شريف يحيى حسين
ما بين السلام والأمل، وما بين الواقع والظروف يرصد الزمن حكايات ومآسي تتبلور تفاصيلها في صرخة مكتومة، تحاول الزحف لعلها إدرك لحظات للبوح لكنها تصل متأخرة أحياناً ليتسلل اليأس إلى الأعماق وتتبخر الأحلام والأماني.
هكذا هم ضحايا "طلاب" كلية التربية والآداب بصعدة، ففي العام 20062007م التحقت بأحد أقسامها تغمرني الفرحة ويلازمني الطموح، وما أن انتهى الفصل الدراسي الأول أحسست بالضيق واليأس ولم أعد أطيق دخولها، ليس لأني طالب فاشل فنتيجتي تثبت تفوقي في الاختبارات ولكني رأيتها بحق مقبرة للأحياء، لأفضل تركها والالتحاق بإحدى كليات جامعة صنعاء بعدما رأيت كل ما فيها متصلباً حتى الشجر، أدواتها وأجهزتها وآلياتها قديمة لقدم افتتاحها في مطلع التسعينات، نوافذ محطمة، كراسي مكسرة، مناهج قديمة عثى عليها الزمن لم تعد سوى نافذة وطريق نحو الجهل والتخلف.
كانتنت البسمة قد عمت وجوه طلاب كلية صعدة في منتصف عام 2004م إثر تعيين أحد أبناءها الدكتور/ عبدالله مشبب عميداً للكلية، أمل فيه الكثير بأن تأخذ الكلية طريقها نحو التطور والتحديث لتواكب التطور العلمي في التعليم الجامعي، إلا أن تلك الأحلام تبخرت وأخذ التعليم في تراجع وتدني المستوى العلمي على ما كانت في السابق عليه بل أصبحت شكاوى الطلاب تزداد يومأً تلو الآخر نتيجة الاختلالات أكاديمية من تفشيها استيعابه لطاقم أكاديمي جديد لم يؤمن بالزي الجامعي ويحملون ديكتاتورية وتسلطية متحجرة، ليزداد العبث وتكثر الروائح النتنة التي تزكم الأنوف، المعاناة والشكاوى الطلابية أضحت سمة من سمات الكلية خصوصاً بعد ضمها لجامعة عمران الموبؤة بالتسيب وغياب الرقابة والتقييم، الهامش القبلي الذي يربط عميد الكلية بمحافظ صعدة حسن مناع جعل مشبب أكثر جرأة وغياً ليواصل مشواره الانتهازي وما الاختلالات الحاصلة في الكلية إلا خير دليل.
هذه السطور أضعها بين يدي وزير التعليم العالي الدكتور/ صالح باصرة ورئيس جامعة عمران لعل وعسى.
بدأنا بالاختلالات الأكاديمية وشؤون الطلاب وتجاهل مشبب حلها ضبط النظام ناهيك عن تسيب الدكاترة عن حضور المحاضرات وغيابهم المستمر، أما العميد حدث ولا حرج فحضوره الكلية يقتصر على استلام المكافأت وهذا ما لا يستطيع إنكاره هو يعلم أين يقضي فترتي القبول والتسجيل والاختبارات وهي الأوقات التي من المفترض أن يكون مرابط في الكلية لحل مشاكل الطلاب وهي أكثر من أن تحصى.
وأؤكد صحة ما أكتبه من الاختلالات القائمة في الكلية، ظهور مواد رسوب أو غياب الكثير من الطلاب بالرغم من أنهم قد اختبروها ونجحوا فيها وبعد المراجعة والمطالبة يصحح وضع الطالب وتعدل النتيجة بعد اكتشاف بأن مسؤول الحاسب أو المختص أو القسم لم يقم برصد هذه النتيجة، هذا إذا كان الطالب لديه من الفطنة والذكاء ما يجعله يستدعي الوساطة تلو الأخرى ويجيد فهم سياسة الفيد، وما دون ذلك من الطلاب فمصيرهم الجحيم.
فما ذنب ذلك الطالب ". . . . " الذي يدرس في قسم الدراسات الإسلامية ولم ترصد له نتيجة مادة ". . . " رغم أنه اختبرها ليكون مصيره أن تبقى في نفس المستوى بعد الانتهاء من رفع كشوفات الترفيع للمستويات وتسديد الطالب الرسوم يتضح بأنه أختبرها ونجح فيها هذا على سبيل المثال لا الحصر.
فمن العيب يا دكتور أن تنهر طالب أجبرته الظروف وقسى عليه الزمن وكثرة الغرامة عليه ويتقدم إليك لمساعدته فتنهره وترفض التخفيض له، بينما يخط قلمك المبجل إعفاء طلاب آخرين من أبناء قبيلتك وأبناء كبار المسؤولين، أنت تعرف أن الإعفاء من الرسوم والغرامة مخالفة وليست من حقك، بينما تبخل بالابتسامة على الأقل في وجه الضعيف المعسر.
أما أولئك الطلاب الذين وقفوا في مثلث الموت لعدم تطابق نتائجهم في سجلات القسم والحاسب وشؤون الطلاب فما عليهم إلا رفع أيديهم إلى السماء أو التوجه إلى "بقعة" بعد أن تحطمت كل آمالهم ونسفت أحلامهم، تزداد معالم البؤس تنخر أجساد من قضوا سنوات الدراسة الأربع وربما زاد البعض عندما يفاجأ بأن أسمه سقط سهواً من كشوفات التخرج ومشبب وإدارته يعلم يقيناً استمرار هذه الأخطاء وتكرارها.
هنا أتسائل ما هو دور عميد الكلية في حل مشاكل الطلاب الذين عين من أجلهم؟ وما سبب تكرار هذه الاختلالات في كل عام؟
وهل يحق إنسانياً وأخلاقياً وقانونياً أن يقوم عميد كلية بطبع شهادة لقريب ". . . . " وتوقيعها وختمها رغم علمه بإن كشف التخرج لم يعتمد رسمياً من رئاسة جامعة عمران وإن ذلك يعد مخالفة قانونية؟ وما مصير شهادات بقية الطلاب؟ وما مدى اهتمامه بأولئك المبؤوسين بعميدهم؟ وهل وصل الحال إلى هذا الحد؟
تساؤلات نضعها بين يدي وزير التعليم العالي ورئيس جامعة عمران، فمن العيب يا دكتور أن نسيء لسمعة كلية من المؤمل بإن تتحول إلى جامعة في المدى القريب والتي من المفترض أن تكون منارة للعلم وطريق إلى النور لا بؤرة للفساد وجسر للجهل والتخلف، ومن المهين أن يداس على كرامة منارة العلم وتطمس معالم مستقبل شباب قلة آثروا التعليم بدلاً من الانتحار على شواطئ القهر ومرافئ الكهوف.
لا يكفي هذا لإيقاظ حمية الشرفاء أم أن الأمر مختلف لديكم، أين دعاة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مما يحدث في الكلية من انتقاص وإجحاف؟
لا يستحق هذا تكشير الأنياب والتشمير عن الأيادي الجلفات. . عجيب هذا الحال حيث أقلام أسكتها الجبن، وطلاب سلبت منهم الحرية، فكيف سنعيش برؤوس فارغة مسطحة تتنكر لسفاسف الأمور، وتغض الطرف عما له الجبال.