محمد أمين الداهية
البعض من الناس تجده قد أهل نفسه تأهيلاً جيداً في مجال الإقناع والظهور بالشخصية البريئة الغيورة في الوقت نفسه على الآخرين .. مثل هؤلاء الناس منهم من يمتلك قدرات ذاتية ومنهم من كان غبياً للغاية إلا أنه يعمل جاهداً على تأهيل نفسه في مدرسة المكر والخداع، ولأنه وبسبب فشله في حياته اليومية تجد الرغبة لديه قوية لفهم أساليب المكر والخداع ولذلك ينجح وبامتياز، فالاحتيال الراقي يمارسه أشخاص ذو مظهر لائق وأخلاق خارجية طيبة تنبع من اللسان، فيمارس هؤلاء الأشخاص النصب والاحتيال على الضحايا المساكين الذين يأملون فيهم خيراً لإنجاز معاملة ما أو وظيفة أو غير ذلك، فأنا أعرف شخصياً أكثر من سبعة أشخاص وقعوا ضحايا لهذا النوع من الاحتيال الراقي، ولأن الأشخاص وقعوا ضحايا لهذا النوع من النصب يستطيعون إقناع ضحاياهم بجديتهم في منفعة وقضاء حاجة من يسعى إليهم، فلا يشعر الإنسان المعامل والذي يستجدي خيراً بهذا الشخص الماكر أنه قد وقع ضحية مكر وخداع إلا في وقت متأخر جداً وبعد أن خسر كل ما لديه تقريباً، إذاً هل نستطيع القول لمثل هؤلاء الناس من ضحايا الاحتيال الراقي "القانون لا يحمي مغفلين؟!" أم كيف يمكننا أن ننجح في إيصال رسالة ناجحة إلى جميع أفراد المجتمع وتنبيههم من هؤلاء المخادعين مصاصي الدماء الذين لا يراعون إلاً ولا ذمة؟ وهل يا ترى "الرشوة" لها علاقة بأن يقع بعض الناس ضحايا للخداع والابتزاز بسبب معرفة هؤلاء الناس من المعاملين أو من يبحثون عن وظيفة أن قضاء الحاجة وفي الغالب أصبحت لا تتم إلا بملئ البطون ويعملون بالمثل القائل: "أشبع البطن يعرق أو يستحي الوجه"؟ وهل من المعقول أن يكون الحياء سبباً في إنجاز معاملات الآخرين أم أن الحقيقة تكمن في القول الدارج "مغرغره"؟ المهم أن مجتمعنا يعاني سلبيات عديدة عواقبها وخيمة، وإذا لم يتم تلاشي هذه السلبيات والعمل بجد على ضبط النصابين والمحتالين وبالذات أولئك الذين يلبسون البدلات الفارهة ويستغلون مظهرهم في خداع الناس والضحك عليهم ويشمرون سواعدهم المشبوهة للبطش بالمساكين الذين لا يملكون إلا أن يثقوا بهم وبالذات عند الحاجة فكما قال المثل: "الغريق يشبح بقشايه"، إذا لم يتم ضبط هؤلاء وإذا لم يتم الحد من عملية الرشوة وإذا أهملت وسائل الإعلام مثل هذه القضايا المجتمعية الغاية في الأهمية فلا غرابة أن يظل مجتمعنا في ركود أخلاقي واجتماعي مستمر.<