جميل السلحوت
تثبت الأيام أنه كلما تحدث مسؤول فلسطيني أو عربي أو دولي عن السلام في الشرق الأوسط، فإن إسرائيل تقوم بإجراء على أرض الواقع يُبعد إمكانية الوصول إلى السلام، فبدلاً من إقامة الدولة الفلسطينية في العام 2008 كما وعد الرئيس الأمريكي المنصرف بوش، فإن إسرائيل اختتمت ذلك العام بحرب تدميرية على قطاع غزة.
وإذا كان العالم يرى في اتفاقات أوسلو الموقعة في أيلول 1993 بداية لتمكين الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير وإقامة دولته المستقلة- فإن إسرائيل بدلاً من إنهاء احتلالها، ضاعفت بناءها الاستيطاني في الصفة الغربية، وأقامت جدارها التوسعي...
وإذا أخذنا بعين الاعتبار عدد المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة الذي يقارب نصف مليون شخص، منهم حوالي 220 ألف مستوطن في القدس الشرقية، فإن هذا العدد سيتضاعف في السنوات القليلة القادمة في حالة تنفيذ المخطط الاستيطاني الرهيب الجديد.
وبما أن الصراع يتمحور في أساسه حول الأرض فإن الأعمال الإسرائيلية على أرض الواقع قد حصرت التواجد الفلسطيني في المدن والبلدات والقرى والمخيمات الفلسطينية..
ومع أن الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة قد بدأ منذ اليوم الأول للاحتلال في حرب حزيران 1967، والذي تمثل بهدم حارات المغاربة والشرف والنمامرة في القدس القديمة، وبناء حيّ استيطاني يهودي مكانها، فإن هذا الاستيطان لم يتوقف يوماً واحداً ليشمل بقية أجزاء الضفة الغربية والجولان السورية المحتلة، وعدة مستوطنات في قطاع غزة ثم هدمها أثناء الانسحاب الإسرائيلي الشكلي من القطاع في العالم 2005، وقبلها بناء مستوطنة "ياميت" في سيناء المصرية والتي تم هدمها في أعقاب اتفاقات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل.
ومن غير المفاجئ أن المستوطنات تقام على مرأى ومسمع العالم وبتمويل أمريكي في غالبيته، وفي تحد واضح لقرارات الشرعية الدولية وللقانون الدولي، ولاتفاقات جنيف الرابعة بخصوص الأراضي التي تقع تحت الاحتلال العسكري، إلا أن العالم وخصوصاً الدول صاحبة النفوذ والتأثير في الصراعات الدولية لم تحرك ساكناً. ويلاحظ أن إسرائيل في تنفيذ سياساتها الاستيطانية وحروبها غير المبررة تصاحبها حملات دبلوماسية مكثفة في الحديث عن رغبتها في تحقيق السلام، بينما أفعالها تثبت عكس ذلك تماماً.
وإذا ما كانت المجموعة الأوروبية وأمريكا واللجنة الرباعية تدعو إلى عدم الاعتراف ببعض فصائل المقاومة الفلسطينية، ومنها حماس، ما لم تعترف بإسرائيل.. فإن ذلك لم يترافق بما يوازيه من طلبات على إسرائيل تنفيذها، ومنها وقف الاستيطان الذي يشكل حرباً مفتوحة، كبادرة حسن نية لتحقيق السلام والذي لن يأتي إلا باقامة الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس..