شكري عبدالغني الزعيتري
ان الدساتير المكتوبة في أصل نشأتها يرجع ظهورها إلى المستعمرات الانجليزية في أمريكا الشمالية غداة استقلالها عن المستعمر البريطاني سنة 1776م إذ أعلن الدستور الفيدرالي للولايات المتحدة الأمريكية عام 1787م ومنها انتقل إلي فرنسا حيث وضع دستور لها في سنه 1791م ثم امتد ذلك إلي بقية الدول حتى أصبح وجود الدستور المكتوب دعامة هامه للدولة الحديثة تشيد عليها صرح بنائها. ودستور الجمهورية اليمنية أعلن عنه يوم الإعلان عن تحقيق الوحدة اليمنية يوم 22 مايو 1990م وتمخض عن مراحل زمنية مر بها كمقدمات هدفت الخروج بدستور ليمن موحد و إلي تحقيق الهدف الرئيسي الوحدة اليمنية وبدأت فكرته منذ الوهلة الأولي لقيام ثورتي اليمن في شماله ثورة 26سبتمبر 1962 م وثورة 14 / أكتوبر 1963م في وجنوبه وتتابع نضال المخلصين الوطنيين من أبناء البلد وتضحياتهم والذي افرزه بشكل أكثر وضوحا في لقاء الكويت في عام 1972م والذي جمع بين فخامة الرئيس / المشير علي عبدالله صالح والذي كان رئيسا لدولة الجمهورية العربية اليمنية في شمال اليمن وبين المفكر الراحل عبدالفتاح إسماعيل رحمه الله تعالي والذي كان حينها رئيسا لدولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في جنوب اليمن. وبعد فترة الحكم الانتقالي الذي حمت اليمن الموحدة به عقب تحقيق الوحدة اليمنية وأفرزت تعديلات في بعض مواد الدستور الوحدوي لدولة الوحدة اليمنية والذي ارتكز علي أساس أن الشعب اليمني صاحب السيادة ووضع أسس نظام الحكم الديمقراطي ووضح كيفية ممارسة مظاهر السيادة والطرق الديمقراطية لتبادل الحكم والسلطة. واقر الفصل بين السلطات جميعا (التشريعية والتنفيذية والقضائية ) كما وضح اختصاصاتها والعلاقة بينها وارسي مبادئ الحقوق والحريات العامة. . . . ولكن هذه النصوص في الدستور ليس دليلا علي الالتزام بأحكام القانون الدستوري وتطبيقها. . فقد مورس الكثير من التجاوزات والمخالفات لمواد دستورية آخرها تصويت أعضاء مجلس النواب ولصالح التمديد لأنفسهم سنتين إضافية قادمة وتأجيل الانتخابات والذي تم في نهاية الأسبوع قبل الماضي في اجتماع جلسة الخميس لتاريخ 26 /فبراير 2009م. . . . ولضمان الالتزام بأحكام القانون الدستوري وتطبيقها يجب أن تتوافر الضمانات التي تكفل التطبيق العملي للنصوص الدستورية (100%) ولهذا مطلوب إيجاد سلطة الرقابة وتكون رقابة فعالة علي أعمال السلطات العامة (التشريعية والتنفيذية) ويتبعها الجزاء في حالة التجاوز. . وليس كمثل الرقابة القائمة اليوم والتي يعمل بها حاليا مجلس النواب من أعمال رقابة ومتابعة كما يقولون ونري ونسمع و القائمة منهم أعضاء مجلس النواب بان يكونوا رقيباً على أنفسهم وبأنفسهم. . وان تكون السلطة التنفيذية رقيبة علي نفسها وبنفسها بان أنشئت لها مؤسسات رقابة خرجت من رحم الحكومة التنفيذية وأولتها الرقابة على مؤسساتها التي الحكومية التنفيذية التي تديرها ورجالها وظهر بان الراقب والمراقب يعودون إلي أبوية (أب واحد) منجب (الحكومة التنفيذية) وأمام هذا يمكن أن نقول بان رقابة اليوم القائمة ما هي إلا رقابة (المغالطة ) أن يولي الابن ليمارس السلطة الأبوية ورقابته علي الأب فكيف سيجرئ ويقوى علي ذلك. . . نخلص إلي القول بان الدستور اليمني يريد أن يكرم من أي تجاوزات. . ويريد أن ينزهه من أي تعديلات لمصلحة فئة من وقت لآخر. وتريد نصوص مواده الالتزام بتطبيقها الفعلي (100%) من خلال إيجاد لها سلطة الرقابة وتفعيلها ويتبع ذلك إيقاع الجزاء واللذان من شأنهما توقيع جزاء يبطل التصرف غير المشروع. . فإن ما يحتاج له الشعب اليمني إن كان يراد له التقدم والرقي. . والبلد اليمني إن كان يراد له الازدهار. . والوطن إن كان يراد له الحماية والنجاة بسفينته المبحرة التي لم تهدءا ولم تتوقف علي شاطئ الأمان منذ يوم تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م وحتى اليوم. . .
المطلوب من أعضاء مجلس النواب سواء الحاليين أو القادمين بالمستقبل إن تكون مهامهم وأعمالهم في اتجاه الرقابة الفعالة ونريد منهم (سلطة الرقابة واتقاء الجزاء. . وليس فقط وظيفة التشريع ). نريد سلطة الرقابة التي تتضمن الرقابة السياسية والتي تعرف بأنها الرقابة الوقائية التي تحول دون صدور القوانين التي يتبين قبل إصدارها أنها تتضمن خروجا علي الدستور. . . كما نريد سلطة الرقابة القضائية علي دستورية القوانين والتي تعرف بأنها الرقابة التي يتولي القضاء بنفسه لفحص مشروعية القوانين إلي أصدرها (أعضاء أي مجلس نواب لبيان مدي مطابقتها أو خروجها علي أحكام الدستور ومدي تجاوز أعضاء أي مجلس نيابي( حاضرا ومستقبلا) لاختصاصاته التي رسمها له الدستور. . . نريد قضاء دستوري يقوم بالفصل في الدعوات التي تنظر أمامه علي أساس نصوص الدستور. . . . وأيضا في جانب السلطة التنفيذية نريد سلطة الرقابة وإيقاع الجزاء علي أعمال وأشخاص السلطة التنفيذية ممن يخطون ويتقاعسون ويقصرون في أعمالهم وأداء مهامهم ومن يضرون بمصالح الوطن والشعب اليمني. ولكي يتحقق هذا ولكي توجد سلطة الرقابة وإيقاع الجزاء يفترض أن يكون الآتي : (1) إنشاء محكمه دستورية قضائية مستقلة يكون أعضائها منتخبين من الشعب مباشرة ومن علماء متخصصون (علما وخبرة) في السلك القضائي والقانوني. وعلي أن تكون سلطات المحكمة القضائية الدستورية وقضاتها اعلي من السلطات (التشريعية والتنفيذية) وتطولهم (2) أن لا يكون أعضاء اللجنة العليا للانتخابات ولاء أعضاءها لأحزاب أو لفئات وإنما للبلد والشعب ولتحقيق ذلك لابد أن يكون أعضاء اللجنة العليا للانتخابات منتخبين مباشرة من الشعب وليس معيين من الأحزاب (3) تسخير الأجهزة الرقابية العامة لمصلحة عمل مجلس النواب بحيث تكون جميعها تابعة لمجلس النواب وعلي أن تسير أعمالها واختصاصاتها كأداة وأجهزة رقابية على أعمال السلطة التنفيذية وجهاتها ورجالها ولما يلي : (أ ) أن يكون الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة تابعا بشكل مباشر لمجلس النواب وهو من يعين قاداته الإدارية والرقابية وليس لرئاسة الجمهورية (ب) أن تكون منظمة مكافحة الفساد منظمة يعين كادرها ويدعم من مجلس النواب وترتبط به مباشرة في مهامها ونتائج أعمالها وتابعة له وليس لرئاسة الوزراء (ت) أن تكون نيابة ومحكمة الأموال العامة خاضعة (فنيا) لسلطة المحكمة الدستورية القضائية. .
وليس استمرار الحال علي ما هو علية اليوم بان أجهزة الرقابة ومنها (الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة و منظمة مكافحة الفساد ونيابة ومحكمة الأموال العامة وغيرها ) من مؤسسات رقابية والتي ولدت من رحم السلطة التنفيذية (الحكومة ) وهي في ذات الوقت مؤسسات رقابية علي من خرجت من رحمها. فأمام هذا نتسال : كيف سيكون حال الرقابة وحال الجزاء في هكذا واقع عملي. . ؟ إذ لم نسمع يوما ولم نقرأ منذ تاريخ البشرية بان الأبناء هم من يكون لهم السلطة الأبوية علي الإباء ويستطيعون تنفيذ ما رأوه من جزاء في الإباء عند الخطاء. وأيضا مع التعجب أتسأل : كيف يمكن أن يكون الإنسان محاسبا لنفسه ويجازيها عند خطئها. . : كمثل ما هو قائم اليوم لدى أجهزة الرقابة التي ولدت من رحمة الحكومة وتابعه لها فكيف ستحاسبها وتنفذ فيها الجزاء عند الخطاء. . . . . تابع بالعدد القادم غدا الحلقة السابعة بعنوان (يا نواب الشعب. . حمل أوزار الأمانة ثقيل وعاقبتها وخيمة ).
Shukri -_alzoatree@yahoo. com