بقلم :احمد عمرابي
أخيراً توافق قادة غالبية الأحزاب الإسرائيلية على تشكيل حكومة وحدة وطنية تقوم على أجندة «ويل للفلسطينيين». ويتساءل صائب عريقات أحد كبار مساعدي رئيس السلطة الفلسطينية: متى يتبلور توافق للفصائل الفلسطينية لإنشاء حكومة وحدة وطنية مضادة استعداداً لتلبية متطلبات مرحلة جديدة من النضال الوطني ضد الاحتلال؟ إنه سؤال منطقي.
لكن هل يعني عريقات أن حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية المنشودة يجب أن تقوم على قاعدة المقاومة المسلحة كما يتطلب الظرف الجديد؟ تحدث عريقات عن احتمالات التفاوض مع حكومة نتانياهو المرتقبة التي تجمع عناصر التطرف الأقصى بأشكاله الدينية والعلمانية فقال وكأنه يملي شروطاً مسبقة:
لن يكون هناك تفاوض مع أية حكومة إسرائيلية إلا على أساس وقف الاستيطان والموافقة سلفاً على «حل الدولتين» والاستعداد لمناقشة قضايا المصير النهائي القدس والحدود وعودة اللاجئين والسيطرة على مصادر المياه، لكن لماذا يبدو عريقات وكأنه ينتظر سماع إفادات إسرائيلية أصبحت معلومة لدى العالم بأسره منذ أن أسفرت معركة الانتخابات الإسرائيلية عن فوز الليكود. . حزب التطرف المعلن ومعه الأحزاب الدينية شديدة التعصب.
فقد أفادت النتائج على هذا النحو إسقاط مبدأ «الأرض مقابل السلام» الذي يرفضه الليكود بزعامة نتانياهو. باختصار. . فإن المشهد السياسي الإسرائيلي الراهن واضح تمام الوضوح يعكس تبلور جبهة عريضة من أحزاب يؤمن كل منها بأن الأرض الفلسطينية ليست واقعة تحت «الاحتلال» لأنها في حقيقة الأمر، تابعة للسيادة الإسرائيلية الأبدية، وإذن فإنه لا معنى للتفاوض مع الفلسطينيين حول ما يطلق عليه قضايا الوضع النهائي.
ما يدعو إلى الأسف هو المشهد السياسي الفلسطيني. وأول معالم هذا المشهد المؤسف أنه ينطوي على سخرية. فالعقبة الكداء في مسار الحور الفلسطيني هو إصرار قيادة فصيل «فتح» على حركة «حماس» بأن تعترف بإسرائيل من قبيل الالتزام الواجب باتفاق أوسلو.
ووجه السخرية هو ان قيادات الحكم الجديدة في إسرائيل وعلى رأسها نتانياهو ألغت من أجندتها اتفاق أوسلو نهائياً باعتبار انه انطوى على «تنازل» إسرائيلي للجانب الفلسطيني، وحتى قبل ان تفرغ قيادات الأحزاب الإسرائيلية المؤتلفة من تفاصيل التشكيل الحكومي فإنها شرعت في تنفيذ أجندتها، فقد جرى إبرام اتفاق على بناء مستوطنة جديدة قرب القدس تحوي 3500 وحدة سكنية.
وما خفي كان أعظم. لا ندري ما سينتهي إليه حوار الفصائل الفلسطينية بشأن مشروع حكومة الوحدة الوطنية والشروط اللازمة لإنشائها. لكن أصبح من المؤكد انه بالنظر إلى الوضع الجديد في إسرائيل لم يعد الوصول إلى اتفاق الفلسطينيين موضع جدل تنظيري وإنما صار مسألة حياة أو موت. <