حسان الحجاجي
إذ لم يعد منطقاً أن أقول مجازاً بأن أفئدة وأبصار الشعب العربي شاخصة صوب سماء العاصمة القطرية الدوحة لمعرفة ما ستخرج به قمة "الحكام" من قرارات ينبغي أن تكون مصيرية وبحجم التحديات والمخاطر التي تهدد كيان الأمة وهويتها وسيادتها؛ لأن الشعوب العربية لم تعد تثق ولو نسبياً بحكامها بعد أن تخلى الحكام عن مسؤولياتهم تجاه شعوبهم وأمتهم منذ ما يزيد عن نيف من الزمن، فالأحداث وحالات الإذلال التي تعرضت لها هذه الأمة في السنوات الماضية وكان آخرها العدوان الصهيوني على قطاع غزة ومذكرة الاعتقال من محكمة الجنايات الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير كشفت مدى الإفلاس السياسي للأنظمة السياسية ومدى عجزها عن توظيف الطاقات الهائلة والخيرات التي تمتلكها هذه الأمة لخدمة السيادة العربية وبما يحفظ حقوقها وكيانها وهويتها.
لذلك فإن رؤى الشعب العربي في كل الأقطار تسير في ثلاثة اتجاهات بين واهم في تفائله حد الشطط في أن قمة اليوم ستعيد العمل العربي إلى المسار الذي ينبغي أن يكون عليه وبين حاكم بأن يقف الحكام أمام قضايانا بواقعية وإن لم يخرجوا بقرارات ترتقي إلى مستوى الطموح، في حين نجد أصحاب الرؤية الثالثة وصل بهم اليأس وعدم الثقة في القادة العرب حد التمني بأن تهوي بهم طائرة من الجو ليهلك الجميع. . !
اليائسين هؤلاء انطلقوا من قناعات لديهم بأن القادة العرب غير قادرين على بلورة موقف عربي موحد واتخاذ حزمة من المعالجات والقرارات الأمة أحوج ما تكون إليها أكثر من أي وقت مضى كون الحكام لم يتفقوا أصلاً على الحضور للقمة مجتمعين دون أن يتغيب واحد منهم رغم ما بذله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من جهود مصالحة بين الفرقاء من الحكام.
نطمح بالفعل إلى توحيد الصف العربي وترميم العلاقات بين الحكام وهنا أشد\ على ضرورة أن يصلح الحكام أنفسهم في قمة اليوم ويتصالحوا فيما بينهم لنبحث تالياً عن عمل عربي مشترك إذ أنه وغداً انعقاد قمة الدوحة كانت الصحف العبرية سياقة لتقييم القمة ونتائجها المفرغة من محتواها إن كان ثمة نتائج حقيقية، فصحيفة "هارتس" العبرية الصادرة يوم أمس وصفت قمة الدوحة ب "قمة اللاوفاق عربي".
وقال كاتب المقال في الصحيفة العبرية تسفي بارئيل إن قمة الدوحة المنعقدة اليوم تبدو مثل قطعة الأحجية الفسيفسائية التي يسعى اللاعبون لتركيبها في صورة كاملة ذهب كاتب المقال لكي يثبت أنها قمة اللاوفاق عربي بأن تطرق إلى النزاع بين قطر الدولة المضيفة مع مصر وإن الأردن يستشيط غضباً على قطر بسبب أداء قناة الجزيرة الأخبارية ويبدو أن كاتب المقال في هارتس انطلق من قناعة راسخة بأن ينفرط العقد في قطر رغم سعي الحكام لتكون قمة المصالحة العربية.
ومما سبق أرجو أن يقف الحكام العرب ورؤساء الوفود المجتمعون في الدوحة اليوم أمام مسؤولياتهم التاريخية والأخلاقية ووضع مصالح الأمة في سلم أولويات المرحلة بعيداً عن الحسابات السياسية إقليمية كانت أم دولية فالمداهنة لم تأتي بأكل وثبت بالتجربة أن التنازلات في المسائل الصغيرة كانت تنسحب على قضايا كبيرة ومصيرية ما فتح الأبواب مشرعة لاستضعافنا من جميع الأمم وإذلالنا من أناس خانوا عهودهم مع أنبيائهم فأني يوفوا بها معنا، وعشنا على وهم سوقه كبراء القوم وعشنا عليه سنين لتفيقنا مجازر غزة التي نجا مجرموها مما تسمى بمحكمة الجنايات الدولية ليكون الرئيس البشير كبش فداء جديد حيث أرادت قوى الهيمنة والاستعمار أن تستخدم محكمة "الإجرام الدولي" وليس الجنايات لجر قائد عربي جديد ذنبه أنه لم يخضع لمجرمي العصر. <
