شكري عبدالغني الزعيتري
الطاقة الكهربائية في حد ذاتها تعتبر طاقة هامة لدى جميع المنشات الإنتاجية سواء الصناعية أو الزراعية أو الخدمية.... الخ . ومطلب أساسي لإنتاج السلع والخدمات . كما أنها تسهم في تقليص تكاليف الإنتاج لدي أصاحب المشاريع الصناعية والإنتاجية (لإنتاج السلع أو الخدمات ) وخاصة عندما تدخل حاجة القطاعات الصناعية والإنتاجية للطاقة الكهربائية ضمن تلبيتها والطلب الاستهلالي العام وتوفره الحكومة من قطاع الإنتاج العام للطاقة الكهربائية الذي تتكفل به الدولة كإنتاج عام إذ تكون الطاقة الكهربائية المشتراة من الدولة ارخص قيمة لكون الدولة تقوم باستخدام مصادر إنتاج وبدائل متعددة ورخيصة . بالطبع هذا لدي الدول الصناعية وليس لدينا في اليمن إذ أن (فاقد الشئ لا يعطيه ) . وبعكس ما ذكرنا فعندما تواجه أي دولة العجز في توفير الطاقة الكهربائية أو معاناة من تزايد في تكلفة الإنتاج عن سعر البيع للمستهلك ولسعر الكيلووات كما هو حادث لدينا باليمن فان الحكومة تكون خاسرة بمقدار الفارق للقيمة بين التكلفة للإنتاج وسعر البيع ولهذا تلجأ الحكومة إلي إخراج المشاريع والمنشات الصناعية والإنتاجية الكبيرة (كبار لمستهلكين ) من تلبية احتياجاتهم للطاقة الكهربائية وتبقي فقط تلبية الاحتياج لصغار المستهلكين والمنازل وعلية يلجا (كبار لمستهلكين ) إلي استخدام مولدات خاصة يكون تكلفة إنتاج الطاقة لديها مرتفعة تؤدي إلي تقليص مقدار ربحية تلك المنشات الإنتاجية وحيانا خسارتها وتزاد هذه الخسارة أيضا إذا تدفقت سلع أجنبية منافسة تباع بأسعار اقل للمستهلك بالسوق المحلي وهنا يترتب علي هذه الخسائر أو انخفاض ربحية المنشات الإنتاجية والصناعية بان تسعي إلي تقليص نفقاتها في جوانب متعددة مثل أجور العمالة والعدد المستخدم منها والحجب عن التوسع في مشاريعها الاستثمارية التي قد تطمح إليها وبعضها يمتد سعيها نحو تخفيض موصفات جودة منتجها وبالتالي يفقده القدرة علي المنافسة داخليا بان يسعي المستهلك لشراء المنتج المنافس الأجنبي ويفضله ومن هنا تنعكس بحالة من استنزاف اكبر لدخل الدولة القومي من العملة الأجنبية باستيراد تجار سلعة استهلاكية كاملة التصنيع .. كما يفقد المنتج المحلي القدرة علي المنافسة خارجيا بان يرفض في بلدان أخري استهلاكية من الإمكان كانت تستقبله .. ويؤدي هذا بالطبع إلى تدني حالة الإنتاج القصوى لدي المنشاة الصناعية و التي تعمل علي تقليص النفقات الثابتة للإنتاج لدي المنشأة الإنتاجية مما قد يضطر بصاحب منشأة إنتاجية إلي تقليص النفقات أكثر ابتداء بتقليص عدد العاملة والاستغناء عن عدد كبير منهم والذي يؤدي إلى تزايد عدد العاطلين عن العمل في البلد ويسهم بارتفاع نسبة البطالة .. كما يسعي صاحب المنشاة إلي رفع حالة تقليص النفقات من خلال تخفيض الأجور للعاملين المستبقيين ومن ثم يؤدي هذا بالعاملين الذين تعرضوا لهكذا إجراءات (قلة الأجور ) إلي عدم القدرة علي مواجهة التزاماتهم الأسرية و المعيشية وتصل ببعضهم إلي اتخاذ إجراءات التقشف المعيشي والذي كثيرا ما يطول حرمان أبناءهم من مواصلة تعليمهم الجامعي وأحيانا إخراج أطفالهم من التعليم الأساسي لدي كثير من أرباب الأسر لعدم القدرة علي تلبية احتياجات التعليم وعليه يتزايد عدد السكان ممن هم فاقدي التعليم والعلم ذي الكفاءة والعالي و الذي يؤدي إلي إنتاج . وفاقدي الأفراد المنتجين بالمقابل يتزايد عدد الأشخاص المستهلكين دون إنتاج ما يرفد الاقتصاد الوطني . فيكون التكاثر السكاني في حالة استهلاك يفوق بكثير حالة الإنتاج . وعلية يحدث تقليص مصادر رفد الدخل القومي مما يؤدي إلي إحداث إعاقة في التنمية الاقتصادية بل تراجعها والذي ينعكس بأثر سلبي علي التنمية الاجتماعية والثقافية والسياسية وينتج عن هذا أن يظل البلد والمجتمع في تأخر عن ركب التقدم والحضارة والتطور بل ربما التراجع عن ما هو قائم والي ما هو أسوء مما هو حادث ... وإذا ما أخذنا في الاعتبار الطلب للطاقة الكهربائية لأي مشاريع استثمارية يتم محاولة جذبها للإسهام في التنمية باليمن فان الحكومة قد تواجه عجز في تلبية الحاجة الاستهلاكية للطاقة الكهربائية بمقدار اكبر مما هو علية العجز الحادث في تلبية الطلب الاستهلالي لصغار المستهلكين (الأسر والمنازل والمحلات التجارية الصغيرة ) والذي يساوي(570) ميجاوات . وهنا يمكن القول بان هذه الأزمة في توفير الطاقة الكهربائية هي احد أهم موانع توافد رجال الإعمال والمستثمرين العرب و الأجانب للاستثمار في اليمن رغم دعوة الحكومة المستمرة لهم وفتح الباب أمامهم وعرض الامتيازات واستعدادها لتقديم التسهيلات وقد ذهبت إلي تعديل التشريعات الخاصة بالاستثمار إلي ما هو أفضل للمستثمرين ) فهذه المشكلة المتمثلة بأزمة توفير الطاقة الكهربائية بدورها عائق كبير لأي مشاريع استثمارية يتم محاولة جذبها للإسهام في التنمية بالجمهورية اليمنية . والتي من خلال تلك المشاريع الإنتاجية والصناعية و التي يستهدف جذبها يؤمل أن تسهم في تنمية اقتصادية من خلال رفدها الاقتصاد الوطني اليمني بإمكانية تغطية السوق المحلي بسلع استهلاكية كاملة التصنيع لتوفير استنزاف العملة الصعبة وأيضا اسهامها في زيادة مقدار الصادرات السلعية التي تنتج في اليمن وتصدر لبلدان أخري وأيضا تعمل غلي توفير فرص عمل وتقليص نسبة البطالة في اليمن... ومن هنا يمكن القول بان هذا العجز في توفير الطاقة الكهربائية احد أدوات تقليص الفرص لتوافد المستثمرين والاستثمارات الأجنبية وتأسيس مشاريعها في اليمن مما يجعل الحد من التوسع المأمول أمام الدخل القومي لإحداث النمو الاقتصادي الوطني وازدهاره وبالتالي ضمان تحقيق التنمية الاقتصادية المتنامية في اليمن .. ونخلص إلي القول بان استمرار وجود هذا القصور والنقص في توفير الطاقة الكهربائية واستمرار وجود (أزمة توفير الكهرباء ) لا يشجع على جذب المستثمرين والذي ينعكس علي عجلة النمو الإنتاجي والذي بدورة ينعكس في وجود سلبيات متعددة منها ارتفاع نسبة البطالة وتتدني في مستوى دخل الفرد ... الخ . ولهذا يتطلب من الحكومة أولاً توفير حاجة الطلب للطاقة الكهربائية الاستهلاكي لصغار المستهلكين والطلب الاستهلاكي لكبار المستهلكين (المنشات الإنتاجية والصناعية والزراعية والخدمية ) .. وأيضا دراسة الطلب المتوقع ما دامت الحكومة تسعي وتريد جذب أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين العرب والأجانب للاستثمار في اليمن (حاضر ومستقبلا) بدراسة المتوقع أن تحتاج إلية المشروعات الإنتاجية والصناعية المأمول قدومها خلال عشر سنوات قادمة بعدها وفق تلك الدراسات التي لابد أن يتم تنفيذ أولا .. ومن ثم السعي وتوجيه الإمكانيات وتسخيرها لبناء مشاريع إضافية لإنتاج الطاقة الكهربائية وبناء وصيانة مشاريع البنية التحتية والخدماتيه ذات الكفاءة والتي تلبي حاجة المشروعات الإنتاجية والصناعية المأمول قدومها .. ومن ثم يتم توجه الحكومة والهيئة العامة للاستثمار للترويج للفرص الاستثمارية المتاحة في اليمن أمام المستثمرين العرب والأجانب لتوفر إمكانيات نجاحها بتوفر المواد الخام والأيدي العاملة المنتجة لنوع إنتاج كل مشروع مستهدف وجوانب ميزات أخري . حينها يكون لدعوة الحكومة اليمنية للاستثمارات وأصحاب رؤوس الأموال العرب والأجانب للمجي للاستثمار في اليمن ذي صدي يمكن أن يلقي القبول (وليس كما تعمل حاليا الحكومة تقديم العربة قبل الخيل .. فكيف سيجر الخيل العربة . ..؟ ) فالمستثمرين العرب والأجانب ليسوا بأغبياء وقلة فهم وتدني استيعاب الأمور والأحداث الجارية في اليمن بان سيتوافدون بمجرد صوت إعلامي أو خطاب نداء يبث في تلفاز أو يكتب في صحيفة وبعده سوف يتدفقون مجيء إلى اليمن ليحلقون كما تحلق النحل علي الزهور . فهم يتمحصون ويدققون وعبر مصادرهم الخاصة حول كل صغيرة كبيرة قبل اتخاذ أي قرار حول المجئ إلي اليمن لوضع بيضة في سلتها في النهاية هو تاجر يريد أن يربح ويأمن علي ماله ولا يجازف .. تابع بالعدد القادم غدا الحلقة الرابعة بعنوان(مصادر متعددة لإنتاج الكهرباء )