عصام المطري
لا يختلف عاقلان على أن الثقافة هي المدد الفكري والروحي للآدمية جمعاء، وهي الإطار المستوعب للعادات والتقاليد وإليها يعزى سر التقدم أو الانحطاط في جميع مجالات الحياة الهامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والعسكرية والتربوية والتعليمية والإعلامية وغيرها الكثير من مجالات الحياة المتعددة والمتنوعة، فالثقافة هي الغذاء الجامع وهي المصباح الكشاف ويتردد نهوض الأمم والشعوب بمقدار الثقافة التراكمية فحظ الأوطان والأقطار الإسلامية والعربية من الثقافة ضئيلاً، فهناك أمية الحرف وهنالك الأمية الثقافية فجميعنا عايش المشهد الثقافي الوطني الذي يفتقر لأصول الثقافة ومنطلقاتها الحيوية الهامة، فنحن في هامش ثقافي وليس هنالك اهتمام بالمثقف والمثقفين والمكتبات العامة محدودة والإطلاع ليس عندها بنظام الاستعارة، فمشكلات المثقف اليمني جد كثيرة، فصعوبة المعيشة صرفت الناس عن الانشغال بالثقافة والعلم ذلكم لأن الإنسان يجري على بطنه الذي ما ملأ وعاء شر منه لذلك ترى عزوف الشباب عن متابعة المجلات والصحف والدوريات فضلاً عن أمهات الكتب لأنهم وببساطة مشغولون بملأ كروشهم والكد على أسرهم حيث يعج اليمن بالبطالة عجاً ومن الصعب الحصول على عمل يسد الرمق ويعف الإنسان دون مسألة الآخرين وهذا هو المشهد الثقافي.
* ثم إن المؤسسات الثقافية مهملة ولم تجد وزارة الثقافة الوسيلة لتحريك تلك المؤسسات سواء الخاصة أو الأهلية أو الرسمية، والنشاط الثقافي والعلمي في مدارسنا وجامعاتنا محدود للغاية، فلا نشاط ثقافي يذكر ولا تجديد ولا تغيير في المشهد الثقافي الأمر الذي جعل من العطاء الثقافي في الجمهورية اليمنية راكداً ولا يقدم أية حلول للمشهد الثقافي وأزمته المعاصرة، ولأن الثقافة في بلادي قد وصلت إلى هذا الحد فإن من متطلبات النهوض الثقافي مساعدة المؤسسات الثقافية للخروج من الأزمة الراهنة مساعدة كبيرة والتوصل إلى استراتيجية وطنية ثقافية تصنع الأسس والمعايير والضوابط عن الثقافة الوطنية الراشدة فضلاً عن تقديم الثقافة الوطنية تقديماً مناسباً يحظى باهتمام المراقبين والمثقفين العرب.
* ومن متطلبات النهوض الثقافي تحديد منطلقات وأبجديات الثقافة الوطنية وجعلها في سلم الأولويات وإيلائها أهمية بالغة ومن متطلبات النهوض الثقافي إبراز العلاقة بين الثقافة الوطنية والثقافة الإسلامية باعتبار الثانية وعاء التطور وتجدد الأولى وهي الخط الأساسي فيها وإليها يعزى سر النجاح أو الفشل الثقافي وتحديد الصلة التي يمكن أن تتفاعل معها الثقافة الوطنية مع الثقافة الإسلامية، فثقافتنا الوطنية هي في الأصل ثقافة إسلامية راشدة ومنها استمدينا وعينا الثقافي فلا مجال للعلمانية إنما هي الثقافة الإسلامية الراشدة الموحدة لهذا الكم من الثقافات الوطنية الراشدة فحظنا من الثقافة الإسلامية كثير جداً وللغاية زد على ذلك ومن متطلبات النهوض بالعمل الثقافي إيلاء وزارة الثقافة اهتماماً بالغاً وإيلاء الثقافة عموماً أهمية بالغة من أجل الرفع من معنويات العاملين وتحسين دخولهم المعيشية من أجل أن يقوموا بمهامهم وواجباتهم على أكمل وجه.
* تلكم في اعتقادي هي أهم متطلبات النهوض بالثقافة في الجمهورية اليمنية ونحن في أمس الحاجة إلى تفاعل كبير بين الثقافة والمثقفين من أجل حصول الفائدة وتحقيق تطلعات وطموحات الأمة اليمنية فلا ثقافة عندنا تذكر في الهامش وليس لها تأثير يذكر فعلينا مضاعفة الجهود من أجل الرقي بالعمل الثقافي قدماً إلى الأمام وتحقيق ما يمكن تحقيقه من سؤدد ومجد علماً بأن المدخل إلى الحضارة هي الثقافة بأبعادها المختلفة فالثقافة تلعب دوراً بارزاً وعظيماً في الرقي الحضاري وإليها يعزى السر في التقدم والتطور الحضاري المشهور.
* فلنشمر السواعد من أجل التوصل إلى استراتيجية وطنية ثقافية تعبر عن هوية الشعب اليمني البطل وتضع حداً للقرصنة الثقافية في هذا الإطار ولنرفع معنوياتنا حيث أنه باستطاعتنا تقديم ثقافة وطنية راشدة مستمدة من الثقافة الإسلامية والله المستعان.<