محمد أمين الداهية
لا زلنا عزيزي القارئ مع "الديسلكسيا" والتي قلنا إن هذا المصطلح يعني صعوبة التعلم عند الأطفال لأسباب مختلفة، وهذا لا يعني أن الطفل غبي وغير قادر على التعلم، وإنما يحتاج الأطفال الذين يعانون من الديسلكسيا "صعوبة في التعليم" إلى المربي المختص الذي يستطيع أن يدرك أسباب عدم الفهم عند طلابه الأطفال، وكما قلنا أن من أعراض أو بعض مشاكل الديسلكسيا عدم قدرة الطفل على التمييز بين الأرقام المتشابهة والخلط في ذلك كرقم "2، 6" وأيضاً مشاهدة الطفل للكلام المكتوب في الكتاب بشكل معكوس أو مبهم وكذلك تفويت بعض الكلمات أو الأسطر عند قراءة الطفل لأي موضوع في الكتاب المدرسي أو غير ذلك، وهناك مشاكل أخرى عديدة، فإذا كان هناك اهتمام من قبل المربي أو المدرس فأنا متأكد أن أي مربي يعرف هذه المشكلة سيجبر نفسه على التعرف عليها أكثر وسيفرغ جزءً من وقته لمعرفة هذه الظاهرة التي يجهلها الكثير، ولكن هناك تساؤلات كثيرة حول الديسلكسيا وغياب المعاهد أو المدارس المتخصصة والتي من الواجب توفرها للأطفال الذين يعانون من هذه المشكلة، فيا ترى ما هو سبب اختفاء هذه المدارس وعدم وجودها؟ وهل يعقل أن الأخوة في وزارة التربية والتعليم يجهلون مشكلة "الديسلكسيا" حتى أصبح الأطفال الذين يعانون من هذه المشكلة ضحايا لظلم يصحبهم طيلة حياتهم بسبب التوبيخ والتهزيء والتجريح الذي يلحق بهم من المدرسة والأسرة والآخرين بحجة أنهم أغبياء وغير قادرين على التعلم؟ ألا يعلم من يتحملون المسؤولية أنهم بتجاهلهم هذا يربون وينشؤون معاول هدم لهذا الوطن؟ وكل ذلك أن الأطفال الذين يعانون مشكلة الديسلكسيا لم يجدوا من يمد لهم يد المساعدة ويأخذ بأيديهم فينشؤون حسب ما صنعتهم مدارسهم ويكونون لقمة سائغة وسهلة لاستقطاب من قبل أعداء الوطن أرضاً وإنساناً، ولو كان هناك اهتمام بالطفل ومستقبل الوطن لما وجدنا إلى يومنا هذا الكثير من ضحايا المدرسة والأسرة والمجتمع بحجة أنهم أغبياء وغير قادرين على التعلم، مع العلم أن هناك رجالاً وأعلاماً خدموا العالم والأجيال كانوا يعانون من هذه المشكلة لكنهم بفضل مجتمعاتهم التي اهتمت بهم تخطوا هذه المشكلة وأصبحوا من سطروا أسمائهم في صفحات التاريخ المشرقة، إذاً من يتحمل مسؤولية هذه الفئة من الأطفال؟ ويا ترى هل سيأتي اليوم الذي نرى فيه مجتمعنا يحتضن هذه الفئة ويوفر لهما كل ما يمكنها من تخطي مشكلتها، وسننتظر بدءً من يومنا هذا المدارس والمعاهد والمراكز المختصة التي ستنقذ أطفالنا والأجيال من ظلم المدرسة وجهل المربين، وفي هذا الجانب أتقدم بالشكر الجزيل لمركز التنمية الثقافية بنقم والذي يحتضن بإمكانياته المتواضعة أطفالاً يعانون مشكلة "الديسلكسيا" ورغم ذلك استطاع أن يحقق تقدماً ملحوظاً ونجاحاً مميزاً في علاج هؤلاء الأطفال والذين بحمد الله تخطوا هذه المشكلة وأصبحوا من أفضل الطلاب ذكاءً وقدرة على التلقي.
وأخيراً أتساءل: أين دور وسائل الإعلام من هذه الظاهرة؟ فوسائل الإعلام تكاد أن تكون غائبة تماماً عن مشكلة الديسلكسيا وصعوبات التعلم، نتمنى من الجهات المعنية والمسؤولة النظر في هذه المشكلة لما في ذلك من مصلحة عامة للوطن والأجيال.