عبدالباسط الشميري
منذ زمن بعيد ونحن نراقب القمم العربية التي لم ولن تأتي بجديد طالما والعقلية العربية على حالها لم تتغير، ثم كيف لها أن تتغير والوجوه ذاتها التي دأبت على افتعال الأزمات والتحجج بالخلافات وحقيقة لقد أصبت بالدوار والصداع عندما تابعت مقالاً لأحد الصحفيين الصهاينة في صحيفة "هارتس" الصهيونية وهو يتناول الشأن العربي ويقوم بعملية جرد حساب لمواقف الدول العربية بل وأخذ الرجل يعيد فرز مواقف الدول العربية وبصورة استفزتني لقد ذهلت من الموضوع ليس لأن الرجل محنكاً وإلى هذه الدرجة التي دفعتني للخوض فيما خاض فيه الرجل لكن ما ساءني هو هذا الإلمام الغريب والعجيب بمواقف وسياسات القادة العرب وإلى درجة أنه أي الكاتب الصهيوني أخذ في إعادة تقسيم الدول العربية إلى كنتونات صغيرة كل "4" أو "5" دول في خانة ومواقف، وحسب اعتقادي أن وصولنا كعرب إلى هذا المستوى السخيف من الانحطاط أدى بدوره إلى أن تكشفت سوءتنا للقريب والبعيد وبدت معها صورة العربي مشوهة بل مطموسة ولا يعيرها الآخر أية قيمة أو أهمية ويبدو لي أننا إذا ما قسنا المشهد والواقع بما يعتمل فالصورة التي وصلنا إليها لا تختلف كثيراً عن حالة ووضع العربي المواطن والقائد والمثقف والسياسي ورجل الشارع العادي، الفوضى والعشوائية والارتجال والعنترية المفرطة في القول والفعل غدت ملازمة لسلوكنا وتصرفاتنا وكنت وحتى قريب أظن أن الحالة النرجسية والشعور بالعظمة هي حالة تلازم قليلاً من أبناء البشر ولا يمكن بأية حال من الأحوال أن تتحول إلى موضة يمارسها الكبير والصغير المسؤول وغير المسؤول المثقف و"المشقدف" في هذه البقعة الجغرافية من العالم المعاصر لكن ومن خلال متابعتي لجلسات قمة الدوحة اكتشفت وبدون عناء كبير أننا أمام حالة مرضية متأصلة لن يكون بمقدورنا التخلص منها إلا بعد حين قد تطول الفترة وربما تذهب بنا الأحداث والمشاهد وإلى أبعد من ذلك لكن إذا ما أخذنا في الاعتبار أن عدم احترام المرء لنفسه ولذاته يولد مزيداً من الصعاب والمآسي ويبدو أن العرب بعموم ألوانهم وأشكالهم وبمختلف توجهاتهم قد فضلوا السقوط والانهيار والموت البطيء على النهوض ونفض غبار الماضي وتجاوز السلبي، بل أظن أن عرب اليوم يفضلون البقاء عند دائرة التهميش خصوصاً وأنه لم يعد بمقدورهم حتى الاتفاق على مواجهة العدو على اعتبار أن هذا العدو يريد الفتك بهم جميعاً بدون استثناء ورغم ذلك نرى منهم من يتودد للعدو ويسعى إلى إرضاء الأعداء على حساب الأشقاء بل ومن العرب من يرى أن بعض الأشقاء هم أخطر عليه من الأعداء وهنا الطامة الكبرى بل أم الكبائر، هذا في الوقت الذي كانت أنظار الشعوب تقف وتنظر إلى الدوحة وقمتها بعيون وأحداق كلها أمل وترقب لعل وعسى لكن وقد بان المخفي وانكشف المستور يا ترى هل لا زال هناك من الناس من يعقد الآمال على القمة العربية لتحقق الاعجاز؟
نظن أن الأمل لا زال ممكناً أو هكذا دعونا نتخيل ونحلم ولو لساعات قليلة ولله الأمر من قبل ومن بعد والله المستعان!. <
abast 66 @ hotmail. com