د. فايز أبو شمالة
بعد أن فشل الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، وتعثرت طائراته، وسفنه الحربية، ودباباته المتطورة، واندحرت على بوابات غزة الخشبية، لجأت الدولة العبرية إلى تجنيد الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا إضافة إلى سبعة دول أوروبية لوقف تسليح غزة، وستعمد هذه الدول العملاقة إلى وضع الأساس للتعاون فيما بينها، وسيلجأ هؤلاء العملاقة إلى الضغط الدبلوماسي، والسيطرة البحرية، والتحقيق، والتفتيش، والاحتجاز، والمصادرة لكل سمكة، أو عصفور يحمل في منقاره سلاحاً لغزة.
إن هذا الحشد الدولي لا يعني بدء الحرب العالمية على غزة فحسب، وإنما يعني شلل القدرة الإسرائيلية في إعادة صياغة المنطقة، وبسط هيمنتها كالسابق، وبالتالي فأن الصهيونية اليهودية قد تحركت لإنقاذ الدولة العبرية التي تورطت، وقامت بتحريض تسع دول من حلف الناتو لبدء حربهم العالمية على مليون ونصف مواطن في غزة، تحاصرهم الدولة العبرية من الجهات الخمس، لتؤكد هذه الخطوة أن الصهيونية المسيحية، والغرب بشكل عام قد صار وقوداً، ومداساً للصهيونية اليهودية، وفي ذلك رد على كل المنظرين الذين عمدوا إلى حشو الدماغ العربي ببراءة اليهود، وأن الغرب قد ضحك عليهم، وجلب اليهود المساكين إلى فلسطين، لإقامة دولة إسرائيل التي ستكون خادماً لدول الغرب، وموقعاً استعمارياً متقدماً، يؤمن مصالح الغرب في المنطقة" والصحيح الذي تجهد الصهيونية اليهودية على إخفائه؛ أن تعاليم اليهودية التي جاءت في كتاب "التناخ" و"التلمود" تحض على تسخير كل العالم خادماً لبني إسرائيل، وبالتالي ما على الدول الأوروبية إلا تحيرك السفن الحربية للحرب على غزة نيابة عن الجيش الإسرائيلي الذي تسوّد وجهه، وفقد كرامته.
اتهام الصهيونية اليهودية بالوقوف وراء التحريض لا يعني أن كل اليهود هم على قلب رجل واحد، بالعكس، فإن هذا التطرف، والمغالاة في استعباد البشر هي المحرك لقطاعات عريضة من اليهود كي تختلف، وتخالف هذا النهج، وتحذر من كارثة ستلحق بيهود هذا العصر جراء سيطرتهم المشينة على العالم، تماماً مثلما جر التآمر اليهودي الدمار على ممالكهم في الزمن الغابر.
بالرجوع إلى غزة التي تعيش على 360 كيلو متر مربع، أرعبت بمقاومتها من تربع على عرش القوة، والجبروت في المنطقة عشرات السنين، فإن ما هو أخطر على غزة من زحف أساطيل الدول التسعة العملاقة، ومعها إسرائيل؛ هو أن يخرج علينا فلسطيني عربي ليقول في تناغم مع الخارج: على غزة أن تعترف بالشروط الرباعية كي نتفق معها على المصالحة، وكي ينجح حوار القاهرة في تشكيل حكومة وحدة وطنية.<