إسماعيل صالح السلامي
الكل يكتب ولكن تختلف الكتابة، وهناك معايير ومقاييس تميز الكتابة عن بعضها من تلك المعايير أولاً وقبل كل شيء المصداقية، فغياب المصداقية يجعل المقال مجرد طنطنة على الفاضي، وجوده وانعدامه سواء فهو لا يسمن ولا يغني من جوع ولا تنتج عنه أي فائدة للقراء، فالكتابة عبارة عن خبر يصل إلى القارئ عن طريق النظر ولكن ذلك الخبر يحتمل الصدق والكذب والقارئ دائماً يبحث عن الحقيقة والكلمة الصادقة ولذلك فإن مصداقية الكاتب تجلب لما كتبه العديد من القراء وتكون لكلماته صدا ممن يقرأونها الأمر الذي يستدعي الكتاب إلى الالتزام بالمصداقية بعيداً عن المصالح الشخصية والمجاملات والنفاق، فالصادق في كلامه كالمجاهد في سبيل الله، وكلام الصادق الأمين صريح حول ذلك، فقد قال المصطفى الأعظم صلى الله عليه وسلم: "أعظم الجهاد في سبيل الله كلمة حق عند سلطان جائر"، فلماذا يبتعد الكثير من الكتاب عن هذه المنزلة الشريفة ويسعون نحو المصالح الشخصية والمجاملات رغم معرفتهم أن ذلك النفاق سيفقدهم مصداقيتهم وشرف الكلمة وكان من الأفضل لهم الالتزام بالمصداقية بدلاً من أن يسقطوا بأقلامهم إلى الوحل وتظهر شخصيتهم الهزيلة أمام جميع القراء؟
فإنني ألاحظ عند مطالعة الكثير من الكتابات أن هنالك كتاباً قد تخلوا تماماً عن المصداقية وصاروا يبحثون عن لفت الأنظار إلى ما كتبوه وذلك باستخدام أخبار وهمية ومبالغات غير قياسية قد لا تستوعبها العقول المدركة وصاروا يمدحون بعض الأشخاص ويعظموا أمورهم وينسبون إليهم صفات ليست فيهم وأعمالاً لا يقومون بها وذلك مقابل منافع مادية زائلة، فأصبح هدفهم من الكتابة هو إرضاء الشخص الموصوف والحصول على المادة أو تبادل المنافع بغض النظر عن استفادة القارئ مما كتبه، كما أن هنالك كتاباً يتناولون شخصيات سياسية عامة بهدف التقرب من أولئك الشخصيات بالمدح الفاضح علماً بأن تلك الشخصيات السياسية ربما ضحكت من مدحهم لأنهم قالوا أشياء ليست موجودة في تلك الشخصيات واستهزأت بهم وعرفت بأنهم كالمداحين في الأعراس أو الدواشين، ولكن لم ينتبه أولئك النفر بأنهم سيكونون منبوذون من تلك الشخصيات قبل أن يكونوا منبوذين من جميع القراء والسؤال هنا يطرح نفسه: لماذا يرمون أولئك الكتاب بأنفسهم إلى الإهانة والاستحقار؟ هل أنهم جاهلون عن عواقب النفاق؟ أم أنهم راضون بتلك الإهانة والاستحقار من قبل الآخرين؟
فمثل هؤلاء الكتاب المنافقين لا يجب على الصحف الشريفة التي تحافظ على مصداقيتها نشر أخبارهم وأكاذيبهم لأنهم فسقة وجاءوا بأنباء كاذبة، فعلى من يقومون على الصحيفة التبين والتحقق في مقالاتهم قبل نشرها لأن كلامهم إذا كان كاذباً ربما قد يؤثر على عدد لا يحصى من شرائح المجتمع كون الكتاب يعتبرون الطبقة المثقفة والمؤثرة على الآخرين سواءً تأثيراً سلبياً أو إيجابياً كما نطالب جمعية الكتاب اليمنيين بوضع قوانين صارمة وإجراءات جازمة أمام كل من يحاول التخلي عن المصداقية ويلجأ إلى إلى المغالاة في المدح أو الإفراط بالقدح دون الاستناد إلى دلائل أو إثباتات تبين صحة ما يقوله حتى تمكن الصحافة والإعلام من أداء دورها بشكل سليم في التوعية والتثقيف لجميع شرائح المجتمع وخصوصاً إذا تمسك الإعلاميون بالمصداقية والنقد البناء وتناول الظواهر الاجتماعية والعادات والتقاليد السيئة في المجتمع، فالإعلام سلاح ذو حدين وله القدرة على توجيه المجتمع توجيهاً صحيحاً ونحن حالياً في مسيس الحاجة إلى إعلام قوي يطلع بمهامه على منابع الفساد والمفسدين ويصحح مسارهم بالنقد البناء، فالنقد البناء يبني الشعوب لا سيما إذا مارس الإعلام أعماله بشتى أنواعها بكل حرية.