;

أوراق من ذكرياتي ..الحلقة «37» 939

2009-03-23 03:53:39

ولمعرفتي بخلفية الزيارات للحكومات السابقة اقترحت أن يجتمع عدد محدود من أعضاء الوفد اليمني مع سمو الأمير فهد وسمو الأمير سلطان، ومن يراه الجانب السعودي من أعضاء وفدهم ، وتمت الموافقة على المقترح، واجتمع الجانبان، وعرفنا موقفهم الواضح منذ البداية، وهو اختبار لسياسة الحكومة الجديدة في المطالبة بالتأكيد على البيان المشترك الذي سيصدر بعد نهاية الزيارة حول بيان حكومة القاضي عبدالله الحجري الذي نص على تجديد اتفاقية "الطائف" للحدود اليمنية السعودية الموقعة عام 1934م. وكان في الوفد السعودي السيد عمر السقاف وزير الدولة للشؤون الخارجية، وهو من أقدر السياسيين وأخلصهم للعلاقات اليمنية السعودية، والدكتور رشاد فرعون مستشار جلالة الملك. وبعد حوار ونقاش دار في الجلسة طلبنا منحنا فرصة للتشاور مع بقية الإخوة من أعضاء الوفد اليمني، وكذلك الاتصال بالرئيس القاضي عبدالرحمن الإرياني، وقلنا: سوف نبلغكم بما يتقرر في الاجتماع القادم، وجرى الاتصال بالرئيس من وزارة الخارجية السعودية التي سهلت لنا مهمة الاتصال، فكان رده بالموافقة والتأكيد على بيان القاضي عبدالله الحجري، وكرر الرد باللهجة اليمنية " ضميها وقوي!" كان رده واضحاً ومقنعاً بالموافقة على أن ينص البيان المشترك التأكيد على ما جاء في بيان رئيس الحكومة السابق القاضي عبدالله الحجري، وفي الاجتماع أبلغنا الجانب السعودي بالموافقة على ذلك، ورحب الإخوة أعضاء الوفد السعودي على هذه البداية الإيجابية من حكومة الدكتور حسن مكي، وفتحت الأبواب للتعاون المشترك ومناقشة جدول الأعمال بإيجابية وتقديم المساعدات للوزارات التعليمية والاقتصادية والصحية، ودعم الميزانية بمبلغ "مائة مليون دولار" سنوياً.

هذه المواقف أذكرها للتاريخ، لأننا حققنا النجاح بالدبلوماسية القديرة للوفد اليمني، ولأني كنت مشاركاً في الزيارات مع رؤساء الوزارات السابقين، وكانت هذه الزيارة أكثرها نجاحاً لرئيس الحكومة الدكتور حسن مكي وللوفد المشارك معه، بعدها توجهنا إلى دول الكويت والبحرين وقطر والإمارات، وكانت كل الأبواب مفتوحة لتقديم المساعدات والعون لحكومة الدكتور حسن مكي الذي تمكن من تقديم برنامج حكومته بتواضع وبعقلانية وكفاءة كبيرة قدرناها جمعياً.

نجاح الزيارة

أعدّ وزراء حكومة الدكتور حسن مكي جدولاً لكل المواضيع التي كانت ستبحث مع الجانب السعودي، وكل وزير له أجندته الخاصة بوزارته واحتياجاته الطموحة والممكنة، ما عدا التأكيد على بيان القاضي عبدالله الحجري، ولأني أردت أن أوضح الموقف المشرف للدكتور حسن مكي وللوفد المرافق له، ويشرفني أني كنت مطلعاً على كل تفاصيل اللقاءات في حكومة القاضي عبدالله الحجري وحاضراً في الحكومة الجديدة، ومطلعاً على محاولة التشكيك في رئيسها، إن الأمانة توجب عليّ تسجيل هذه المواقف للتاريخ، وتوضيح ما حققته تلك الحكومات، وذلك الجيل الذي عانى وعاش ظروفاً صعبة بعد المصالحة الوطنية عام 1970م، وعبر مراحل الثورة اليمنية التي قدم أبناؤها ورجالها دماءهم وعرقهم وجهودهم وأفكارهم خدمة لهذا الوطن، وهي مواقف مهمة في تاريخ اليمن، يجب أن يطلع عليها أبناؤنا وإخواننا ليعرفوا بأن ما تم التوصل إليه اليوم كان بفضل تلك الجهود الكبيرة، والصبر والتحمل في خدمة الوطن، ومما يجب التأكيد عليه اليوم بأن البيانات المشتركة في حكومة القاضي عبدالله الحجري وحكومة الدكتور حسن مكي لم تفرط بشبر من الأراضي اليمنية المعترف بها دولياً، بل بما نصت عليه اتفاقية 1934م. وبعد عودة الوفد من الزيارات الناجحة بدأت الحكومة ممارسة أعمالها طبقاً لبرنامجها السياسي، ومنها زيارة مأرب حيث قام الدكتور حسن مكي بزيارتها، وكنت معه في تلك الزيارة، والتقى بالمشايخ والمواطنين في المنطقة الشرقية،وعملنا على فتح الأبواب والآفاق للتنقيب عن النفط، وإعادة بناء سد مأرب وكل الأعمال التي تحققت فيما بعد، وجاء الرئيس علي عبدالله صالح فحقق ما كنا نطمح إليه في استخراج النفط وبناء السد، وانتهج النهج الوطني في بناء الاقتصاد اليمني وفي المحافظة على سيادة اليمن وسلامة أراضيه التي عملنا من أجلها.

تطبيق السياسة العامة

إن الإخلاص والولاء من قبل حكومة مكي هو لتنفيذ السياسة العامة للدولة، والعمل التضامني بين أعضاء الحكومة، وقد استشعر الوزراء بأن قرار تعيينهم جاء من القيادة السياسية من دون تأثير بعض الشخصيات التي تقلص دورها في هذه الحكومة. لقد تحدثت عن خلفية تشكيل حكومة الدكتور حسن مكي، وما تركت من أثر عند بعض الشخصيات المؤثرة في ذلك الوقت، وذكرت أسبابها ومسبباتها، وأكدت بأن قرار تكليف الدكتور حسن مكي بتشكيل الحكومة كان قراراً موفقاً للأسباب التي ذكرتها محلية وإقليمية، ولأهمية العلاقة المباشرة مع الإخوة في السعودية بعد المصالحة الوطنية وتأثيرها في أوضاعنا بما لها من علاقات مع بعض الشخصيات السياسية، ولأن الوضع الاقتصادي في اليمن يحتاج إلى دعم الميزانية في تلك المرحلة، وكثير من الدول تتلقى دعماً لتغطية العجز في ميزانياتها، ومنها مصر التي تتلقى مساعدة من أمريكا ومن السعودية ودول الخليج.

كانت الحاجة إلى التعاون المشترك في المجال الاقتصادي لدعم ميزانية الدولة، وكانت القيادة السياسية تضع مواصفات لرئيس الحكومة المؤهل بعلاقات جيدة وفهم مشترك مع الإخوان في السعودية، هذه الحقيقة ربما يتحرج البعض من ذكرها، لكني أتحدث عنها بكل صراحة وصدق، لأن القيادة السياسية حرصت على التشاور والتنسيق مع المملكة العربية السعودية ، ولهذا سعت القيادة السياسية إلى إزالة الصورة الخاطئة عن الدكتور حسن مكي، وبذلنا جهداً كبيراً في توضيح مواقفه وقدراته وإخلاصه لعلاقة اليمن مع جيرانها ودول العالم، وكثير من الدول تراعي علاقة الجوار كما هو الحال في لبنان مع سورية، وبرغم الحرص على التعاون الاقتصادي مع الجيران إلا أن الحكومة وضعت في خطتها العمل على تطوير اقتصادنا، وألا نظل عبئاً على المملكة أو مرتهنين في علاقاتنا بها، إلا أن التآمر على النظام في 13 حزيران/ يونيو عام 1974م أحبط كل شيء وكنا نعي أهمية الاعتماد على إمكانياتنا، وكنا نأمل أن نتمكن من الاعتماد على مواردنا الذاتية في نهاية عام 1974م، وكنا ننظر إلى أن مساعدة المملكة لليمن واجب أخلاقي وديني، لكي تتغلب اليمن على ما خلفه النظام الإمامي، وإزالة آثار الحرب المؤسفة التي استمرت سبع سنوات.

إن الانقسام بين صناع القرار حدث قبل تشكيل حكومة الدكتور حسن مكي وازداد كثيراً بعد سفره إلى المملكة ودول الخليج، ووصول الدعم الكبير منها، مما فاجأت المعارضين، وكما ذكرت لو قدر لهذه الحكومة الاستمرار لكان وضع اليمن الاقتصادي والسياسي حقق نجاحات كبيرة، لكن الكبرياء والرغبة في السيطرة على سياسة الدولة أعاقت النجاح وأضرت بمصلحة الوطن، وأصبح موقف الشيخ سنان ومن معه واضحاً من الحكومة وسياسة الرئيس الإرياني، وبدأت الإرهاصات لقيام حركة 13 حزيران/ يونيو وأحدث هذا الشرخ مضاعفات خطيرة أعاقت التطور والأمن والاستقرار.

تصرف مغلوط

هناك تصور مبالغ فيه ليسارية الدكتور حسن مكي في ذلك الوقت، وهو ليس يسارياً .. إنه رجل سياسي متطلع تخرج في إيطالية فكان مظلوماً في تقييم بعضهم له، فهو شخصية وطنية يريد أن يخدم وطنه بمفهوم العصر الذي نعيش فيه، وله خبرته السياسية في الحكومات السابقة وسجن في القاهرة معنا يوم كان وزيراً للخارجية.. لقد كانت نظرته إلى المستقبل، الحد من السيطرة القبلية على القرار السياسي الذي يعيق التطور والتقدم، وللآخرين عليه ملاحظات في مجادلاته الحادة التي يسيء بعضهم فهمها.<

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد