;

هل يستفيد العرب من التجربة التركية؟ 678

2009-03-25 03:07:58

بقلم :قاسم سلطان

هناك دول حققت انجازات سياسية واجتماعية ونمواً اقتصادياً في فترة وجيزة، لذا هي تفرض عليك الكتابة عنها مرة، ومرتين وثلاث، كما هو حال تركيا التي تعتبر خير مثال على تجسيد الديمقراطية في القرن الواحد والعشرين.

تركيا التي ظلت لفترات طويلة كما هو معروف كان يتحكم فيها الجيش وبعض الوصوليين من أصحاب المصالح الشخصية باسم الليبرالية والعلمانية حتى أصبحت تسمى بالرجل المريض. فتحرك الشعب التركي وفرض رأيه على الوضع العام في بلاده، واختار الديمقراطية الحقيقية بالفعل وليس بالشعارات، واستعادت الدولة عافيتها على يد حزب له رؤية وبرنامج واضح وأيديولوجية سياسية واقتصادية طموحة، فاستحقت تركيا بحكومتها التي اختارها الشعب المكانة المميزة التي وصلت إليها بين دول العالم، وبالذات في أوروبا والشرق الأوسط. . ورغم كل المحاولات التي بذلها المعادون في الداخل والخارج لرؤية الحزب الحاكم، إلا أنه استطاع فرض نفسه وتحقيق برنامجه، فكسب أردوغان وأنصاره الرهان بالعمل بجهد وإخلاص لحل المشاكل الداخلية والخارجية، وكسبت الحكومة المعركة ضد الفئات المتضررة في الديمقراطية، بوقوف الشعب التركي وراءها وتأييدها في كل مواقفها، فأصبحت تركيا متواجدة في قضايا العالم ولعبت دورها بأمانة وإخلاص، وأصبح الكل يسعى إليها للتدخل لحلحلة المشاكل المستعصية بما فيهم الولايات المتحدة الأميركية.

هذا ما وصلت إليه تركيا بفضل الديمقراطية وعهد إعطاء الفرص لكل قادر على مواجهة التحديات، وتحقيق الازدهار والاستقرار للشعب، والوصول بالدولة إلى مكانة خاصة في عالم معولم منفتح، متغير، لازال فيه البعض يبحث عن حلول!!!

وبهذا أعطى الشعب التركي الذي نهض وقام بالتغيير قبل أن يفرض عليه درساً للشعوب النامية، وبالذات للعربية والإسلامية، علّها تستفيد منه وتكون تجربة تركيا وتقدمها مثالاً يحتذى به، وإذا استمرت بهذا الشكل بعزمها وتخطيطها قد تذهب تركيا إلى أبعد من ذلك.

إن مساحة الدول وعدد سكانها لا يحققان تقدماً، إنما بالإرادة ورغبة الشعوب في التغيير للأحسن تتقدم الدول وتزدهر. ولا شك أن المساحة والسكان سيدعمان قوتها، لكن شريطة استغلالها بشكل جيد من أجل المصلحة العامة وليس بالكلام من أجل التباهي والتغني دون أفعال حقيقية. ومن يدري، فقد يكون هذا القرن قرن دولنا وشعوبنا لتقرير مصيرها واختيار من يعبر عن رأيها ويحقق متطلباتها.

فالعالم يحترم الدول والحكومات التي تحترم رأي شعوبها، وشعوبه تحترم الشعوب التي لا ترضى بالوضع الغلط وتتحرك لتغييره، فالرأي الحر والفكر الحر هما اللذان أعطيا أميركا وأوروبا القدرة والقوة والتفوق، ففيهما يعمل لرأي الإنسان وصوته ألف حساب، فهم يؤمنون بأن السلطة المطلقة مفسدة ونهايتها الفشل مهما طال الزمن، فبمشاركة جميع فئات المجتمع تتقدم الدول وتنمو.

أما مكانة العرب عندهم، فقد عبرت عنها النكتة المتداولة التي تقول إن جورج بوش في مؤتمر صحافي كان يرافقه فيه رئيس أوروبي قال إن لديه خطة جديدة لمحاربة الإرهاب وهي قتل مليون مسلم وطبيب أسنان، وهمس في أذن ضيفه عندما شاهد الصحافيين يرفعون أيديهم للأسئلة التي كانت: لماذا طبيب أسنان وماذا فعل؟! فنظر إلى ضيفه وقال بصوت مسموع: ألم أقل لك إنهم لم يهتموا بمليون مسلم، فالكل يسأل عن طبيب الأسنان!!

قد يقول قائل لماذا نعطي مثلاً على قلة احترام الآخرين لنا بالنكتة، فواقعنا لا يخفى على أحد فها هو آخر اجتماع أوروبي يقرر فرض هيمنته على البحار ومداخل الوصول إلى غزة لمنع تهريب ووصول الأسلحة إليها، وبرر أحد المسؤولين الأوروبيين هذا القرار بأن الهدف منه القضاء على العنف، لأنه لن يأتي بنتيجة، وكأنهم أدركوا متأخرين أن هناك عنفاً يمارس، لكن على من؟

فهل نسوا أو تناسوا أن هذا العنف يمارس منذ أكثر من 60 سنة على شعب أعزل وبأسلحة أوروبية وأميركية؟! فلماذا قرار محاصرة غزة لمنع وصول الأسلحة إليها؟ ألا نهم يعلمون أنه لا توجد حكومة عربية تعارض قرارهم أو تندد به، أو على الأقل تستنكره، وبكل تأكيد لن تناقشهم فيه؟! ولا توجد شعوب تتظاهر لرفضه؟

أم لأن غزة المناضلة تحدتهم وقاومت بإرادتها وعزيمتها وحاربت إسرائيل بكل أسلحتها وجبروتها وقوتها، فإذا فعل شعب غزة ذلك فهذا دليل أن الشعوب العربية قادرة على منافسة شعوب العالم بإمكانياتها وقدراتها المتفوقة، شريطة إعطائها الفرصة للنهوض والتقدم لكن إلى متى العالم يتغير من حولنا ونحن العرب في مكاننا؟! ومن المستفيد؟

فإذا كان المستفيد هو الدول الغربية لأنها ترتفع بثرواتها، وتستقوي بضعفنا، فعلى الدول العربية إذا كانت تريد فعلاً التقدم والازدهار أن تغتنم الفرصة في هذه المرحلة بالذات، وتعتمد على شعوبها بإعطائها مزيداً من الحرية، لأن المصير واحد. وبكل تأكيد سوف تكون في مقدمة الدول. أم أن الوضع الحالي يناسبها؟ ولماذا لا يعطي العرب الفرصة للقادرين على العمل بجد للارتقاء ورفع مستويات الشعوب وتحقيق نموها؟

أو لماذا لا يقوم العرب بتوحيد صفوفهم وكلمتهم، خاصة والدول الغربية وعلى رأسها أميركا وبريطانيا بدأت تتراجع عن تشددها وتغير مواقفها؟

فها هي بريطانيا وأميركا تغيران موقفهما تجاه بعض الأحزاب العربية التي كانت تقول عنها منظمات إرهابية. فلماذا لا يستفاد من هذه الأزمة الصعبة التي تعاني منها الدول الغربية، ويتخذ العرب موقفا سياسياً موحداً، فهم بثرواتهم ووحدتهم سيكونون في موقف أقوى. أتمنى ذلك.

كاتب إماراتي

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد