محمد أمين الداهية
من المفترض أن يحظى الأطفال الصغار في مرحلة الدراسة التمهيدية أو الابتدائية بكادر تربوي متميز ومؤهل بالشكل المطلوب الذي يسمح له بالتعامل مع هؤلاء الطلاب الأطفال، لكن للأسف الشديد نجد الكثير من التربويين أو المربين يتعاملون مع طلاب المرحلة التمهيدية أو الابتدائية بكل وحشية، تعامل فيه الكثير من القصور في الوعي لدى هؤلاء المربين، وما هو موجود في مجتمعنا أن بعض المربين من الذين يتعاملون مع أطفال بدءوا الدخول في النقطة الأولى من حياتهم التعليمية تتحكم في تعاملهم وأسلوبهم في التدريس حالاتهم النفسية وانفعالاتهم اللا إرادية، فنجدهم بتصرفاتهم يدخلون الخوف والرعب إلى قلوب الأطفال وعقولهم، فيتولد عندهم بغض المدرس والكتاب والمدرسة وتسيطر عليهم الكآبة ويحدث عندهم ضمور في التفكير والقابلية على التركيز والفهم ويصاحبهم هذا الضمور طيلة حياتهم الدراسية والسبب في ذلك التعامل السيء من قبل المربين أو الأساتذة الذين زرعوا هذه العقدة النفسية في الطالب، إن المرحلة التمهيدية والابتدائية لا تحتاج إلى مدرس وحش لا يفهم غير العنف أسلوباً للتدريس أو التعليم، إن هذه المرحلة تحتاج إلى كوادر لديها من القدرة والكفاءة والخبرة ما يجعلها تنشئ أطفالاً عباقرة يخدمون المجتمع مستقبلاً، إن الطفل بحد ذاته ليس غبياً ولكن هناك عوامل تجعله غبياً وضعيف الإدراك وأهم هذه
العوامل سوء اختيار المربي للأطفال في سنواتهم الأولى من التعليم، وغالباً ما يتعرض الطفل إلى الظلم الشديد من قبل المدرسة وكذلك من قبل البيت عندما يقتنع ولي الأمر بكلام المدرس أن طفله أو ابنه غبي ولا يمكن أن يتعلم فيتعرض الطفل للتوبيخ والتهزيء، وقد ربما للضرب المبرح من قبل المدرسة والبيت.
ولو جئنا للحقيقة التي يجهلها الكثير سواءً من المربين المعلمين أو من أولياء الأمور، الطفل الغبي أو الغير قادر على الاستيعاب يعاني من مشكلة فيظل أسيراً للتهزيء والتوبيخ دون ذنبٍ ارتكبه، هناك مرض يسمى "الديسلكسيا" وهذا المرض يوجد عند الأطفال وهو وجود مشكلة لدى الطفل مع الكلمات تؤثر في عملية القراءة والتهجي والكتابة والمذاكرة والتركيز هو المسؤول عن اللغة وأي خلل في هذه المنطقة يسبب مشكلة في عملية تحليل وتركيب الكلمة لفظاً وكتابة، إلى درجة أن "الديسلكسيا" قد اقترنت بظاهرة قلب الحروف عند قراءة الكلمة أو كتابتها وهذه المشكلة تعد إدراكاً بصرياً، أما "الديسلكسيا" تكون غالباً وراء عدم قدرة الطفل على ربط الأصوات بالرموز عند تحليل الكلمة، ومن أعراض "الديسلكسيا" صعوبة في تعلم وتذكر الكلمة المطبوعة أو رمزها، أخطاء في التهجي، تجاوز بعض الكلمات أو السطور، القراءة دون المستوى المتوقع، إضافة وحذف واستبدال بعض الكلمات عند القراءة أو الكتابة.
ما نريد أن نصل إليه أن الطفل غالباً ما يتعرض للظلم كما أسلفنا ولو كان هناك وعي من قبل المربي أو المدرس فسيدرك أن الطفل الذي يتعامل معه بالتهزيء والتوبيخ ليس غبياً وإنما يعاني صعوبة في التعليم وبالتواصل مع أسرة الطفل وإقناعها بأن طفلها يعاني صعوبة في التعليم وحل هذه المشكلة لا يكون إلا في مدارس خاصة بالطلاب الذين يعانون صعوبة في التعليم ويمكن معالجة هذه المشكلة بالأساليب المتعددة والتي يراها المختصون مناسبة للطفل، ولكن ما هي هذه الأساليب؟ وأين توجد هذه المدارس؟ وأين دور وسائل الإعلام والتعليم؟ والاهتمام بالطفولة من هذه المشكلة الخطيرة جداً، هذا ما سنتناوله في الأيام المقبلة إن شاء الله.