبتها أحزان وآلام عارمة طفت عليها، اقتحمت الأحزان متعتنا عندما تطرقنا إلى الحديث حول الحياة وأوضاع الشباب ومستقبلهم، وأسباب الانحراف التي تكاد أن تؤدي بهذا المجتمع إلى الهاوية؛ لأن الشباب هم الأساس الأول لبناء المجتمع وتقدمه ونموه، فإذا كان شبابنا اليوم محبطين يقودهم اليأس حيث شاء حتى وإن كان هؤلاء يظنون أن مؤهلاتهم ستخلق تغييراً نوعياً إلى الأفضل في حياتهم، لكن أغلبها تذهب أدراج الرياح، تطرقنا في حديثنا إلى عدة شخصيات شبابية لديها مؤهلات وقدرات علمية وعملية لو حظت بالاهتمام ووفقت فيما أملت أن تسعى إليه لقدمت لهذا المجتمع الكثير والكثير، فلماذا لا يتم النظر في مثل هذا النوع من الشباب والاهتمام بمعاملاتهم وتيسيرها ومساعدتهم على تخطي الحواجز التي تحول بينهم وما يعينهم على الوصول إلى مستقبلهم الذي سهروا الليالي وأبلوا بلاءٍ حسناً وتفوقوا حتى أصبحوا خريجين بمعدلات ومستويات لا تقل تقديراً عن قدراتهم العملية، فهؤلاء يجب الاهتمام بهم ومساعدتهم قدر الإمكان، بعد ذلك لا ندري كيف انتقلنا من موضوع الشباب ودخلنا في موضوع آخر الفقر والأسر الفقيرة والجرع القاتلة من الأحزان والآلام التي تعتري هذه الأسر التي تقف مكتوفة اليدين عاجزة تماماً من أن تقدم لأطفالها ما تقدمه الأسر الأخرى ميسورة الحال كالتعليم والترفيه والملبس حتى الأكل والشرب هناك أسر تعاني الأمرين قساوة الحياة وظلم الناس أو من بأيديهم دعم هذه الأسر سواءً الحكومة أو جهات أخرى كمنظمات اجتماعية ورجال أعمال وغير ذلك، ولا يقدمون لهذه الأسر سوى التجاهل وغض الطرف، هذه الأسر إن لم تجد من ينظر إليها بعين المسؤولية والأمانة فماذا نتوقع من أطفال سيدهم الفقر يحتضنهم الشارع تستقبلهم العمالة التي نشأوا عليها أو التسول غير الإجرام ثم تساءلنا من هي الجهات المسؤولة عن مثل هذه الأسر الفقيرة؟ وكذلك الأطفال المشردون هل وزارة الشؤون الاجتماعية أم الجمعيات الخيرية أم المنظمات الأخرى التي تدعي أو تحمل اسم حقوق الإنسان وحقوق الطفل وما إلى ذلك؟ المهم أننا خرجنا بنتيجة هي أن الشباب في أمس الحاجة إلى الدعم وإلى من ينظر إليهم بعين المسؤولية واكتشفنا أن المجتمع لا يمكن أن يحظى بشباب واعٍ يقدر معنى الوطن ويبذل قصارى جهده من أجل العمل على نمو وطنه وتطوره ما لم يكن هناك اهتمام بالطفل والطفولة، فمن ينقذ الوطن من أطفال الشوارع الذين إن لم يجدوا من يحتضنهم ويمد لهم يد العون فمستقبل مجتمعنا سيء للغاية؟