;

أوراق من ذكرياتي ..الحلقة «33» 1145

2009-03-18 03:41:38

حكومة المهندس الكرشمي

بعد نهاية المراحل الحرجة والانتصار في حصار السبعين، وإبعاد المتطرفين من القوى اليسارية التي كانت تعيق الدولة قرر المجلس الجمهوري ورجال الحكم في تلك المرحلة أن تشكل حكومة مدنية هي حكومة العمل والتقشف والبناء، ولا سيما بعد الانتصارات العسكرية التي تحققت في جميع المحاور، والتوجه للعمل والبناء، ولهذا قررت القيادة السياسية والعسكرية أن تكون حكومة مدنية لتكون مهامها التفرغ للبدء في بناء الدولة الحديثة برئاسة شخصية مدنية، وكان الفريق حسن العمري من الداعمين لهذا القرار، بعد أن تحقق الانتصارات الكبيرة لوطنه، ولهذا قررت القيادتان السياسية والعسكرية تكليف المهندس الأخ عبدالله الكرشمي برئاسة الحكومة ليواصل بناء الدولة المدنية الحديثة.

كانت موافقة الفريق حسن العمري أن يرأس الحكومة المهندس عبدالله الكرشمي لثقته بحرصه الشديد على المال العام ولقدرته وكفاءته لإعداد الخطط الاقتصادية والعمل على مضاعفة الموارد المحلية،لكي تعتمد اليمن على مواردها، هذا الموقف يسجل للفريق حينما تنحى عن مركزه القيادي في رئاسة الحكومة،وفضل مصلحة الوطن، ودعمه للكرشمي في كل المواقف والخطط والبرامج التي وضعتها حكومته.

واستطاع المندس الكرشمي أن يوقف العبث بالمال العام ، ويحسن الإدارة في متابعة الأجهزة والمؤسسات الحكومية وتحسين الوضع الإداري، وتمكن من مضاعفة موارد الدولة، واستطاع أن يوقف الجهات الطامعة، والتي تعودت الهدر واستغلال المواقف للحصول على مكاسب مادية أضعفت من قدرة البلاد على الاعتماد على نفسها.

حددت الحكومة ميزانية القوات المسلحة بأربعة ملايين ريال، كما حددت مبلغاً معيناً لمصلحة شؤون القبائل..

وتعرض هذا الرجل العظيم والبسيط للانتقادات الجارحة، لأنه حرص على مال الدولة أسوة بسلفه الفريق حسن العمري .

حينما يكون التسجيل للتاريخ نذكر الحقائق والمواقف الوطنية والمضيئة في تاريخ المخلصين من أبناء هذا الوطن، ومنهم المهندس عبدالله الكرشمي الذي عمل بكلمات الأنشودة "دق الجرس يا مهندس حان وقت العمل"، هذا المعنى الجميل يؤخذ بشكل هزلي أحياناً ، لكن لهذه الأنشدوة معانٍ عميقة، فهي تشير ان وقت العمل والاعتماد على النفس ووضع الخطط لبناء الاقتصاد اليمني وتنمية الموارد وتصحيح الإدارة وأيقاف المطامع قد حان وأصبح برنامجاً في سياسة حكومته، وبدأ برنامجه باعتماد الميزانيات المحددة لكل المؤسسات المدنية والعسكرية والقبلية في إطار ميزانيات المحددة لكل المؤسسات المدنية والعسكرية والقبلية في إطار ميزانية الدولة لكي يتوقف العبث بالمال العام.

واعتمد سقفاً لكل مؤسسة لكي لا تبقى المجاملات والتحويلات والفوضى التي كانت سائدة أيام الحرب، وأسس قواعد إدارية ومالية في ضبط وبين أن وقت الحرب والابتزاز والمطامع والاستغلال قد انتهى.

وبسبب تلك المواقف الحازمة واجه بعض الخلافات مع الشخصيات المستفيدة من العبث بالمال العام، ودعمته الدولة والقيادة العسكرية في كل مواقفه الجريئة، وسجل بتلك المواقف الوطنية قدرته وشجاعته وحرصه على أموال الدولة والحزم في الإدارة والطهارة في العمل.

حكومة القاضي عبدالله الحجري

كان الحكم في اليمن مغرماً لا مغنماً، ولهذا تكررت استقالة حكومات الأستاذ محسن العيني وبصورة مفاجئة، وتم تكليف القاضي عبدالله الحجري بتشكيل الحكومة، فالأستاذ العيني كان له رؤيته في العمل السياسي واستقالاته المتكررة في الحكومات التي كلف بها ليس لها مبررات تستحق الاستقالة،ولو صمد فيها بين عامي 1967م و1972م في مسؤوليته ، واستطاع أن يكون واسع الصدر وقابلاً للحوار، لكان وضع اليمن الاقتصادي والإداري في حالة متقدمة ومتطورة، ولكانت لعلاقتنا الخارجية العربية والأجنبية مكانتها، لهذا رأت القيادة البحث عن شخصية سياسية وإدارية لها وزنها ومكانتها، لكي تكلف بتشكيل الحكومة الجديدة خلفاً لحكومة الأستاذ محسن العيني. فتقرر اختيار القاضي عبدالله الحجري عضو المجلس الجمهوري.

وأهم تغيير في الحكومة دخول الأستاذ محمد أحمد نعمان نائباً لرئيس الوزراء ووزير الخارجية. لقد باشرت الحكومة مهامها بقوة شخصية القاضي عبدالله الحجري وسياسة الأستاذ محمد أحمد نعمان الذي كان له قدرة كبيرة في العمل الدبلوماسي والعلاقات المتميزة مع الدول العربية والأجنبية،وهذا ما أثار حفيظة القاضي عبدالله الحجري بالنشاط السياسي للأستاذ محمد أحمد نعمان ولا سيما بعد الزيارة التي قام بها القاضي عبدالله الحجري إلى المملكة العربية السعودية في نيسان/ إبريل عام 1973م، والتي تم فيها توقيع تجديد اتفاقية "الطائف" الخاصة بالحدود بين اليمن والسعودية الموقعة في عام 1934م بين اليمن والمملكة العربية السعودية، وكان دور الأستاذ محمد أحمد نعمان مميزاً ونشطاً في تقريب وجهات النظر والتوقيع على البيان الختامي للزيارة.. وأثار البيان جدلاً كبيراً في اليمن، لأن المعارضين لم يكونوا مطلعين على نصوص اتفاقية الطائف،ولم يقرؤوها ولم يطلعوا على نصوصها، ولم يقرؤوا المادة الثانية في الاتفاقية "المعاهدة" التي تنص على تجديد الاتفاقية كل عشرين سنة،وهي حدود نافذة وقاطعة، والنصوص في الاتفاقية واضحة والقانونيون الذين شاركوا في إعدادها كانوا من كبار الشخصيات السياسية والقانونية، ولهم مكانتهم في العالم العربي.. مثل شكيب أرسلان،وهاشم الأتاسي رئيس جمهورية سوريا الأسبق،والحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين، كانوا وسطاء بين الدولتين الشقيقتين.

لكن كان لبعض المعارضين أغراض سياسية وحزبية لتعطيل أي عمل سياسي تقوم به الدولة وإعاقتها في نهجها السياسي والاقتصادي الذي يعتمد على حسن الجوار وحل مشاكل الحدود مع المملكة والنص الملزم للطرفين هو تجديد الاتفاقية،كل عشرين عاماً والاتفاقية تعد نافذة وقاطعة،والغرض من التجديد معالجة الخلافات، إذا حدثت بين القرى المتجاورة أن يتم معالجتها ودياً، وتجديد الاتفاقية تلقائياً طبقاً لنصوصها.

والقاضي عبدالله الحجري والأستاذ محمد أحمد نعمان وأعضاء الوفد لم يكونوا جاهلين بنصوص الاتفاقية،والجهات المعارضة تجهل اتفاقية الحدود، واعتقدوا خطأ أن التجديد لاتفاقية 1934م هو تنازل عن نجران وجيزان، وكان جدلاً عقيماً وجاهلاً وعملاً سياسياً لتعطيل كل عمل يحقق الاستقرار والأمن للوطن، وينهي خلافات الحدود مع جيران اليمن.

معاهدة الطائف

إن من الواجب على السياسيين الذين يتبؤون مراكز قيادية سياسية أو حزبية أن يكون لديهم قدرة على قراءة كل المعاهدات والنصوص مع بلدهم، وإن قراءة الاتفاقيات مع دول العالم ولا سيما مع دول الجوار هي معرفة وثقافة تجب معرفتها وقراءتها، ونصوص معاهدة الطائف واضحة، لأن النص في المادة الثانية من الاتفاقية "المعاهدة" بأنها حدود ثابتة وقاطعة، وهذا ما توصلنا إليه أخيراً في في اتفاقية حزيران/ يونيو 2000م في جدة التي وقعها الرئيس علي عبدالله صالح، ولم يكن هناك تنازل من الجانب اليمني، والمنطق يقول: كلما استطعت أن تحقق شيئاً على الواقع فهي الحدود الثابتة القاطعة. وهذا ما تم التوقيع عليه عام 1934م، وما تنص عليه الاتفاقية الموقعة بين البلدين الجارين، والمعترف بها عربياً ودولياً، وهذا النص في تجديد الاتفاقية والتأكيد عليها يعد من أهم إنجازات حكومة القاضي عبدالله الحجري التي حددت حدود اليمن بالتأكيد على اتفاقية الطائف. لقد كانت إنجازات هذه الحكومة كثيرة ومنها: ضبط الأعمال الإدارية، وتطوير أعمال القضاء، وإقامة العدالة، وملاحقة المخربين بكل قوة، وكذلك العمل السياسي الذي كان يديره بكفاءة نادرة الشهيد الأستاذ محمد أحمد نعمان نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية بما له من قدرة سياسية وعلاقات عربية ودولية واسعة، ومن إنجازات حكومة الحجري تعزيز سلطة الدولة في مأرب والجوف، وتثبيت النظام الجمهوري في المحافظتين، والارتباط بالحكومة المركزية ي صنعاء.

لقد كانت هاتان المحافظات في وضع مجمد ، لا ملكية ولا جمهورية ولا وجود للدولة فيهما، فكان التوجه في الحكومة اهمية بسط نفوذ الدولة على محافظة مأرب، ومحافظة الجوف،لكي تُستكمل سيطرة الدولة على كل شبر من أراضي الجمهورية. وتم ذلك بالتعاون مع الشيخ سنان أبو لحوم وعدد من مشائخ جهم ومأرب وعبيدة ومأرب الذين آزروا القوات المسلحة التي سيطرة على المحافظتين.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد