بقلم :ممدوح طه
طلب نتنياهو مهلة لمحاولة توسيع حكومته المقبلة بائتلاف مع حزب «العمل» أو حزب «كاديما» تجنبا للعزلة والفشل، نابع من إدراكه أن حكومة فاشية متطرفة لن تحظى بدعم أميركي ولا أوروبي، في الوقت الذي ستزيد فيه من وحدة الفلسطينيين المفاوضين والمقاومين ووحدة العرب والمسلمين المعتدلين والممانعين ولن تجني سوى الفشل..
وأن المزيد من التطرف الصهيوني اليهودي لن يؤدي إلى سلام إسرائيلي أو استسلام فلسطيني أو عربي أو إسلامي، بل إلى مزيد من التطرف المساوي له في القوة والمضاد له في الاتجاه.
وأغلب الدلائل من داخل إسرائيل ومن حولها فلسطينيا وعربيا وإقليميا ودوليا تشير إلى أن حكومة يمينية صهيونية ضيقة في تل أبيب بكل تطرفها وطيشها وبكل قوتها العسكرية، بعكس اتجاه الحق والعدل والسلام، مصيرها كمصير إسرائيل ذاتها، لا مستقبل لها في النهاية سوى العزلة الدولية والنزاع الداخلي والسقوط النهائي.
وبينما كانت حكومة «إيهود أولمرت» الصهيونية التي يسعى «نتنياهو» إلى الائتلاف مع أحزابها لتوسيع حكومته باعتبارها ليست يمينية متطرفة كحزب «ليبرمان» الفاشي مثلا، هي التي شنت أطول الحروب العدوانية الإسرائيلية وأكثرها شراسة بل جنونا، وأبشعها إنسانيا وأحطها أخلاقيا ضد الفلسطينيين والعرب، وأشعلت حربين ضاريتين بطول شهرين ضد المقاومين الفلسطينيين والعرب في بلدين عربيين هما لبنان وغزة خلال عامين، تعتبر نفسها حكومة «الوسط» الإسرائيلية!..
وحكومة «الوسط» هذه التي ضمت جنرالا مثل «باراك» هو زعيم حزب العمل الذي يمثل يسار الوسط ولا يتورع عن ارتكاب أفظع جرائم الحرب،، وبسياسة متعددة الوجوه والألوان من يمين الوسط إلى يمين اليمين كالحرباء مثل «ليفنى» زعيمة حزب «كاديما»، وبسياسة لم تحقق هدفا بحروبها ولا بمفاوضاتها برئاسة شخصية متهمة بالفساد مثل «أولمرت»، تعتبر نفسها حكومة «معتدلين» صهاينة بل وتدعو «المعتدلين» العرب المفاوضين للتحالف معها ضد المقاومين والممانعين العرب والمسلمين.
فإن حكومة يمينية عنصرية صهيونية متطرفة يبدو فيها المتطرف «نتنياهو» هو الشخص الأقل تطرفا، حكومة،ترفض قيام دولة فلسطينية على خمس فلسطين التاريخية فقط، وتمنع أي حل سياسي لقضية القدس يمنع الضم والتهويد والتهجير، وتدعم الاستيلاء بالاستيطان على الضفة الغربية، وتعترض على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم، لن يكون بمقدورها تحقيق شيء بالقوة والعدوان، سوى المزيد من المقاومة الوطنية والعربية والإسلامية.
ومع ذلك أليس «نتنياهو» هو من جاء بعد اغتيال سلفه «اسحاق رابين» صعودا على موجة تطرف عالية معادية للسلام مع الفلسطينيين والعرب، وعلى مدى السنوات الثلاث لحكومته الأولى انقلب على كل اتفاقيات رابين للتسوية مع الفلسطينيين والأردنيين، وعلى وعود رابين للسوريين بالانسحاب من الجولان، والتي كان من شأنها أن تمنح لإسرائيل شعورا بالأمن بالسياسة لا بالحرب..
فهل استطاع بكل الإرهاب العسكري أن يفرض السلام بشروط إسرائيل ؟.. وهل استطاع بالتطرف السياسي أن يفرض على الفلسطينيين أو العرب شروط الاستسلام؟
.. لقد سقطت بعدها حكومته اليمينية مثلما سقطت الآن حكومة «الوسط» الأكثر يمينية.. بعد أن أثبتت أن العكس هو الصحيح.. وأن التسليم بالحقوق العربية هو الأصح.... فعلى من يراهن بعض العرب في إسرائيل؟!