بقلم :احمد عمرابي
هل يأتي يوم نرى فيه صدور مذكرات اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بشأن قادة إسرائيليين؟ علينا أن نلغي عقولنا أولاً لكي يتسنى لنا الإجابة عن هذا السؤال بنعم. فمؤسسات العدالة الدولية ومن بينها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمحكمة الجنائية، ليست سوى أدوات لخدمة أهداف قوى دولية مهيمنة. ومن بين هذه الأهداف حماية الدولة اليهودية.
وقبل بضعة أيام اعتزم مسؤول دولي أن يتحدى هذه القاعدة، فقد طالب ريتشارد فالك المقرر الخاص للأمم المتحدة المكلف بمراقبة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة بفتح تحقيق حول العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة وما ترافق معه من انتهاكات إجرامية إسرائيلية، وكان فالك يخاطب مجلس حقوق الإنسان، وهو هيئة تابعة للأمم المتحدة. . وفي تقريره الرسمي الذي سرده على أعضاء المجلس وجه اتهامات إلى القادة الإسرائيليين بأن القوات الإسرائيلية كانت لا تفرق في هجماتها في قطاع غزة بين الأهداف العسكرية والمدنيين، بما نجم عن ذلك من انتهاكات ترقى إلى مستوى «جرائم حرب على نطاق واسع»، ومن هنا كانت مطالبته بفتح تحقيق.
والسؤال الذي يطرح هو: هل تمضي القضية في مسار طبيعي ينتهي بها إلى قضاة المحكمة الجنائية الدولية؟ لكي تصل القضية إلى المحكمة فإنه ينبغي أن ينظر فيها أولاً مجلس الأمن الدولي لكي يتخذ قراراً بإحالتها إلى هيئة قضاة المحكمة، مما يقودنا إلى سؤال ثانٍ: ألن تحبط أميركا القرار باستخدام الفيتو إذا حظي القرار بأغلبية أصوات أعضاء المجلس؟ الكتابة على الجدران واضحة منذ الآن، فقد شنت الإدارة الأميركية هجوماً مكشوفاً على مقرر الأمم المتحدة فالك وتقريره واتهمت المقرر بأنه متحيز ضد إسرائيل.
ولو لم يكن فالك نفسه يهودياً لتعرض إلى أكثر من مجرد الانتقاد اللفظي. انتقال القضية إلى مجلس الأمن الدولي مبني على افتراض أن نتائج التحقيق الذي يطالب به فالك ستنطوي على إدانة مبدئية للقادة الإسرائيليين. ولكن لو سعت الولايات المتحدة إلى منع عملية التحقيق أصلاً، وهل تنجح في سعيها؟
هذا يعتمد على موقف الأمين العام للأمم المتحدة، بعد أن تسلم نسخة من تقرير مرؤوسه فالك، ولقد أثبتت الأحداث والتطورات أن بان كي مون ليس بالرجل الشجاع الذي يحترم القيم المهنية العليا، فبعد العدوان على غزة اكتفى «بوعد» من القيادة الإسرائيلية بأنها ستجري تحقيقاً حول الانتهاكات أي أنه ترك للجاني مهمة التحقيق مع نفسه!
«العدالة الدولية» مهزلة. . واسم على غير مسمى، وأمام المحكمة الجنائية الدولية حالياً أربع قضايا كلها تتعلق بأربع دول إفريقية فقط: السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأوغندا وجمهورية إفريقيا الوسطى.
إنها ببساطة أداة من أدوات الاستعمار الحديث.