بقلم :احمد عمرابي
مهما أطنب الرئيس الأميركي باراك أوباما في الحديث عن «التغيير» فإن السؤال الأساسي الحاسم هو: إلى أي مدى يتوافر لرئيس الولايات المتحدة الجديد استعداداً لمصادمة نفوذ اللوبي اليهودي اذا تعارضت استقلالية القرار الرئاسي مع رؤي وأهداف اللوبي المتحيزة بالضرورة بالدرجة الأولى إلى صالح إسرائيل وليس المصالح القومية الحيوية للولايات المتحدة وشعبها؟
في غضون الأسبوع الماضي واجه الرئيس أوباما اختباراً عملياً هو الأول من نوعه. فقد شنت حركة «أيباك» التنظيم المظلي للجماعات اليهودية الأميركية هجوماً ضارياً شرساً على شخصية مرموقة رشحها البيت الأبيض لشغل منصب استخباراتي قيادي، والشاهد ليس الحملة على ضراوتها وانما هو موقف البيت الأبيض. فقد نأت إدارة أوباما بنفسها عن تشاس فريمان مرشحها لمنصب رئيس مجلس الاستخبارات القومي وتركته وحيداً في الميدان. وتحت وطأة الهجمة وفقدان حماية البيت الأبيض اضطر فريمان إلى سحب ترشيحه. لماذا الهجوم على فريمان؟
لأنه ينتقد التحيز الأميركي لإسرائيل مطالباً بأن تكون سياسة الولايات المتحدة تجاه الصراع العربي الإسرائيلي متوازنة، وفي هذا السياق يؤثر عن فريمان قوله علناً «ان القمع الوحشي الذي يتعرض له الفلسطينيون على أيدي الاحتلال الإسرائيلي لا يظهر أي علامات على الانتهاء.
هكذا أخفق الرئيس أوباما في أول اختبار عملي بشأن التغيير في توجهات السياسة الدولية الأميركية.
وتقول الصحافة الأميركية ان أوباما كان يرمي إلى عقد صفقة سياسية بين إدارته واللوبي اليهودي يقبل قادة اللوبي بموجبها ترشيح فريمان مقابل قرار رئاسي بتعيين دينيس روس ذلك اليهودي المشهور بتعصبه الصهيوني المتطرف مستشاراً للرئيس لشؤون إيران. لكن ماذا كانت النتيجة على الصعيد التطبيقي.
النتيجة هي ما نرى: انتصار ازدواجي للوبي اليهودي يتمثل في إقصاء فريمان مع الإبقاء على روس في منصبه الجديد، والسؤال الكبير الذي يطرح هو: ماذا كان يعني أوباما بشعار «التغيير» في سياق حملته الانتخابية؟ هل كان يخدع نفسه أم يخادع الشعب الأميركي؟
ما يستخلص في كل الأحوال هو ان تراجع أوباما الانهزامي تحت وطأة الضغوط اليهودية الصهيونية يجرد دعوة «التغيير» من أية مصداقية. إقصاء فريمان كنتيجة لحملة أيباك يأتي على خلفية دعوة الرئيس أوباما إلى قادة إيران لطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة قوامها الاحترام والثقة المتبادلة. وكان القادة الإيرانيون على حق عندما تجاوبوا بحذر مع رسول «التغيير» الأميركي فطالبوه بتجاوز الأقوال إلى الأفعال.