جمعه إبراهيم منصور
الأمريكان والأوروبيون يتباكون على غزة ويظهرون الحرص والغيرة والكرم لإعادة إعمار غزة ويتبارون إعلاميا في التبرع لهذا الغرض وفي ذات الوقت يدسون السم في الدسم، فهذه المساعدات السخية التي يقدمونها، إن حصلت فعلا، يربطونها بشروط ومتطلبات واستحقاقات لا أول لها ولا آخر ولا علاقة لها بإعادة الإعمار.
من بينها تخلي المقاومة الفلسطينية عن العنف والإرهاب- حسب تعبيرهم- والاعتراف بالكيان الصهيوني ولا يتحدون على إيقاف اعتداء إسرائيل على شعب أعزل ولا اعترافها بالفلسطينيين، يهمهم فقط أن تدفع المساعدات إلى القنوات التي يحددونها إلى غير ذلك من الشروط والاستحقاقات التي يضعونها حجر عثرة أمام تقديمهم تلك المساعدات لأنهم بداية لا يرغبون في تقديمها..
لو كانوا حقا جادين في مواقفهم لكانت مواقفهم جدية منذ البداية فأوقفوا الاعتداء منذ بدايته بدلا من مساعدتهم إسرائيل بكل الوسائل السياسية والإعلامية وتزويد دولة بني صهيون بالسلاح، ولو فعلوا ذلك لما تكبدوا المساعدات المالية ولا اضطروا إلى عقد ما يسمى بمؤتمر المانحين والتظاهر بأنهم يتباكون على غزة وضرورة إعادة إعمارها.
أما الخسارة البشرية فلا أحد يتحدث عنها ومن المؤسف أن بعض الأنظمة العربية سارت في نفس الاتجاه وينطبق عليها ما ينطبق على أمريكا وأوروبا وربما أكثر، حيث ساهم بعضها بشكل مباشر في الاعتداء سواء بالحيلولة دون انعقاد اجتماع وزراء الخارجية العرب أو انعقاد مؤتمر قمة طارئ خاص بغزة وغلقت المعابر وخاصة معبر رفح ومنعت وصول المساعدات والأطباء والمهندسين ولجان حصر الأضرار بشكل يوثق الأضرار من أجل توظيفه في المطالبة بمحاكمة المجرمين من عسكريين وقادة سياسيين في دولة العصابات.
وأصبح النظام المصري يبكي على عقد مؤتمر المانحين وأمريكا وأوروبا وبعض الأنظمة العربية اتخذت من قفل المعابر وسيلة للضغط على المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتهم النظام المصري الذي قام بذلك رغم ما يتلقاه من صفعات متكررة من إسرائيل وسفهوا رأس النظام أكثر من مرة، أما السيد محمود عباس فوجد ضالته هو وزبانيته في موضوع إعادة إعمار غزة ولم يشبع هو ولا جماعته من الأموال إن صح دفعها.
وإذا أريد صرفها بشكل جيد وبأسلوب واضح وشفاف وتصرف في الأغراض المخصصة لها فيجب أن تؤسس لها هيئة مستقلة تمثل فيها الجامعة العربية- "هذا الرجل المريض" بسبب الخلافات العربية- وحركة حماس ومنظمة العالم الإسلامي واتحاد المهندسين العرب وفتح، يمثلها رجال مشهود لهم بالجدية والنزاهة ونظافة اليد مثل الدكتور مصطفى البرغوثي، لأن وضع الأموال تحت تصرف السلطة الفلسطينية معناه العبث والفساد والإفساد والخضوع لشروط أمريكا وأوروبا وهما الممثل الحقيقي لدولة الصهاينة وهذه دولة احتلال لا ترغب ولا تريد إعادة إعمار غزة.
أما السلطة فهي لا تختلف معها في هدفها وغرضها وهي مجرد قسم خدمات، لدى هذه الأطراف الثلاثة وهذا واضح من خلال انبطاحها والتنازلات التي تقدمها بتخليها عن الحقوق والثوابت الفلسطينية.<