شكري عبدالغني الزعيتري
تحتوي المياه المتحرّكة على مخزون ضخم من الطاقة الطبيعيّة، سواء أكانت المياه جزءاً من نهرٍ جارٍ أو أمواجاً في المحيط. والماء يمتلك طاقة حركة تتحرر إذا ما تدفق يسير جاريا وتسمي حركته بالطاقة الحركية للمياه والتي تستغل لتوليد الطاقة الكهربائية ومن خلال الطاقة الحركية (الديمانيكية ) للمياه. فتخيل عزيزي القاري وفكّر في القوّة المدمّرة لنهرٍ يتجاوز ضفّتيه ويتسبب بفيضانات أو في الأمواج الضخمة التي تتكسّر على شواطئ ضحلة فيمكنك عندئذ أن تتخيل كمّية الطاقة الموجود ويمكن تسخير هذه الطاقة وتحويلها إلى كهرباء علماً أن توليد الطاقة من المياه لا يؤدّي إلى انبعاث غازات الدفيئة والمياه وطاقة حركتها تعتبر مصدر قابل للتجديد لأنّ المياه تتجدد باستمرار بفضل دورة الأرض الهيدرولوجيّة. وكلّ ما يحتاجه نظام توليد الكهرباء من المياه هو مصدر دائم للمياه الجارية كالجدول أو النهر وخلافاً للطاقة الشمسيّة أو طاقة الريح التي ترتبط بأوقات معينة من اليوم. إذ يمكن للمياه أن تولّد الطاقة بشكل مستمر ومتواصل بمعدّل 12ساعة في اليوم. وحيث أن المبدأ الأساسي لتوليد الكهرباء هو تحويل الطاقة الحركية ( الميكانيكية ) إلى طاقة كهربائية فإن المعامل الهيدروكهربائية تنتج الكهرباء باستخدام قوة المياه (الساقطة) التي تدير ما يسمى بالتربينات والتي بدورها تدير محور معدني موصول بالمولد الكهربائي. وعليه فان الأصل هو بناء سد لمياه النهر لتخزين كميات كبيرة من المياه والحصول على ارتفاع عال وهكذا تؤخذ المياه عبر الأنابيب من أسفل حائط السد حيث يكون ضغط المياه متناسبا مع ارتفاع مياه السد ومد أنابيبها لتصل إلى شفرات التربينات لتتدفق عليها لتجعلها تدور وهي بدورها متصلة بواسطة محور بالمولد الكهربائي ومع دوران الأقطاب المغناطيسية في المولد فان تيارا كهربائيا مترددا سوف يولد في الملفات. اذ إن المياه الموجودة في الخزان تحتوى علي طاقة حركية ميكانيكية مخزنة تظهر عند جريانه وتدفقه. وعندما تفتح السد تتحول المياه الجارية إلي امتلاك جريان وتدفق الذي بدوره يولد طاقة حركية يحرك ما واجهه من الأشياء. ويتم تحديد كمية الكهرباء التي تتولد بحسب عدة عوامل، اثنين من هذه العوامل هي حجم المياه الجارية وارتفاع مستوى سطح مياه السد عن التربينات (المحرك). كلما ازداد الارتفاع وجريان المياه تزداد الطاقة الحركية ويكون لها القدرة علي تحريك تربينات اكبر والتي تنتج طاقة كهربائية اكبر. فمساقط المياه والسدود تعتبر من مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية ولذا تُقام محطات (توليد الكهرباء) عند السدود والشلالات المتدفقة والتي يمكن استغلالها كقوة دفع ميكانيكية لتشغيل التوربينات. فحيثما توجد المياه في أماكن مرتفعة كالبحيرات ومجاري الأنهار يمكن التفكير بتوليد الطاقة ، خاصة إذا كانت طبيعة الأرض التي تهطل فيها الأمطار أو تجري فيها الأنهار جبلية ومرتفعة. ففي هذه الحالات يمكن توليد الكهرباء من مساقط المياه. أما إذا كانت مجاري الأنهار ذات انحدار خفيف فيقتضي عمل سدود في الأماكن المناسبة من مجرى النهر لتخزين المياه. تنشا محطات التوليد عادة بالقرب من هذه السدود كما هو الحال في مجرى نهر النيل. وقد بني السد العالي وبنيت معه محطة توليد كهرباء بلغت قدرتها المركبة 1800 ميغاواط. وعلى نهر الفرات في شمال سوريا بني سد ومحطة توليد كهرباء بلغت قدرتها المركبة 800 ميغاواط ،. إذا كان مجرى النهر منحدرا انحداراً كبيرا فيمكن عمل تحويرة في مجرى النهر باتجاه أحد الوديان المجاورة وعمل شلال اصطناعي. هذا بالإضافة إلى الشلالات الطبيعية التي تستخدم مباشرة لتوليد الكهرباء كما هو حاصل في شلالات نياغرا بين كندا والولايات المتحدة. وبصورة عامة أن أية كمية من المياه موجودة على ارتفاع معين تحتوي على طاقة كامنة في موقعها. فإذا هبطت كمية المياه إلى ارتفاع ادنى تحولت الطاقة الكامنة إلى طاقة حركية. وإذا سلطت كمية المياه على توربينة مائية دارت بسرعة كبيرة وتكونت على محور التوربينة طاقة ميكانيكية. وإذا ربطت التوربينة مع محور المولد الكهربائي تولد على أطراف العضو الثابت من المولد طاقة كهربائية. وتتألف محطة توليد الكهرباء المائية بصورة عامة من الأجزاء الرئيسية التالية : (1) مساقط المياه (المجرى المائل) وهو عبارة عن أنبوب كبير أو أكثر يكون في أسفل السد أو من أعلى الشلال إلى مدخل التوربينة وتسير فيه المياه بسرعة كبيرة. يوجد غلق في أوله (بوابة) وغلق في آخره للتحكم في كمية المياه التي تدور التوربينة. تجدر الإشارة الى أن السدود وبوابات التحكم وأقنية المياه الموصلة للأنابيب المائلة تختلف حسب كمية المياه وأماكن تواجدها. (2) التوربين إذ تكون التوربينة والمولد عادة في مكان واحد مركبين على محور رأسي واحد. يركب المولد فوق التوربينة. وعندما تفتح البوابة في أسفل الأنابيب المائلة تتدفق المياه بسرعة كبيرة في تجاويف مقعرة فتدور بسرعة وتدير معها العضو الدوار في المولد حيث تتولد الطاقة الكهربائية على أطراف هذا المولد. (3) أنبوبة السحب بعد أن تعمل المياه المتدفقة في تدوير التوربين فلا بد من سحبها للخارج بسرعة ويسر حتى لا تعوق الدوران. لذا توضع أنابيب بأشكال خاصة لسحبها للخارج السرعة اللازمة. (4) المعدات والآلات المساعدة : تحتاج محطات التوليد المائية آلي العديد من الآلات المساعدة مثل المضخات والبوابات والمفاتيح ومعدات تنظيم سرعة الدوران وغيرها. . . . . تابع بالعدد القادم غدا الحلقة التاسعة بعنوان ( إنتاج الكهرباء بطاقة الرياح )
Shukri -_alzoatree@yahoo. com