بقلم :ممدوح طه
لأن السمكة تفسد من رأسها.. فماذا ننتظر من سلوك قانوني أو إنساني أو أخلاقي حميد من كيان صهيوني عدواني عنصري خارج على القانون على جل المستويات؟ رأس هذا الكيان ورمز المسؤولية فيه إسحاق كاتساف رئيس دولة إسرائيل اليهودية السابق محال إلى المحكمة بتهمة الاغتصاب والتحرش الجنسي، ورئيس حكومته الحالية إيهود أولمرت الذي أغرق المنطقة بحربين عدوانيتين فاشلتين، غارق في التحقيقات ويواجه تهما بالفساد السياسي، ووزير خارجيته المقبل، حارس الملهى الليلي السابق ذو النزعة الفاشية العدوانية أفيغدور ليبرمان يواجه اتهامات بالنصب المالي!
مرور ستين عاما على فرض الكيان الصهيوني لوجوده على أراضي الغير بالقوة المسلحة بدعم أميركي وأوروبي لا يعني أننا أمام كيان شرعي بالأمر الواقع، بل غير شرعي بالاغتصاب والاحتلال والعدوان بالمخالفة للقانون الدولي.
وسعي الغاصبين الصهاينة لإقامة كيانهم على أساس ديني كدولة يهودية، بما يحرم المواطنين العرب الفلسطينيين المسلمين والمسيحيين أصحاب الأرض الشرعيين من حقوقهم الوطنية والقومية والدينية في وطنهم، يعني أننا أمام كيان عنصري يقوم على التطهير الديني والقومي لغير اليهود في فلسطين المحتلة بما يشكل جريمة يعاقب عليه القانون الدولي، وتهجير المواطنين العرب إلى خارج قراهم ومدنهم ووطنهم الفلسطيني بالإرهاب في عموم فلسطين وبهدم بيوتهم في القدس.
وتدمير المقومات الأساسية لحياتهم ومحاولة طمس الهويات الثقافية لهذا الشعب، هي نوع من جريمة الإبادة الجماعية حسب تعريف اليهود أنفسهم، والتي هي أخطر الجرائم في القانون الدولي، وحروبهم العدوانية التي تستهدف تدمير البنى الأساسية والقتل بالجملة دون تمييز بين العسكريين والمدنيين، والقتل التدريجي للسكان المدنيين في غزة بالتجويع بالحصار ومنع الغذاء والدواء والوقود هي جرائم وحشية مخالفة للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي.
وبالتالي فلا غرابة أن يؤكد ريتشارد فولك مبعوث الأمم المتحدة الخاص بأوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة في تقريره إلى المجلس العالمي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قبل أيام، أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة على مدى 22 يوما أوائل العام الحالي، هي حرب غير مشروعة.
ولا غرابة كذلك في تأكيد التقرير لانتهاك إسرائيل للقانون الدولي مرتين بالقول إن المسألة الأساسية هي دخول قواتها إلى غزة، وإن هذا العمل في حد ذاته مناف للقانون وقد يرقى إلى مستوى جريمة حرب بالإضافة إلى ما تلا ذلك من استخدامها للقوة المفرطة ضد الفلسطينيين.. ولا في تأكيده أن قيام إسرائيل بشن هجمات عسكرية، مع استحالة تمييزها بين العسكريين والمدنيين الفلسطينيين، هو عمل غير قانوني ويرقى إلى درجة جريمة الحرب.
ولاغرابة في اتهام فولك لإسرائيل بانتهاك القانون الدولي أيضا بسبب الحصار اللا إنساني على قطاع غزة مطالباً برفعه باعتباره انتهاكا لاتفاقية جنيف، ولا في دعوته الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق مستقل لمعرفة من الذي ارتكب جرائم حرب في تلك الحرب، حماس أم إسرائيل؟!
كما لا غرابة في منع إسرائيل المبعوث الأممي فولك من دخول الأراضي الفلسطينية للقيام بتحقيقاته الدورية حول أوضاع حقوق الانسان.. لكن الغرابة كل الغرابة في قدرة من يمارسون الإجرام في فلسطين والعراق، في تل أبيب وداعميهم في واشنطن على اتهام هذا التقرير الحقوقي الأممي بكل بجاحة بالتحيز!