نبيل مصطفى الدفعي
أرجو ألا يستاء مني أحد إذا ما قلت وبدون مبالغة أن أحد أهم مظاهر تخلف بعض العقول اليمنية هو الميل الجامح للمبالغة التي تصل في كثير من الأحيان إلى حد الشطط واللامعقول.
فمثلاً هناك بعض الذين يعارضون الحكومة مستعدون للقول بأنه لا يوجد أي هامش ديمقراطي، ومن ثم فإن القدر المتاح من حرية الصحافة قد يكون صراعاً للسلطة وقد يكون مخرجاً للتنفيس عن السخط المتراكم.
ولكن هذا القدر المتاح من الحرية لا يمكن أن يكون وفقاً لهذه الرؤية السوداوية، نتيجة نضالات متراكمة وتضحيات جسيمة، ولا يمكن أن يكون دلالة نضج وتطور المجتمع.
باختصار يمكن القول أنه بما أنك معارض فأنك لا ترى شيئاً إيجابياً وكل ما تقوم به الحكومة يجب الرد عليه بكلمة لا.. لا مش تمام حتى ولو كان صحيحاً أو على طريقة قول البعض اليوم الدنيا حر يا أخي ونضمه يرد الآخر يا أخي الحكومة هذه ميؤوس منها.
وفي المقابل هناك بعض أو أغلب الذين يؤيدون الحكومة ومستعدون لتبرير ما نقوم به من أعمال بعض الأحيان تكاد تكون غير مدروسة أو غير مقبولة، كعدم المساواة بين الناس أحياناً ورفع الأسعار عامة وتعيين بعض الأشخاص الغير كفوءة أو الفاسدة وعدم معالجة موضوع الفساد أو إقصاء بعض من الكوادر عن أعمالهم ومناصبهم بدون سبب، ومع ذلك فإننا جميعاً نعرف أن عشراتاً أو مئاتاً من بعض أعضاء وقيادات الحكومة والحزب الحاكم يعارضون مثل هذه التصرفات، وفي الجانب الآخر يتم استغلال مثل هذه التصرفات ويتم تصعيدها من قبل بعض القوى السياسية المعارضة تعبيراً عن استنكارها وشجبها، باعتقادي أن كل ذلك من تفكير لبعض أو أغلب العقول اليمنية لا يختلف كثيراً عن بعض أو أغلب تفكير العقول العربية باعتباره جزءً لا يتجزء منها.
ولا أدري لماذا يوصف العقل العربي بوجه عام بالكسول؟ هل لما سبق ذكره أو لأن كثيراً من القضايا التي تشغل العالم كله لا يكلف نفسه العقل العربي عناء التفكير فيها، أو لأنه عندما يفكر غالباً ما ينقسم بسرعة وبشكل انطباعي إلى وجهتي نظر إحداهما تصرخ بقول مرحباً ونعم لما تقوم به الحكومات والأخرى تصرح بقوة أيش هذا الغباء؟ هذا تخلف فلا وألف لا لما تريده الحكومة.
طبعاً وفي حمى الصراخ بين مؤيد ومعارض بين لا ونعم تضيع الكثير من حقائق المواقف التي تتم التعمية عليها عمداً ومع سبق الإصرار والترصد للبرهنة على أن الأمر بين مؤيد ومعارض بين مرحباً ونعم أو أيش هذا الغباء؟ لا وألف لا وتتجلى المبالغة في تفكير بعض العقول من المؤيدين والمعارضين والله من وراء القصد.