بقلم :احمد عمرابي
تنقية الأجواء. . تحسين المناخ. . توحيد الصف العربي، التضامن، هذه هي العبارات المفضلة لدى القادة العرب كلما رأوا مناسبة للتصالح العربي. وتعقد اجتماعات تصدر بيانات حافلة بعبارات بلاغية فاقدة المضمون.
هذه الحال لن تتغير ما لم يتوافق العرب على استراتيجية قومية مشتركة وثابتة. فما هي العناصر والمرتكزات الرئيسية التي ينبغي أن تُبنى عليها مثل هذه الاستراتيجية؟
تحرير الأراضي العربية من الاحتلال الإسرائيلي هو الهدف الاستراتيجي الأعظم الذي ينبغي أن يكون محل إجماع عربي كامل. هذه هي الأرضية التي يجب أن تنطلق منها العناصر والمرتكزات. وإذن يأتي في مقدمة هذه العناصر والمرتكزات توافق بين كافة الأنظمة العربية على دعم المنظمات والفصائل التي تضطلع بعبء المقاومة.
والمطلوب هو دعم كامل وشامل بالمال والسلاح والوسائل اللوجستية والمساندة الدبلوماسية.
لو تبنت الأنظمة العربية مثل هذه الاستراتيجية واتخذتها معياراً أساسياً للتعامل مع العالم من جهة والاحتلال الإسرائيلي من جهة أخرى فإنها ستجد نفسها حتماً في مواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة. . الشريك الاستراتيجي الأكبر للدولة اليهودية.
هنا ينشأ تساؤل: هل الأنظمة ترى في الولايات المتحدة صديقاً، لكن واشنطن تستغل هذه الصداقة لصالح إسرائيل، ليس فقط لاعتبارات حماية الدولة اليهودية، وإنما أيضاً وهذا هو الأشد خطراً لدعم مشروعها التوسعي لتكون القوى العظمى الإقليمية المتفوقة على الدول العربية مجتمعة.
ومن المؤسف أن العرب يتجاوبون مع هذا الاستغلال الأميركي. بعض الأنظمة العربية تشاطر واشنطن رؤيتها في تصنيف منظمات المقاومة كجماعات إرهابية، وتذهب أبعد من ذلك باتخاذ موقف عدائي ضد أية جهة خارجية تتبرع بدعم المقاومة. ومع ذلك ليس من الإنصاف أن يقتصر النقد على النظام العربي الرسمي، فهناك فريق فلسطيني يضبط تحركه على الإيقاع الإسرائيلي الأميركي وبالتالي يدمغ فصائل المقاومة بالإرهاب، مما يوفر حجة جاهزة لمسؤولي النظام العربي والمدافعين عنه بالقول: «إننا نتصرف وفقاً للإرادة الفلسطينية».
وهكذا تدور الأمور في حلقة مفرغة على الصعيدين العربي والفلسطيني. . ذلك أن المصالحة في كلا الحالتين محكومة بأجندة إسرائيلية أميركية من على البعد. ولن يتحقق تحرير الأرض قبل أن يتحقق تحرير الإرادة.