بقلم : الخبير فى الشئون الاسرائيلية - رأفت حمدونة
كثيراً ما يستوقفنى رأى المحللين فى الشأن الاسرائيلى فيما يتعلق بمستقبل وفشل حكومة " ائتلاف الليكود " وعلى رأسه بنيامين نتنياهو وخاصة بعد انضمام حزب العمل بزعامة ايهود براك ، والسؤال : كيف ستفشل حكومة لا يسقطها انسحاب حزب ؟؟؟ وباتت أقرب إلى الاستقرار الطيف اليمينى قاتم اللون رغم وجود حزب العمل الذى قوض برنامجه السياسى ليتم استيعابه من مجموعة متطرفين ومتشددين كحزب " اسرائيل بيتنا " أو مستغلين كحزب " شاس ".
حكومة تضم مبدئيا 69 عضوا في البرلمان ( كنيست) مكونة من 27 من " الليكود"، 15 من "اسرائيل بيتنا"، 13 من "العمل"، 11 من "شاس"، و3 من "هبيت هيهودي" مرشحة لأن تكون بأغلبية 74 عضو فى حال إبرام اتفاق قريب مع حزب "يهدوتهتوراه" الحاصل على 5 أعضاء فى الكنيست.
لذا على السياسيين الفلسطينيين حكومة وفصائل ، وعلى الحكومات العربية أن لا تراهن كثيراً على فشل هذه الحكومة ، وأن لا تعول على سقوطها من الداخل ، وأن تنتبه إلى الأطروحات الخطيرة التى تتبناها فى محاولة إلى عزلها وكشف أجندتها للعالم.
ولا يغر أحد وجود حزب العمل فى الحكومة لأن الاتفاق الائتلافي بين العمل والليكود قصير وغامض ، ولا يتطرق للعملية السياسية على أساس الدولتين بأي شيء حتى أنه لا يتطرق " لخريطة الطريق" أو " اعلان انابوليس" واللتان يتضمنان - على الأقل - موافقة على مبدأ دولتين للشعبين ، وهو المبدأ الذي ليس مستعدا نتنياهو والليكود قبوله ، بمعنى أن الحكومة المقبلة ليست حكومة سلام ولا تطرح برنامج سياسي يقبله الفلسطينيين والعرب وخاصة سوريا.
نتنياهو المتقلب المتعجرف وباراك المراوغ المتعالي كما يصفهما الكاتب الاسرائيلى عوزي بنزيمان فى صحيفة معاريف مجبولان من ذات مادة رئيس الوزراء المنصرف " أولمرت " انتهازيان كل همهما هو البقاء في الكرسي ، كلاهما ضحى بحزبه انصياعاً لشهوة المنصب ، براك بخطوته الانتهازية قوض حزبه وكما يصف سكرتير حزب "العمل" إيتان كابل أن عشرات الطلبات وصلته من شبان ينتمون للحزب ، طلبوا الاستقالة، احتجاجا على مشاركة الحزب في الحكومة ، وفى المقابل نتنياهو يعانى داخلياً من عدم رضا شخصيات تاريخية لم يتبقى لها بما يليق من بضاعة آخر النهار بعد أن وزعت على اسرائيل بيتنا وشاس والعمل ، فلم يتبقى ليعلون أو شالوم وغيرهما ما يرضى.
فى كل الأحوال هذه الحكومة اتفقت على سلام اقتصادي " بمعنى تحسين شروط حياة الفلسطينيين فى الضفة الغربية ، وليس لديها مشروع دولة والقدس عاصمة للشعبين ، وتؤكد من خلال الاتفاق على تقويض حكم حماس فى غزة ، وتكثيف الاستيطان فى الضفة وخير شاهد على ذلك الاتفاق السري بين نتنياهو وليبرمان على مواصلة خطة EI بمعاليه ادوميم ، ببناء 3000 وحدة سكنية جديدة على الأراضي التي تمتد بينها وبين القدس.
ولنؤكد أن نتنياهو قد حصل من خلال الانتخابات والائتلاف على تفويض بتصفية ما تبقى من اتفاق اوسلو، واستئناف النهضة الاستيطانية وهدم المنازل في شرقي القدس. وعلى تفويض بتخريب العلاقات مع الدول العربية والاتحاد الأوروبي ولربما مع الولايات المتحدة فاوباما أكد ان التشكيلة المستقبلية للحكومة في اسرائيل لن تساعد في تحقيق السلام ،هذا الأمر يدفع العرب والفلسطينيين لاستغلال تلك المواقف وعدم التهالك على العلاقات بلا فائدة وهدر السنوات المقبلة مع تلك الحكومة بلا مكاسب ، وأعتقد أن فضح هذه الحكومة دولياً أولى من تسويقها ، والتقرب من الموقف الدولى الذى يشكك فى مشروع اسرائيل السياسى أهم فى المرحلة المقبلة ، مع التأكيد أن هذه الحكومة تستهدف الضفة وغزة ، وستعمل على تهميش طموحات حكومة الضفة كما ستعمل على حصار أو تقويض حكومة غزة ، وستستهدف الأرض الفلسطينية بالاستيطان والقدس بالتهويد ، وأعتقد أن إنهاء الانقسام والوحدة الفلسطينية رداً مسئولا ووطنياً فى مجابهة الحكومة الإسرائيلية المقبلة ومخططاتها.