محمد أحمد صالح هادي
إن ما جرى من جرائم حرب وجبروت وهلوسة وجنون من قبل مجرمي الحرب الصهاينة في قطاع غزة والذي لم يشهد التاريخ له مثلاً في عصور الحروب البشرية من وحشية وخراب ودمار على الأطفال والنساء والشيوخ والرجال العزل حتى الحجر والشجر لم يسلموا من الدمار وتحول القطاع إلى أرض محروقة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وهذا العدوان لم يكن ليحدث إلا نتيجة التخاذل والتواطؤ والصمت الرسمي العربي وتحت مظلة ما يسمى "بالدول المعتدلة" وهي بالأصح معتدية ولو بشكل غير مباشر على إخواننا في غزة، فعلى سبيل المثال قاموا بعرقلة أي جهود تبذل في عقد أي قمة عربية لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، بل إنهم تمادوا إلى حد منع التظاهرات والمؤتمرات الشعبية لإدانة الغطرسة اليهودية والخذلان العربي حتى خطباء الجوامع تم كبتهم وخروجهم عن دائرة هذه الأحداث وكأن الأمر لم يعنهم لا من قريب ولا من بعيد، فالمفارقات كانت واسعة بين الشعوب تحت وطأة الحكام المعتدلين والشعوب الأخرى سواء كانوا عرباً ومسلمين أو أجانب من حيث حرية الرأي والتعبير الغاضب والضاغط للحكام من أجل وضع حد لمهزلة هذه الحرب الإجرامية أمام وجهة الآلة الإسرائيلية وما نتج عنه من وقف لإطلاق النار والانسحاب الفوري من القطاع والعمل على رفع الحصار وفتح المعابر بشكل دائم والسعي لإطلاق أسرى الحرب من سجون الاحتلال والعمل على تشكيل وحدة وطنية وتفويت الفرصة للمخططات الإسرائيلية ومن يقف ورائها ورغم الخراب والدمار في الأرواح والممتلكات في غزة إلا أنها مقدمة لنجاح ونصر المقاومة وضيعت ظنون وآمال كل من راهن على هزيمة المقاومة، بل إنها عار ولعنة تطاردهم إلى يوم القيامة وكفانا بالجيوش العربية المجمدة والأسلحة الحديثة المشتراه بمليارات الدولارات سنوياً مكسدة واستعراضها فقط في الميادين العسكرية أو لقمم الشعوب بها إن أضطرت الظروف لذلك، بل إنه من المؤسف والمخجل أن تستمر دولُ عربية بعلاقات مع إسرائيل في نفس الوقت تقدم دول أجنبية مثل فنزويلاً وبوليفيا بقطع أي ارتباطات دبلوماسية معها على غرار أحداث غزة.
ولم ننسَ المواقف الفجة لشعوب العالم ومنها الموقف الرسمي والشعبي لتركيا وعلى رئيسم رئيس وزرائها أردوغان والذي كان عربياً ومسلماً وغيوراً أكثر من العرب أنفسهم ومواقفه الشجاعة والإنسانية تجاه أحداث غزة لم تأتَ من فراغ بل تعبيراً عن إرادة الشعوب المحبة للسلام والإيمان بالحياة والديمقراطية، وهو نقيض الحكم في معظم الدول العربية التي لا تؤمن بالمساواة والعدل والحرية بل بالوراثة أو الانقلابات العسكرية أو تزييف الانتخابات والمساومة فيها، فما أحوجنا نحن العرب اليوم قبل الغد حكام قبل الشعوب إلى توحيد صف الأمة وإعادة تاريخها ومجدها من جديد وتوديع زمن الانقسامات والعمالة ودعم المقاومة ولو بالسر لأنها النسق الأول للعرب والمسلمين ونأخذ العبر والدروس بجدية من المؤامرات الإسرائيلية والغربية على منطقتنا العربية والإسلامية وخلق المشاكل والفتن في دولها ومنها محاربة الإرهاب والقراصنة الصوماليين في عدن وتهريب السلاح إلى حماس وتدمير العراق واحتلال أفغانستان والقبض على الرئيس السوداني وغداً لا نعرف ماذا يريدون؟!.<