سراج الدين اليماني
أوباما كان واضحاً فيما يخص القضية الجوهرية والمفصلية للعرب والتي تعتبر قضية القضايا حين أعلن وبكل وقاحة التزام الولايات المتحدة الأميركية بالدفاع عن إسرائيل حتى النهاية، كما أنه ساوى في أول تعليق له بعد صمت طويل على حرب غزة بين الضحية والجلاد.
لم يمضِ سوى أسابيع على تولي أوباما منصبه كرئيس للإمبراطورية الأميركية وحتى الآن لم يقل شيئاً عن الشرق الأوسط أعني قضية القضايا الذي يمكن أن يكون مشجعاً بالنسبة لأولئك الذين ينتظرون حدوث تحول عن الدعم الأميركي التقليدي المتعهد به لإسرائيل.
وحتى الآن لا ندري لماذا التفاؤل العربي غير المبرر حيال نجاح أوباما، صوره البعض على أنه المخلص والمنقذ، وفريق آخر صوره على أنه إعلان بداية حقبة جديدة في تاريخ العالم، حقبة يسود فيها العدل ويندحر الظلم في جولة أخيرة على طريقة قصص الأطفال لكونه من عرق أسود وماذا عن زملائه من السود الذين اعتلوا كراسي بعض الوزراء في أميركا والذين صدموا العالم العربي والإسلامي على نحو مفزع، كوفي عنان ورايس، ماذا عنهم جميعاً؟ هل نحتاج لمراجعة تأريخية لا اعتقد ذلك، كونه انتقد سياسة بوش بطريقة جريئة وقوية وشديدة اللهجة؟ وهل من رئيس أميركي رشح نفسه إلا وصب جام غضبه في حملته الإعلامية على من سبقوه.
ألم نسأم بعد لعبة المناظرات والحملات الدعائية الإعلانية أم أن الأمر يتعلق بتصريحاته؟ إذا كان الأمر كذلك فدعونا نستعرضها تباعاً:
فيما يخص سجن غوانتاناموا سيء الذكر فإن الجد أوباما حتى الآن لم يصدر قراراً واضحاً، قد يقول قائل أنه علق نشاطه مدة مائة وعشرين يوماً أقول له لم يقل أنها غير قابلة للتجديد بل أنه ذهب يدافع عن دستورية المعتقل وأنه لا يخالف القوانين والأعراف الدولية فيما اتهمت به بعض المنظمات الحقوقية إدارة السجن بأنها تخالف جميع الأنظمة واللوائح الدولية بسلب الحريات وأبسط الحقوق على المعتقلين ولم تكفل لهم حقوقهم المشروعة في المطالبة بما هو متاح.
فدعك أيها القارئ الكريم من الهالة الإعلامية والبهرجة الزائفة، من يضمن أن هناك مائة وعشرين يوماً أخرى وثالثة ورابعة إلى أن يفعل الله أمره.
وعلى صعيد آخر انطربت قلوب العراقيين طرباً ورقصاً عندما أعلن أنه سيترك العراق لشعبه المنكوب، ولكن متى؟ وما هي الآلة وضمن أي من الشروط، أعلن نيته الخروج وهل بوش قال أنه سيبقى إلى الأبد، فأين أوجه الاختلاف إذاًَ؟
وفيما يخص أفغانستان فإنه أعلن ازدياد عَدد وعُدد القوات المرابطة هناك، بل وأعلن بكل تهكم وسخرية أنه سيحاور المعتدلين من طالبان، وأما الذين لهم الأحقية في الحوار تعمد تهميشهم وإقصائهم من القائمة، فماذا يقول إذاً؟ يقول إنه سيحقق السلام صعب المنال وأنت ترى الأمور تزداد ضبابية وغموض وهل وافق بوش أو خالفه في هذا؟ هل أعلن بوش أنه سيشعل جحيم الحرب هناك؟ أوباما لم يكن واضحاً إلا فيما يخص القضية الفلسطينية عندما أعلن التزام الولايات المتحدة الأميركية بالدفاع عن إسرائيل حتى النهاية، كما أن أوباما ساوى في تعليقه على حرب غزة بين الجزار والذبيحة عندما أعلن بلا خجل ولا مواربة عن مسؤولية الطرفين عن الذي يجري، ليس هذا فحسب، بل إنه أعلن أنه الصديق الحقيقي والوفي لإسرائيل ويا لها من مصيبة إذا كان يشك بأن بوش كان صديقاً وفياً ومخلصاً لإسرائيل.
البعض تفاءل في طاقم أوباما الجديد وخصوصاً عندما عين بزي العرب السيد ميتشل مبعوثاً للسلام في الشرق الأوسط كون أمه لبنانية من منطلق أن العرق دساس، ولم يتنبه إلى تعيين رام كمانوئيل رئيساً لموظفي البيت الأبيض وهو المنصب الأكثر حساسية مع العلم أن الأخير يحمل جنسية إسرائيلية وخدم الجيش الإسرائيلي في عز المذابح على العرب والمسلمين.
ولعل أهم تصريحاته أي الأسود التي كان يجب الوقوف عندها هو ما أعلنه أنه سيلحق الهزيمة بكل إرهابيي العالم وها نحن مرة أخرى أمام متاهة تعريف الإرهاب وأغلب الظن أنه التعريف البوشي الشهير للإرهاب: "من لم يكن معنا فهو ضدنا".