إسماعيل صالح السلامي
لقد انتشرت ظاهرة انحراف الشباب خصوصاً في صفوف المراهقين نظراً لأن هذه الفترة من العمر يكون الفرد فيها غير قادر على التحكم في نفسه فتحكمه الغريزة في هذه المرحلة العمرية لا سيما إذا لم يكن لديه وازع ديني فيميل إلى الإثارة والبحث عما يثير غريزته في ظل انعدام التعليم الديني وفقدان القدوة الحسنة والإهمال الذي يجده المراهق من قبل أسرته نظراً لانشغال الآباء في أعمالهم وخصوصاً المغتربين وعدم تمكنهم من مراقبة أبنائهم أو التدليل الزائد وسوء التربية، وغياب التوجيه والرقابة، كلها تؤثر في سلوكيات الأبناء وتصرفاتهم، فيلجأ المراهق إلى الانتماء إلى مجموعة تشاركه في مشاعره واختيار رفقة تعيش مرحلته فيبث إليهم آماله وآلامه وحاجاته ومطالبه ويبثون إليه مثل ذلك فياثر عليهم ويتأثر بهم ومن هنا ينتشر الفساد الأخلاقي بين الشباب ويصبحون عصبة فاسدة من الشباب تجمعهم مجالس القات والتدخين أو السينما لمناقشة أفكارهم الحالمة وأهوائهم الآثمة وتخيلاتهم الجنسية المثيرة للغريزة التي تجعل الشاب يسعى نحو تخيلاته مما قد يؤدي إلى الوقوع في الحرام في ظل غياب الآباء وتجاهلهم عن مراقبة أبنائهم، فعلى الآباء مراقبة أبنائهم واختيار الجليس الصالح لهم فالجليس يأثر على الشاب سواء تأثيراً سلبياً فيعمل على انحرافه أو تأثيراً إيجابيا فيعمل على توجيهه التوجيه الصحيح والمصطفى الأعظم قد وجه في اختيار الأصدقاء والرفقاء في قوله صلى الله عليه وسلم: "مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة"، ولذلك فيقتضي الحذر من رفيق السوء شياطين الإنس فإنه يجرك إلى الرذيلة ويباعدك عن الفضيلة خطوة تلو الأخرى حتى يقودك إلى فعل الموبقات والآثام، وما نلاحظه حالياً في شبابنا خير دليل على ذلك، فقد أصبح من النادر أن ترى الشاب الواعي الفاهم السالك بمساره الصحيح.
كما أن هناك الكثير من الشباب يتأثرون بأفلام أجنبية ويحاولون تطبيقها على أرض الواقع فيتشبهون بأهل الكفر والفساد في ملابسهم وحركاتهم وقصات شعرهم والتهاون عن التعليم الديني وعقوق الوالدين وغيرها من الأعمال الغير أخلاقية فأين التعليم وما دوره في توعية الشباب وتحصينهم؟
فمن الملاحظ أن التعليم لم يظهر له أي جدوى في الحد من هذه الظاهرة الخبيثة وخصوصاً مع انعدام التعليم الديني بشكل صحيح، حتى أن المواد الإسلامية بات الكثير من الطلاب يتجاهلونها بحجة سهولة حفظها سواء حفظها غيب أو حفظها في الجيب إضافة إلى ذلك التعليم الديني في المساجد فقد بات كل خطيب يدعي إلى مذهبه أو حزبه في ظل الصراعات الطائفية والحزبية ويتركون التوعية الإسلامية للشباب.
كما أن الإعلام بشتى أنواعه وخصوصاً المرئي قد ساهم وبشكل كبير في غزو أفكار الشباب عن طريق الكثير من القنوات التي تبث كل ما يعمل على تهييج غرائز الشباب وتحريك عواطفهم وتشجيع الشباب على الانحراف، فالإعلام سلاح ذو حدين، فقد يكون عاملاً من عوامل الانحراف وقد يكون نافعاً للشباب وهناك قنوات إسلامية تعمل على توعية وتثقيف الشباب توعية إسلامية وهذا ما نريد تشجيعه وتكثيفه، فالإعلام فيه الداء وفيه الدواء وهو من يقدر على توجيه الشباب توجيهاً صحيحاً وحمايتهم من الانحراف.
إن ظاهرة انحراف الشباب من أخطر المشاكل التي تواجه المجتمع وسينتج عنها نتائج سلبية على المجتمع بأسره إذا لم نضع الحلول المناسبة لها ولذلك فينبغي علينا أن نسخر كل الإمكانات لمواجهتها والقضاء عليها، كما نطالب الإعلام بتصحيح مسارها والسعي نحو إصلاح الشباب وأجيال المستقبل، فالأمة مرتبطة بإصلاح شبابها، فالشباب للأمة كمثل القلب للبدن إذا صلح صلح الجسد كله، وإذا فسد وانحرف انعكس ذلك على المجتمع.