;

أوراق من ذكرياتي ..الحلقة «39» 1196

2009-03-25 03:14:02

انسحاب الحمدي

ذكرت أن الشيخ عبدالله الأحمر كن سيقوم بزيارة إلى الصين يوم 5 آذار مارس عام 1974م، ومعه عدد من الشخصيات المشاركة في الحكم، ومنهم الشيخ أحمد المطري والشيخ سنان أبو لحوم وإبراهيم الحمدي ، وعلي أبو لحوم ومحمد أبو لحوم وأحمد الغشمي، وكانوا على قناعة بتغيير القاضي أو مضايقته لكي يقدم استقالته، وكانت محاولتي إقناعهم بالعدول عن هذا الموقف والتريث حتى يعود الشيخ عبدالله ونهيئ للجمهورية الثالثة بطريقة حرة ديمقراطية نهاية عام 1974م، ولأن الرئيس القاضي هو رمز البلد ويحمينا بمظلته، ونحن الذين نمارس السلطة، قلت لهم : أي تغيير؟ وأنتم مشاركون في تعيين الوزراء في الحكومة والسفراء والمحافظين والقادة العسكريين، إذن من هو الحاكم؟ أنتم الحكام فلا يجوز أن تتكلموا على الرئيس. وهم يعرفون جيداً التاريخ الذي ينتهي فيه المجلس الجمهوري، وسوف يتم انتخاب مجلس جمهوري جديد يحقق للطامحين الوصول إلى السلطة بالقواعد الديمقراطية التي آمنا بها، وبعد أن انتهيت من الحديث والرد على ما قاله الشيخ عبدالله ترك الاجتماع إبراهيم الحمدي.

وتبعته لأنه " في بيتي" قلت له : لماذا تركت الاجتماع قبل نهايته، وقبل أن نتخذ قراراً في موضوع هذا اللقاء؟ قال: هذا اجتماع غير مقبول، لن تصلح اليمن وفيها عبدالله بن حسين وسنان أبو لحوم! فعلينا أن نتخلص من الاثنين أولاً، ثم نتكلم على القاضي عبدالرحمن .أراد

بدهائه وذكائه أن يغطي على هذا الموقف، ولحق بنا الشيخ سنان أبو لحوم فقال: ما لإبراهيم ترك؟ أجبت: قال: هو موافق على ما نتخذه لم أخبره بما قال أدباً وأخلاقاً وسياسة، وقال : وأنت يا حسين غلطت. قلت : ماذا عملت من غلط؟ قال: إبراهيم يريد إزاحة القاضي ويكون بديلاً له، وأنت تدافع عنه.

وعلمت مؤخراً أن الشيخ سنان والأخ إبراهيم يدبر ان لهذه الخطة ، ولذلك فقد حرصت على كتابة كل الأسباب التي أعاقت حركة التطور في اليمن وشرحت تفاصيلها لكي يعرف المهتمون ببعض الحقائق التي أعاقت التطور في اليمن وأحبطتها وزعزعت الأمن والاستقرار.

ثم قال لي الشيخ سنان : إن إبراهيم الحمدي غضب ، لأن الغرض من الاجتماع أن أقنعك بإبعاد القاضي،وواصلنا الاجتماع ، ولم أخبرهم بما سمعته من إبراهيم الحمدي بعد انسحابه، واستطاع بذكائه ودهائه أن يؤثر على كل الأطراف في خلال مدة قصيرة، ولا سيما بعد تشكيل حكومة حسن مكي ، وفي نهاية الاجتماع اتفقنا أن يذهب الشيخ عبدالله إلى الصين ويعود، ولكل حادث حديث بعدئذ ، ولم نتفق على شيء ضد الرئيس أو غيره، وأقنعتهم جميعاً بالحفاظ على الدولة وعلى رئيس المجلس الجمهوري، لأنهم الحاكم ويتحملون كل الأخطاء، والرئيس هو المظلة الواقية لنا جميعاً.

وفي المدة القصيرة ما بين آذار / مارس إلى حزيران / يونيو ظلت فكرة الانقلاب في عقولهم، واستمرت الانتقادات لحكومة الدكتور مكي ، واستمرت المضايقات للرئيس الذي قدم استقالته إلى مجلس الشورى والتي لم يعرضها الشيخ عبدالله على المجلس طبقاً للدستور، وهذه هي المخالفة الدستورية والخطأ الكبير الذي يتحمل مسؤوليته رئيس مجلس الشورى الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، كما اعترف بذلك في مذكراته.

مواصلة التآمر

مرت الشهور الثلاثة والمؤامرة تحاك ضد النظام وتجنب الانقلابيون الحديث معي حول موقفي من المخطط الانقلابي ، الذين يعلمون أني أعرف كل نواياهم وأعمالهم ولدي المعلومات بالإعداد لانقلاب وأن عدداً من الضباط يعدونه مع الأخ إبراهيم الحمدي، وكنت لا أهتم بهذه المعلومات، لأن قناعتي أنه إذا حدث شيء فسوف يرجع السحر على الساحر ، وسينقلب بعضهم على بعض، ويقتل بعضهم بعضاً، كما حدث فيما بعد في حادثتي اغتيال المرحوم المقدم إبراهيم الحمدي وأخيه عبدالله، والمرحوم المقدم أحمد الغشمي الذي اغتيل بعدهما بسبعة أشهر ، وهذه النتيجة المؤسفة التي حدثت كانت وفق تقديراتي وتصوراتي، ولقد وصلتنا معلومات قبل الانقلاب بأسبوع ، حينما زار اليمن الأخ عبدالغني قنوت وزير الأشغال السوري، وأبلغنا بأن لدى حكومته معلومات بمحاولة انقلاب ستحدث في اليمن ، يقودها عدد من الضباط والمشائخ، وحذر من سفري إلى السعودية والأردن بعد أن بلغ هذه المعلومات لفخامة الرئيس القاضي عبدالرحمن الإرياني، وهذه التحذيرات اطلع عليها الأخ الدكتور عبدالكريم الإرياني والأستاذ محمد أحمد نعمان. وكان ردي على وزير الأشغال السوري بأن هذه الانقلاب، ومن سيقومون به سينقلبون على أنفسهم وسوف يختلفون، ويتخلص بعضهم من بعض سواء بالقتل أو بالإبعاد.

وقبل ذلك بشهرين وصلتنا معلومات من سفير الولايات المتحدة الأمريكية المستر كروفر بل الذي كان مهتماً باليمن ومحباً لها، والذي عُين بعد إعادة العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية بأن هناك مؤامرة للانقلاب على النظام ، وقد أخبرنا بأن عدداً من الضباط بقيادة المقدم إبراهيم الحمدي ، وعدداً. من المشائخ يعملون على إزاحة القاضي عبدالرحمن الإرياني، أخبرنا بهذه المعلومات بصورة استفسار. وهذا اللقاء تم في منزله بحضور الأخ الدكتور عبدالكريم الإرياني وزير التنمية وقتها، والأستاذ محمد أحمد نعمان والأستاذ عبدالله الأصنج وزير الخارجية، فكان ردي عليه بكل ثقة بأن هذه المعلومات خاطئة وملفقة! وحاولنا جميعاً التأكيد على أنها عارية من الصحة، وكان ردنا بكبرياء وبثقة احتراماً لأنفسنا ولدولتنا، واحتراماً لزملائنا فكنا نتكلم مع السفير على أننا دولة متماسكة، وأن هذا الاحتمال بعيد الوقوع.

لم نتخذ أية احترازات لأن المنقلبين هم أنفسهم الحاكمون، فالاحتراز ضد من؟ ولمن؟.

وكان الانقلاب ضد الرئيس القاضي عبدالرحمن الإرياني والأستاذ أحمد محمد نعمان والقاضي عبدالله الحجري أعضاء المجلس، وحكومة الدكتور حسن مكي، ومن العسكريين العقيد محمد عبدالله الإرياني القائد العام والعقيد حسين محمد المسوري رئيس هيئة الأركان العامة، ورجال الانقلاب هم الشيخ سنان أبو لحوم المحرض الأول، والشيخ عبدالله الأحمر رئيس مجلس الشورى، والشيخ أحمد علي المطري وكيل المجلس والعقيد إبراهيم الحمدي نائب القائد العام، والمقدم علي أبو لحوم قائد قوات الاحتياط، والعميد مجاهد أبو شوارب محافظ حجة وقائد قوات المجد، والمقدم عبدالله الحمدي قائد قوات العمالقة، والمقدم محمد عبدالله أبو لحوم قائد اللواء السادس مدرعات،والمقدم أحمد الغشمي قائد اللواء الأول مدرعات، وعدد من الضباط والمشائخ وبعض السياسيين،ومنهم عبدالله حمران وأحمد دهمش وغيرهم.

سفري إلى السعودية

بعد اطلاعنا ومعرفتنا بكل هذه المعلومات الانقلابية كلفني الرئيس القاضي عبدالرحمن الإرياني بمواصلة العمل للحصول على بعض المساعدات الفنية العسكرية من الإخوة الأشقاء ، وطبقاً للسياسة المرسومة لتوسيع الخبرات في القوات المسلحة، وهذا ما شجعني على زيارة المملكة العربية السعودية والأردن. ولم أهتم بالمعلومات التي لدينا عن الانقلاب، ولم تعقني عن أداء الواجب في مهمتي العسكرية، وقد يرى البعض هذا التصرف خطأ لكن وجهة نظريه واضحة بأن المنقلبين هم الحكام وما سيفعلونه سيكون وبالاً عليهم، وهذا ما حدث. لهذا ذهبت إلى المملكة العربية العربية السعودية يوم 8/6/1974م على رأس وفد عسكري والتقيت بالأمير سلطان وعدد من المسؤولين السعوديين، وشرحت له الغرض من زيارتي للأردن التي رحب بها وقدرها. وبعدها توجهت إلى عمان في زيارة رسمية، التقيت بالقائد العام الشريف زيد بن شاكر والمسؤولين العسكريين في القيادة الأردنية، وحققت الزيارة النجاح، ثم قابلت جلالة الملك حسين الذي منحني وسام الاستقلال من الدرجة الأولى تقديراً لجهودي وللتعاون الأخوي الذي تحقق خلال الزيارة.

وكانت الزيارة الثالثة إلى بغداد لكي نطلب من الإخوة في العراق المساعدة بتوجيه فرع حزبهم في اليمن للتوقف عن المؤامرات والتخريب على النظام، وذلك بناء على المعلومات التي أعدها العقيد عبدالله بركان وزير الداخلية والمقدم محمد خميس مدير الأمن الوطني، وأكدها الأخ إبراهيم الحمدي في اجتماع طارئ للمجلس الجمهوري وأركان الدولة، وهذه المعلومات اتضح فيما بعد أنها تضليل وتمويه، لكي يتأكدوا من سفري مع الأخ محمد نعمان الممثل الشخصي لرئيس المجلس، وبأننا سنكون في مهمة كبيرة. وزيادة في التمويه سلموا الأخ محمد أحمد نعمان ملفاً بالوثائق المزورة لتسليمها إلى الحكومة العراقية، ولم نذهب إلى العراق لأن حركة 13 حزيران / يونيو حدثت ونحن في الأردن.

 

 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد