فاروق مقبل الكمالي
المؤتمرات العامة لنقابة الصحفيين اليمنيين ليست مجرد اجتماعات مناسباتية تكرر نفسها كل أربع سنوات أو ما يزيد عن ذلك أو ينقص لكنها أكثر من لوحة جميلة فكرتها لم تخطر بعد على خيال فنان تشكيلي حتى يجسدها بثلاثية ألوان العلم اليمني .
لذا ما تزال القوى السياسية على الساحة الوطنية من أكبر حزب إلى أصغر حزب مصرة على التعامل مع المؤتمرات العامة لنقابة الصحفيين اليمنيين وكأنها واحدة من حلبات النزال غير المتكافئ بينهم غير مدركين أن الصحفي اليمني أكان في الصحافة الرسمية (حكومي) أوفي الصحافة الحزبية ( موالاه ومعارضة ) مازال الأكثر مناعة فكرية وسط المجتمع اليمني بكل قواه وتكويناته بما يحول بينه وبين أن يكون الطرف الأضعف وسط حلبة النزال هذه .
في كل مؤتمر عام للصحفيين اليمنيين تطل هذه الأحزاب ملوحة بقفازاتها وسط مؤتمراتنا وتنهال علينا بقوائم أسماء صحفيين هم زملاء بعض : زملاء القلم، زملاء الكلمة الشريفة ،زملاء مهنة المتاعب ،زملاء الحقوق المسلوبة ، زملاء الحريات المنتهكة ،وزملاء الفرحة المصادرة على الدوام ، متوقعة منا معشر الصحفيين أن ننهال على بعضنا سباً وعضاً ورفساً في منافسات و منازلات تعودتها هي( الأحزاب) وسط المجتمع الذي ليس بمقدور غالبيته العظماء توفير ثمن صحيفة أسبوعية بذل طاقمها الصحفي نوم عيونهم وراحة أجسادهم النحيلة ومداد أقلامهم الغالية من أجل كتابة حقيقة أوضاع ،وطبيعة صراعات متواصلة تدور مجرياتها يومياً وسط غرف مغلقة في مقرات تلك الأحزاب متربصة بالوطن والمواطن .
وفيما تبدو هذه الأحزاب في كل مرة وسط مؤتمراتنا العامة أشبه بسماسرة أسواق النخاسة فذلك إنها غير قادرة على تميز ذلك الرداء الوطني الموشى بثلاثية ألوان العلم اليمني الذي يطوق أعناق حملة الأقلام وأرباب الكلمة الشريفة ، مشكلاً جدار حماية عصيا على الاختراق لوحدة صفنا الصحفي أكنا في صنعاء أو عدن ،في حضرموت أو الحديدة ، في صعدة أو سقطرة ، في تعز أو شبوة دونما ذرة إحساس بتمييز حسي أو معنوي ، وأكثر من ذلك دونما تفريق بين صحفي أو صحفية يستلزم بنا أن نسعى إلى إيجاد نظام فصل عنصري يدعى " الكوتا "
ولهذا كان مؤتمرنا العام الرابع أسطورة ديمقراطية إضافية ،ونجمة فوز رابعة لوحدة صفنا ومواقفنا وهمومنا ولحظات قوتنا ، ولحظات ضعفنا التي لا تكون في هذا الجسد الصحفي المتلاحم إلا حين يكون ذلك متنفسا طبيعيا من الضغوط وبما يجنبنا الانفجار .
وهكذا وجدنا أنه من الصعب علينا المفاضلة بين دكتورة وصحفي أراد كل واحد منهما أن يكون نقيبا لنا لولا أنه يجب بنا أن نحسم خياراتنا دون تردد ،وهكذا كان من الصعب علينا أن لا نجد الحياة أكثر دفئا في ابتسامة ابن صعده الزميل عابد المهذري وإن لم نجد أن الوقت قد حان بعد لنحمله مشقة ومسئولية حمل أوجاعنا ومتاعب مهنتنا التي لا تنتهي وقت هو بحاجة لمن يحمل عنه متاعبه ، وهكذا كان الأكثر صعوبة علينا ألا نجد مكاناً بيننا وفي أوراق اقتراعنا لابن عدن محمد سعيد سالم أو ألا نجد ذات المكان لزميلتنا فاطمة مطهر وبهدوئهما الجميل تجسيداً أكثر واقعية لثورة الكلمة الشريفة التي تنساب بهدوء لتحدث التغير المنشود في الواقع .
ومثلما كان صعباً علينا أن نتخلى عن نصر نقيباً أو أن نستبدل مروان وثابت وحمدي ببساطة كان صعباً علينا أن نرفض التصويت لباسم الشعبي وعبدان دهيس وعلي سالم اليزيدي أو أن نجد في الزملاء " نائلة ، وغالب ، وغيلان ، والدكتورة سامية ، و بشر ، ونجيب ،ومنى " قدرة على تحمل متاعبنا وأوجاع مهنتنا .
وبقدر ما كان انسحاب الزميل الجبوبي مؤلماً لنا وكانت محاولات إقصاء الزميل عباس غالب أمرا مرفوضا لم نقبل به ، فإننا لم نهزم الزملاء " فضل مبارك ،والنصاري وهيب ،والهياجم عبد العزيز،والدكتور محمد القاضي لكنا متأكدون أننا سنصنع معهم وبهم يوماً جميلاً نكون فيه أكثر قدرة على صنع ما نريد .
نعم جسدنا في مؤتمرنا العام الرابع تلاحماً وحدوياً مزق مصطلحات العفونة ورهانات المرابين على حساب حقوقنا ومداد أقلامنا وأوراق دفاترنا وفلاشات كامراتنا ونظافة ضمائرنا وفزنا جميعا حين لم تخضع إرادتنا الحرة للتزوير والقهر وذلك بحق عظمة أن تكون صحفياً في اليمن .
الشميري وانتخاباتنا
نعم جسدنا في مؤتمرنا العام الرابع أروع صور الاندهاش حين كان على زميلنا العذب عبدالغني الشميري أن يؤكد لنا بدون سابق إصرار وهو يدير العملية الانتخابية بمرحلتيها الاقتراع والفرز،بكل نزاهة وشفافية وديمقراطية لما يقارب أربعين ساعة متواصلة أن فينا رجالاً قادرين على إدارة الانتخابات العامة في هذا الوطن بنفس الصورة من الكفاءة والاقتدار ، وهذا بحد ذاته فوز يجب أن تنتقل عدواه إلى الوطن ككل